للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نِكَاحُ الْعَبْدِ (ص) : (مَالِكٍ أَنَّهُ سَمِعَ رَبِيعَةَ بْنَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَقُولُ يَنْكِحُ الْعَبْدُ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ قَالَ مَالِكٌ وَهَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْت فِي ذَلِكَ) .

ــ

[المنتقى]

الْقُرْآنُ فَلَا حَدَّ عَلَى مَنْ أَتَاهُ رَجُلٌ عَالِمًا عَامِدًا وَإِنَّمَا فِيهِ النَّكَالُ، وَكُلُّ نِكَاحٍ حَرَّمَهُ الْقُرْآنُ أَتَاهُ عَالِمًا عَامِدًا فَعَلَيْهِ الْحَدُّ قَالَ وَهَذَا الْأَصْلُ الَّذِي عَلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَعِنْدِي أَنَّ مَا حَرَّمَتْهُ السُّنَّةُ وَوَقَعَ الْإِجْمَاعُ وَالْإِنْكَارُ عَلَى تَحْرِيمِهِ يَثْبُتُ فِيهِ الْحَدُّ كَمَا يَثْبُتُ فِيمَا حَرَّمَهُ الْقُرْآنُ قَالَ وَاَلَّذِي عِنْدِي فِي ذَلِكَ أَنَّ الْخِلَافَ إذَا انْقَطَعَ وَوَقَعَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَحَدِ أَقْوَالِهِ بَعْدَ مَوْتِ قَائِلِهِ وَقَبْلَ رُجُوعِهِ عَنْهُ فَإِنَّ النَّاسَ مُخْتَلِفُونَ فِيهِ فَذَهَبَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ إلَى أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ الْإِجْمَاعُ بِمَوْتِ الْمُخَالِفِ فَعَلَى هَذَا حُكْمُ الْخِلَافِ بَاقٍ فِي حُكْمِ قَضِيَّةِ الْمُتْعَةِ وَبِذَلِكَ لَا يُحَدُّ فَاعِلُهُ وَقَالَ جَمَاعَةٌ إنَّهُ يَنْعَقِدُ الْإِجْمَاعُ بِمَوْتِ إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ فَعَلَى هَذَا قَدْ وَقَعَ الْإِجْمَاعُ عَلَى تَحْرِيمِ الْمُتْعَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ قَائِلٌ بِهِ فَعِنْدِي هَذَا يُحَدُّ فَاعِلُهُ وَهَذَا عَلَى قَوْلِنَا إنَّهُ لَمْ يَصِحَّ رُجُوعُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْهُ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَنْعَقِدْ الْإِجْمَاعُ عَلَى تَحْرِيمِهِ أَنَّهُ يَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ وَلَوْ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ بِتَحْرِيمِهِ وَأَتَاهُ أَحَدٌ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ لَوَجَبَ أَنْ لَا يَلْحَقَ بِهِ الْوَلَدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ لَوْ كُنْت أَعْلَمْت النَّاسَ بِرَأْيِي فِي ذَلِكَ مِنْ تَحْرِيمِهِ وَوُجُوبِ الْحَدِّ عَلَى مَنْ أَتَاهُ لَأَقَمْت الْحَدَّ فِيهِ بِالرَّجْمِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ لَا تَجْرِي عِنْدَ الْخِلَافِ إلَّا عَلَى مَا رَآهُ الْإِمَامُ الَّذِي يَحْكُمُ فِي ذَلِكَ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ مِنْ النَّصِّ أَوْ وَجْهِ التَّأْوِيلِ مَا يَمْنَعُ قَوْلَ الْمُخَالِفِ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

[نِكَاحُ الْعَبْدِ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ]

(ش) : قَوْلُهُ يَنْكِحُ الْعَبْدُ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ يُرِيدُ أَنَّ هَذَا الْعَدَدَ مُبَاحٌ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُنَّ كَالْحُرِّ وَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِ ذَلِكَ لِلْحُرِّ وَهَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ لِلْعَبْدِ أَمْ لَا قَالَ مَالِكٌ بِجَوَازِهِ وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ إنَّا لَنَقُولُ ذَلِكَ وَمَا أَدْرِي مَا هَذَا.

وَرَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ لَا يَتَزَوَّجُ الْعَبْدُ إلَّا اثْنَيْنِ وَبِهِ قَالَ اللَّيْثُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَابْنُ حَنْبَلٍ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ قَوْله تَعَالَى {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: ٣] وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ فَإِنْ قِيلَ فَإِنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ {مَا طَابَ لَكُمْ} [النساء: ٣] مَا حَلَّ لَكُمْ فَبَيِّنُوا أَوَّلًا أَنَّ الْمُمَاثَلَةَ حَلَالٌ لِلْعَبِيدِ حَتَّى يَثْبُتَ بِتَأْوِيلِ الْآيَةِ لَهُ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْخِطَابَ عَامٌّ فِي مُوَاجَهَةِ الْأَحْرَارِ وَالْعَبِيدِ فَإِذَا قَالَ لَهُمْ فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَقَدْ بَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ الَّذِي يَطِيبُ وَيَحِلُّ هُوَ مَثْنَى وَثُلَاثُ وَرُبَاعُ وَجَوَابٌ ثَانٍ وَهُوَ أَنَّ لَفْظَةَ الطَّيِّبِ أَبْيَنُ فِي اللَّذَّةِ وَمَا يَشْتَهِيهِ الْإِنْسَانُ لَا سِيَّمَا إذَا أُضِيفَ ذَلِكَ إلَى الْمُسْتَطِيبِ فَقِيلَ لَهُ افْعَلْ مَا طَابَ لَك فَإِذَا أُطْلِقَ وَلَمْ يُضَفْ إلَى الْمُكَلَّفِ جَازَ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْإِبَاحَةُ عَلَى وَجْهِ الْمَجَازِ وَلَوْ جَازَ حَمْلُهُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ مَعَ الْإِضَافَةِ لَكَانَ فِيمَا قُلْنَا أَظْهَرُ فَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْخِطَابَ مُتَوَجِّهٌ إلَى الْأَحْرَارِ دُونَ الْعَبِيدِ لِأَنَّ نَفَقَاتِ زَوْجَاتِ الْعَبِيدِ عَلَى سَادَاتِهِمْ وَهُوَ تَعَالَى يَقُولُ {ذَلِكَ أَدْنَى أَلا تَعُولُوا} [النساء: ٣] مَعْنَاهُ يَكْثُرُ عِيَالُكُمْ وَيَشُقُّ الْإِنْفَاقُ عَلَيْكُمْ كَذَلِكَ فَسَّرَهُ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ فَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ اعْتَبَرَ بِهِ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ وَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ بَلْ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ عَالَ يَعُولُ إذَا كَثُرَ عِيَالُهُ وَإِنَّمَا يُقَالُ مِنْ ذَلِكَ أَعَالَ يُعِيلُ إذَا كَثُرَ عِيَالُهُ وَإِنَّمَا يُقَالُ عَالَ يَعُولُ إذَا مَالَ وَعَالَتْ الْفَرِيضَةُ تَعُولُ إذَا زَادَ حِسَابُهَا وَالْعَوْلُ قُوتُ الْعِيَالِ وَهُوَ مَا يُعَالُونَ بِهِ وَالْعَيْلَةُ الْحَاجَةُ يُقَالُ مِنْهُ عَالَ يُعِيلُ إذَا افْتَقَرَ.

وَاَلَّذِي قَالَ بِهِ جَمَاعَةُ أَهْلِ التَّفْسِيرِ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ أَنْ لَا تَعُولُوا أَنْ لَا تَمِيلُوا كَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةَ وَمُجَاهِدٍ وَالْحَسَنِ وَالنَّخَعِيِّ وَالشَّعْبِيِّ وَقَتَادَةَ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَغَيْرِهِمْ وَأَنْشَدُوا بَيْتَ أَبِي طَالِبٍ

بِمِيزَانِ قِسْطٍ لَا يَخُسُّ شَعِيرَةً ... وَوَزَّانِ صِدْقٍ وَزْنُهُ غَيْرُ عَائِلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>