للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ خَوْلَةَ بِنْتَ حَكِيمٍ دَخَلَتْ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقَالَتْ إنَّ رَبِيعَةَ بْنَ أُمَيَّةَ اسْتَمْتَعَ بِامْرَأَةٍ مُوَلَّدَةٍ فَحَمَلَتْ مِنْهُ فَخَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَزِعًا يَجُرُّ رِدَاءَهُ فَقَالَ هَذِهِ الْمُتْعَةُ لَوْ كُنْت تَقَدَّمْت فِيهَا لَرَجَمْت) .

ــ

[المنتقى]

لِقَوْلِ عَلِيٍّ لَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ إنْ وَقَعَ يُفْسَخُ زَادَ الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْهَا وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي فَسَادَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّهُ عَقْدُ نِكَاحٍ فَسَدَ بِعَقْدِهِ فَوَجَبَ أَنْ يُفْسَخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ كَالنِّكَاحِ بِغَيْرِ وَلِيٍّ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ تَزَوَّجَ رَجُلٌ امْرَأَةً عَلَى أَنْ يَأْتِيَهَا نَهَارًا وَلَا يَأْتِيَهَا لَيْلًا فَقَدْ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ وَلَا أُحَرِّمُهُ فَإِنْ وَقَعَ فَقَدْ رَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ.

وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ وَجْهُ الْمَنْعِ فِي ذَلِكَ أَنَّ فِيهِ شَيْئًا مِنْ الْمُتْعَةِ وَذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ دَخَلَ مُدَّةَ النِّكَاحِ التَّحْدِيدُ وَذَلِكَ يُؤَثِّرُ فِي فَسَادِهِ وَوَجْهٌ ثَانٍ وَهُوَ أَنَّهُ قَدْ شَرَطَ فِي النِّكَاحِ ضِدَّ مُقْتَضَاهُ لِأَنَّ مُقْتَضَاهُ تَأَبُّدُ الْمُوَاصَلَةِ وَاسْتِكْمَالُ مِلْكِهِ عَلَى مَنْفَعَةِ الْبُضْعِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَ مَا يَمْنَعُ ذَلِكَ وَلِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِلْمَرْأَةِ زَوْجَانِ وَإِنَّمَا قُلْنَا يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ لِأَنَّ الْفَسَادَ فِي الْعَقْدِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَيَجِبُ لَهَا بِالْبِنَاءِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ مَهْرُ الْمِثْلِ وَعِنْدَ مُحَمَّدِ بْنِ الْمَوَّازِ الْمُسَمَّى وَبِهِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ وَهُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّ الْفَسَادَ فِي الْعَقْدِ دُونَ الْمَهْرِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً لَا يُرِيدُ إمْسَاكَهَا إلَّا أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَسْتَمْتِعَ بِهَا مُدَّةً ثُمَّ يُفَارِقَهَا فَقَدْ رَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ مَالِكٍ ذَلِكَ جَائِزٌ وَلَيْسَ مِنْ الْجَمِيلِ وَلَا مِنْ أَخْلَاقِ النَّاسِ وَمَعْنَى ذَلِكَ مَا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ: إنَّ النِّكَاحَ وَقَعَ عَلَى وَجْهِهِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ شَيْئًا وَإِنَّمَا نِكَاحُ الْمُتْعَةِ مَا شُرِطَتْ فِيهِ الْفُرْقَةُ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةٍ قَالَ مَالِكٌ وَقَدْ يَتَزَوَّجُ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ عَلَى غَيْرِ إمْسَاكٍ فَيَسُرُّهُ أَمْرُهَا فَيُمْسِكُهَا وَقَدْ يَتَزَوَّجُهَا يُرِيدُ إمْسَاكَهَا ثُمَّ يَرَى مِنْهَا ضِدَّ الْمُوَافَقَةِ فَيُفَارِقُهَا يُرِيدُ أَنَّ هَذَا لَا يُنَافِي النِّكَاحَ فَإِنَّ لِلرَّجُلِ الْإِمْسَاكَ أَوْ الْمُفَارَقَةَ وَإِنَّمَا يُنَافِي النِّكَاحَ التَّوْقِيتُ.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ خَوْلَةَ بِنْتَ حَكِيمٍ دَخَلَتْ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقَالَتْ إنَّ رَبِيعَةَ بْنَ أُمَيَّةَ اسْتَمْتَعَ بِامْرَأَةٍ مُوَلَّدَةٍ فَحَمَلَتْ مِنْهُ فَخَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَزِعًا يَجُرُّ رِدَاءَهُ فَقَالَ هَذِهِ الْمُتْعَةُ لَوْ كُنْت تَقَدَّمْت فِيهَا لَرَجَمْت) .

(ش) : قَوْلُهُ فَخَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَزِعًا يَجُرُّ رِدَاءَهُ يُرِيدُ أَنَّهُ عَظَّمَ هَذَا الْأَمْرَ وَاسْتَشْنَعَ أَنْ يَقَعَ مَا تَقَدَّمَ فِيهِ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْمَنْعِ وَالتَّحْرِيمِ فَأَعْجَلَهُ ذَلِكَ عَلَى أَنْ يَهْتَبِلَ بِأَمْرِ رِدَائِهِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " هَذِهِ الْمُتْعَةُ " يُرِيدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ الْمُتْعَةَ الَّتِي نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْهَا وَلَوْ كُنْت تَقَدَّمْت فِيهَا لَرَجَمْت يُرِيدُ: أَعْلَمْت النَّاسَ إعْلَامًا شَائِعًا بِمَا أَعْتَقِدُ فِي ذَلِكَ وَآخُذُ بِهِ مِنْ التَّحْرِيمِ حَتَّى لَا يَخْفَى ذَلِكَ عَلَى مَنْ فَعَلَهُ فَيَكُونَ الْمُتَمَتِّعُ مُقْتَحِمًا لِلتَّحْرِيمِ فَأَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّهُ مَنْ جَهِلَ التَّحْرِيمَ وَكَانَ الْأَمْرُ الْمُحَرَّمُ مِمَّا لَا يُمْكِنُ أَنْ يَخْفَى مِثْلُهُ وَلَا يُعْلَمُ عِلْمُهُ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ فِيهِ إبَاحَةٌ فَإِنَّهُ يُدْرَأُ فِيهِ الْحَدُّ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَدْ عَلِمَ بَعْضَ الْخِلَافِ مِنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ فَأَرَادَ بِقَوْلِهِ " لَوْ تَقَدَّمْت فِيهَا " بَيِّنَةَ مَا عِنْدِي فِيهِ مِنْ النَّصِّ الَّذِي لَا يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ فَيَزُولَ الْخِلَافُ " لَرَجَمْت " لِتَقَدُّمِ الْإِجْمَاعِ وَانْعِقَادِهِ فِيهِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَوْ كُنْت تَقَدَّمْت فِيهِ لَرَجَمْت " رَوَى ابْنُ مُزَيْنٍ عَنْ عِيسَى بْنِ دِينَارٍ وَعَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى عَنْ ابْنِ نَافِعٍ أَنَّهُ يُرْجَمُ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ الْيَوْمَ إنْ كَانَ مُحْصَنًا وَيُجْلَدُ مَنْ لَمْ يُحْصَنْ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا رَجْمَ فِيهِ وَإِنْ دَخَلَ عَلَى مَعْرِفَتِهِ مِنْهُ بِمَكْرُوهِ ذَلِكَ وَلَكِنْ يُعَاقَبُ عُقُوبَةً مُوجِعَةً لَا يَبْلُغُ بِهَا الْحَدَّ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ يُدْرَأُ فِيهِ الْحَدُّ وَيُعَاقَبُ إنْ كَانَ عَالِمًا بِمَكْرُوهِ ذَلِكَ وَجْهُ قَوْلِ عِيسَى بْنِ دِينَارٍ وَمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ لِلنَّاسِ وَخَطَبَهُمْ بِهِ وَخُطَبُهُ تَنْتَشِرُ وَقَضَايَاهُ تَنْتَقِلُ وَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَحَدٌ وَلَا حُفِظَ لَهُ مُخَالِفٌ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي مَا احْتَجَّ بِهِ أَصْبَغُ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ مُزَيْنٍ عَنْهُ أَنَّ كُلَّ نِكَاحٍ حَرَّمَتْهُ السُّنَّةُ وَلَمْ يُحَرِّمْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>