للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا جَاءَ فِي النَّرْدِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ مُوسَى بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدِ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ» .

(ص) : (قَالَ يَحْيَى سَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ: لَا خَيْرَ فِي الشِّطْرَنْجِ وَكَرِهَهَا وَسَمِعْته يَكْرَهُ اللَّعِبَ بِهَا وَيَعُدُّهَا مِنْ الْبَاطِلِ وَيَتْلُو هَذِهِ الْآيَةَ {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلا الضَّلالُ} [يونس: ٣٢] .

ــ

[المنتقى]

مَعْنَى الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِمَنْ عَدِمَ النُّبُوَّةَ، أَوْ مِنْ مُقْتَضَى الْبُشْرَى وَأَمَّا فِي الْآخِرَةِ فَمَا تَتَلَقَّاهُمْ بِهِ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ شَدَائِدِ الْقِيَامَةِ مِنْ التَّأْنِيسِ لَهُمْ وَالْبِشَارَةِ قَالَ: اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} [الأنبياء: ١٠٣] .

[مَا جَاءَ فِي النَّرْدِ]

(ش) : قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدِ» النَّرْدُ نَوْعٌ مِنْ اللَّعِبِ مِثْلُهُ شَاغِلٌ وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَقَدْ عَصَى اللَّهَ» أَخْبَرَ أَنَّ مَنْ لَعِبَ بِهَا عَاصٍ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَذَلِكَ يَقْتَضِي النَّهْيَ عَنْ اللَّعِبِ وَهَذَا عَامٌّ فِي اللَّعِبِ بِهَا عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ مِنْ قِمَارٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ مَالِكٍ اللَّعِبُ بِالنَّرْدِ وَلَا بِالشِّطْرَنْجِ حَكَاهُ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ، زَادَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ كَرِهَ مَالِكٌ كُلَّ مَا يُلْعَبُ بِهِ مِنْ النَّرْدِ وَالْأَرْبَعَةَ عَشَرَ وَكَرِهَ الشِّطْرَنْجَ.

وَقَالَ: هِيَ إلْهَاءُ وَشَرٌّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يُلْهِي عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى غَالِبًا وَلِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْ الْمَيْسِرِ يُقْصَدُ بِهِ الْمُبَالَغَةُ فِيمَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهَا مِنْ عَمَلِ دِينٍ وَلَا دُنْيَا، وَقَدْ عَلَّقَ الْبَارِي تَعَالَى تَحْرِيمَ الْخَمْرِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة: ٩١] .

وَمَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ وَالشَّعْبِيِّ وَعِكْرِمَةَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَلْعَبُونَ بِالنَّرْدِ وَأَنَّ الشَّعْبِيَّ كَانَ يَلْعَبُ بِالشِّطْرَنْجِ غَيْرُ ثَابِتٍ، وَلَوْ ثَبَتَ لَحُمِلَ عَلَى أَنَّهُمْ لَمْ يَعْلَمُوا النَّهْيَ وَأَغْفَلُوا النَّظَرَ وَأَخْطَئُوا فِيهِ.

وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَابْنِ شِهَابِ إجَازَةُ اللَّعِبِ بِالنَّرْدِ وَذَلِكَ كُلُّهُ غَيْرُ ثَابِتٍ عَمَّنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَإِنَّمَا هِيَ أَخْبَارٌ يَتَعَلَّقُ بِهَا أَهْلُ الْبَطَالَةِ حِرْصًا عَلَى تَخْفِيفِ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ الْبَاطِلِ، وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ عَنْ أُمِّهِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ بَلَغَهَا أَنَّ أَهْلَ بَيْتٍ فِي دَارِهَا كَانُوا سُكَّانًا فِيهَا عِنْدَهُمْ نَرْدٌ فَأَرْسَلَتْ إلَيْهِمْ إنْ لَمْ تُخْرِجُوهَا لَأُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ دَارِي وَأَنْكَرَتْ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ.

مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ إذَا وَجَدَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِهِ يَلْعَبُ بِالنَّرْدِ ضَرَبَهُ وَكَسَرَهَا) .

(ش) : قَوْلُهَا إنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَتْ لِسُكَّانِ دَارِهَا لَئِنْ لَمْ تُخْرِجُوا النَّرْدَ لَأُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ دَارِي عَلَى مَعْنَى الْمُبَاعَدَةِ لِلَّاعِبِ بِهَا وَتَطْهِيرِ دَارِهَا عَنْ بَاطِلِهَا، وَحَكَى الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُجْلَسَ مَعَ اللَّاعِبِ بِهَا وَيُنْظَرَ إلَيْهَا قَالَ: لِأَنَّ الْجُلُوسَ إلَيْهِمْ وَالنَّظَرَ يَدْعُو إلَى الْمُشَارَكَةِ فِيهَا وَفِي الْعُتْبِيَّةِ سُئِلَ أَيُسَلَّمُ عَلَى اللَّاعِبِ بِهَا؟ فَقَالَ: نَعَمْ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ: لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ الذَّنْبِ الَّذِي يَمْنَعُ السَّلَامَ قَالَ مَالِكٌ هُمْ أَهْلُ السَّلَامِ وَإِذَا بُولِغَ فِي هَذَا ذَهَبَ كُلَّ مَذْهَبٍ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَكْرَهُهَا وَيَضْرِبُ مَنْ وَجَدَ مِنْ أَهْلِهِ يَلْعَبُ بِهَا وَأَمَّا كَسْرُهَا فَعَلَى وَجْهِ الْمَنْعِ مِنْ اتِّخَاذِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا مَنْفَعَةَ فِيهَا وَإِبْقَاؤُهَا دَاعٍ إلَى مُعَاوَدَتِهَا، وَأَمَّا مَنْ ضَرَبَ مَنْ كَانَ يَلْعَبُ بِهَا مِنْ أَهْلِهِ فَعَلَى سَبِيلِ التَّأْدِيبِ وَالزَّجْرِ لَهُمْ عَنْهَا وَيَخُصُّ أَهْلَهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ هُمْ الَّذِينَ عَلَيْهِمْ التَّبَسُّطُ مِنْ التَّأْدِيبِ كَمَا يُؤَدِّبُ الرَّجُلُ وَلَدَهُ وَيَمْنَعُهُ لِذَلِكَ مِنْ مَسَاوِي الْأَخْلَاقِ وَالْأَعْمَالِ السَّيِّئَةِ، وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ مَبْلَغًا يَجِبُ فِيهَا حَدٌّ وَلَا تَعْزِيرٌ يَسْتَوْفِيهِ حَاكِمٌ.

(ش) : وَأَمَّا كَرَاهِيَةُ اللَّعِبِ بِهَا جُمْلَةً فَلَا خِلَافَ عِنْدَ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا لِقِمَارٍ كَانَ أَوْ لِغَيْرِ قِمَارٍ، قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّ اللَّعِبَ بِهَا يُؤَدِّي إلَى الْقِمَارِ أَوْ الْحَلِفِ كَاذِبًا وَتَرْكِ الصَّلَاةِ، وَلَا يُعْتَبَرُ بِقَوْلِ مَنْ قَالَ: إنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>