للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُصَلِّي فِي مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ ثُمَّ يَخْرُجُ فَيَرْكَبُ فَإِذَا اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ أَحْرَمَ) ..

رَفْعُ الصَّوْتِ بِالْإِهْلَالِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ خَلَّادِ بْنِ السَّائِبِ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «أَتَانِي جِبْرِيلُ فَأَمَرَنِي أَنْ آمُرَ أَصْحَابِي أَوْ مَنْ مَعِي أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالتَّلْبِيَةِ أَوْ بِالْإِهْلَالِ يُرِيدُ أَحَدَهُمَا» )

ــ

[المنتقى]

فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَرَأَيْتُك إذَا كُنْت بِمَكَّةَ لَمْ تُهِلَّ حَتَّى يَكُونَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ يَوْمَ مِنًى وَهُوَ ثَامِنُ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ فَكَانَ الصَّحَابَةُ يُهِلُّونَ لِهِلَالِ ذِي الْحِجَّةِ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُؤَخِّرُ إهْلَالَهُ فَإِذَا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ أَهَلَّ وَوَصَلَ خُرُوجَهُ إلَى مِنًى بِإِهْلَالِهِ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ وَأَمَّا الْإِهْلَالُ فَإِنِّي «لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُهِلُّ حَتَّى تَنْبَعِثَ بِهِ رَاحِلَتُهُ» يُرِيدُ أَنَّ تَأْخِيرَهُ الْإِهْلَالَ إلَى يَوْمِ التَّرْوِيَةِ وَتَرْكَ تَقْدِيمِهِ فِي أَوَّلِ الْعَشْرِ لِمَنْ كَانَ مُقِيمًا بِمَكَّةَ مِنْ قَاطِنٍ أَوْ قَادِمٍ مِمَّنْ يُرِيدُ الْإِحْرَامَ مِنْهَا إنَّمَا اخْتَارَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُهِلُّ حَتَّى تَنْبَعِثَ بِهِ رَاحِلَتُهُ مُتَوَجِّهًا وَأَخَذَ فِي فِعْلِ الْحَجِّ فَرَأَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَنَّ إهْلَالَهُ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ حِينَ تَنْبَعِثُ بِهِ رَاحِلَتُهُ مُتَوَجِّهًا إلَى مِنًى أَشْبَهُ بِفِعْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَقْرَبُ إلَى الِاقْتِدَاءِ بِهِ مِنْ الْإِهْلَالِ فِي أَوَّلِ ذِي الْحِجَّةِ وَالْمُقَامِ بِمَكَّةَ إلَى يَوْمِ التَّرْوِيَةِ وَلَعَمْرِي إنَّهُ لَوَجْهٌ حَسَنٌ لِمَنْ كَانَ بِغَيْرِ مَكَّةَ.

وَقَدْ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ فِي مُوَطَّئِهِ عَنْ مَالِكٍ: لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يُهِلَّ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ ثُمَّ يُقِيمَ بِأَرْضٍ يُهِلُّ بِهَا حَتَّى يَخْرُجَ وَرَوَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ.

وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْإِهْلَالَ إنَّمَا هُوَ إجَابَةٌ لِمَنْ دَعَا إلَى الْحَجِّ وَتَلْبِيَتُهُ لِلدَّاعِي، وَلَيْسَ الْمُقَامُ مِنْ جِنْسِ التَّلْبِيَةِ وَلَا مِمَّا يَجِبُ أَنْ يُقْرَنَ بِهَا وَإِنَّمَا يَجِبُ أَنْ يُقْرَنَ بِهَا الْمُسَارَعَةُ بِالْعَمَلِ الَّذِي يُشَاكِلُهَا وَهَذَا كُلُّهُ لِمَنْ كَانَ بِغَيْرِ مَكَّةَ وَأَمَّا مَنْ كَانَ بِمَكَّةَ فَقَدْ اخْتَارَ أَكْثَرُ الصَّحَابَةِ وَالْعُلَمَاءِ الْإِهْلَالَ أَوَّلَ ذِي الْحِجَّةِ وَرَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ.

وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنْ يَسْتَدِيمَ الْمُحْرِمُ الْإِحْرَامَ وَيَأْخُذَ بِحَظٍّ مِنْ الشَّعَثِ عَلَى حَسَبِ مَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ أَحْرَمَ مِنْ مِيقَاتِهِ فَلَمَّا فَاتَ أَهْلَ مَكَّةَ الشَّعَثُ بِقَطْعِ الْمَسَافَةِ عُوِّضُوا مِنْ ذَلِكَ مَسَافَةً مِنْ الزَّمَانِ وَسَيَأْتِي بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَرَوَى أَكْثَرُ الرُّوَاةِ هَذِهِ اللَّفْظَةَ حَتَّى تَنْبَعِثَ بِهِ رَاحِلَتُهُ وَمَعْنَاهُ تَنْبَعِثَ مِنْ الْأَرْضِ لِلْقِيَامِ وَخَالَفَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إدْرِيسَ فَرَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ وَجَمَاعَةٍ مَعَهُ بِلَفْظِ الِاسْتِوَاءِ وَلَيْسَ بِمَحْفُوظٍ.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُصَلِّي فِي مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ ثُمَّ يَخْرُجُ فَيَرْكَبُ فَإِذَا اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ أَحْرَمَ) .

(ش) : قَوْلُهُ كَانَ يُصَلِّي فِي مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ ثُمَّ يَخْرُجُ فَيَرْكَبُ، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ رَوَاحِلَهُمْ كَانَتْ بِقُرْبِ الْمَسْجِدِ بِبَابِهِ وَمَا اتَّصَلَ بِهِ وَبِقُرْبٍ مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ: فَإِذَا اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ أَحْرَمَ وَذَلِكَ مُوَافِقٌ لِمَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْإِهْلَالَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ اسْتِوَاءِ الرَّاحِلَةِ قَائِمَةً لِمَنْ يَرْكَبُهَا مُنَاخَةً.

وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ فَقَالَ فِيهِ فَإِذَا اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ قَائِمًا أَحْرَمَ، وَلَوْ كَانَ مِمَّنْ يَرْكَبُ قَائِمًا عَلَى حَسَبِ مَا يَفْعَلُهُ أَكْثَرُ الْحَاجِّ الْيَوْمَ لَكَانَ إهْلَالُهُ إذَا اسْتَوَى عَلَيْهَا رَاكِبًا.

ص (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ أَهَلَّ مِنْ عِنْدِ مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ حِينَ اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ وَأَنَّ أَبَانَ بْنَ عُثْمَانَ أَشَارَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ) .

(ش) : قَوْلُهُ إنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ أَهَلَّ مِنْ عِنْدِ مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَفِعْلُهُ مَشْهُورٌ وَلَا يَفْعَلُهُ إلَّا عَنْ مُشَاوَرَةِ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ وَمَنْ كَانَ مِثْلَهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ وَقَدْ اُشْتُهِرَ فِعْلُهُ بِذَلِكَ اشْتِهَارَ فِعْلِ الْخُلَفَاءِ بِحَضْرَةِ أَئِمَّةِ الْأَمْصَارِ وَعُلَمَاءِ الْإِسْلَامِ وَلَمْ يُنْكَرْ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَثَبَتَ أَنَّهُ الْمَعْرُوفُ الْمَشْهُورُ.

[رَفْعُ الصَّوْتِ بِالْإِهْلَالِ]

(ش) : قَوْلُهُ أَتَانِي جِبْرِيلُ إخْبَارٌ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ مِمَّا أَتَاهُ بِهِ جِبْرِيلُ وَأَنَّهُ لَمْ يَقْتَصِرْ فِيهِ عَلَى مَا أَدَّاهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>