للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

كُلَّ مَنْ لَزِمَهُ ضَمَانُهُ كَانَ لَهَا مَا ثَبَتَ مِنْ مَالٍ، وَأَمَّا مَا حَدَثَ لَهَا مِنْ وَلَدٍ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هُوَ لِلْمُبْتَاعِ، وَقَالَ أَشْهَبُ هُوَ لِلْبَائِعِ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ نَمَاءٌ مِنْ جِنْسِ الْمَبِيعِ فَأَشْبَهَ الثَّمَنَ، وَوَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّهُ نَمَاءٌ مُنْفَصِلٌ فِي مُدَّةِ الْمُوَاضَعَةِ فَكَانَ لِلْبَائِعِ كَنَمَاءِ الْمَالِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً رَائِعَةً بِالْمُوَاضَعَةِ فِيهَا وَرَضِيَ بِالْحَمْلِ بَعْدَ صِحَّةِ الْعَقْدِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ أَبَاهُ الْبَائِعُ، وَقَالَ سَحْنُونٌ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ كُلَّ عَيْبٍ يَجُوزُ لِلْمُبْتَاعِ الرِّضَا بِهِ بَعْدَ ظُهُورِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الرِّضَا بِهِ قَبْلَ ظُهُورِهِ وَإِسْقَاطُ الْمُطَالَبَةِ كَسَائِرِ الْعُيُوبِ، وَوَجْهُ قَوْلِ سَحْنُونٍ مَا احْتَجَّ بِهِ مِنْ أَنَّ الْمُبْتَاعَ إنَّمَا أَسْقَطَ مَا وَجَبَ لَهُ مِنْ الضَّمَانِ عَلَى الْبَائِعِ لِتَعْجِيلِ الْخِدْمَةِ.

[الْبَابُ السَّادِسُ فِي بَيَانِ مَا تَنْتَقِضُ بِهِ الْمُوَاضَعَةُ] ١

(الْبَابُ السَّادِسُ فِي بَيَانِ مَا تَنْتَقِضُ بِهِ الْمُوَاضَعَةُ) الْمُوَاضَعَةُ تَكُونُ بِأَحَدِ شَيْئَيْنِ بِحَيْضٍ أَوْ شُهُورٍ، فَأَمَّا الْحَيْضُ فَاَلَّذِي يُجْزِئُ مِنْهُ حَيْضَةٌ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّ بِهَا تَحْصُلُ غَلَبَةُ الظَّنِّ بِبَرَاءَةِ الرَّحِمِ وَلَيْسَ يَتَعَلَّقُ بِهَا مَعْنًى مِنْ الْعِبَادَةِ وَلَا حُرْمَةُ الْحُرِّيَّةِ فَلِذَلِكَ لَمْ يُكَرِّرْ الْحَيْضَ فِيهَا تَكَرُّرَهُ فِي الْعِدَّةِ، فَإِنْ كَانَ الِابْتِيَاعُ بَعْدَ ابْتِدَاءِ الْحَيْضَةِ، فَإِنْ كَانَ فِي أَوَّلِ الدَّمِ وَعِظَمِ الْحَيْضَةِ أَجْزَأَ ذَلِكَ مِنْ الْمُوَاضَعَةِ، فَإِنْ كَانَ الِابْتِيَاعُ فِي آخِرِ الْحَيْضَةِ وَبَعْدَ أَنْ ذَهَبَ مُعْظَمُ الدَّمِ لَمْ تَقَعَ بِهِ الْبَرَاءَةُ وَاسْتُؤْنِفَتْ بَعْدَ الْمُوَاضَعَةِ، وَوَجْهُ مَا احْتَجَّ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ مِنْ أَنَّ الرَّحِمَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لَا يَقْبَلُ الْمَنِيَّ بَلْ يَقْذِفُ بِالدَّمِ وَآخِرُ الْحَيْضِ يَقْبَلُ الْمَنِيَّ فَلِذَلِكَ افْتَرَقَا.

(فَرْعٌ) وَكَمْ مِقْدَارُ مَا تَقَعُ بِهِ الْبَرَاءَةُ مِنْ الْحَيْضَةِ الْبَاقِيَةِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إنْ بَقِيَ مِنْهُ مِقْدَارُ مَا يُعْرَفُ أَنَّهُ حَيْضَةٌ أَجْزَأَهُ وَيَحْتَمِلُ قَوْلُهُ هَذَا أَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ إنْ بَقِيَ مِنْهُ مِقْدَارُ أَقَلِّ الْحَيْضِ أَجْزَأَهُ، وَلِذَلِكَ قَالَ فِي آخِرِهِ، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا بَقِيَ مِنْهُ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَانِ لَمْ يُجْزِهِ، وَالثَّانِي إنْ كَانَ فِي وَقْتٍ يَرَى أَنَّ الرَّحِمَ يَرْمِي الدَّمَ وَلَا يَقْبَلَ الْمَنِيَّ فَهُوَ بَرَاءَةٌ، فَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ فَإِنَّمَا هِيَ مُدَّةٌ يَسِيرَةٌ لِاسْتِقْصَاءِ بَقَايَا الدَّمِ وَذَهَابِ أَمْرِهِ فَلَيْسَ بَرَاءَةً.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِنْ كَانَتْ الْحَيْضَةُ بَعْدَ الِابْتِيَاعِ فَلَا يَخْلُو أَنْ تَأْتِيَ عَلَى الْمَعْهُودِ أَوْ تَتَأَخَّرَ عَنْهُ، فَإِنْ أَتَتْ عَلَى الْمَعْهُودِ فَإِنَّهُ تَتِمُّ الْمُوَاضَعَةُ، وَإِنْ كَانَتْ بَعْدَ التَّبَايُعِ بِلَحْظَةٍ؛ لِأَنَّنَا قَدْ قُلْنَا إنَّهُ إذَا كَانَ التَّبَايُعُ فِي أَوَّلِ الْحَيْضَةِ أَنَّ الْمُوَاضَعَةَ تَتِمُّ بِتِلْكَ الْحَيْضَةِ فَبِأَنْ تَتِمَّ إذَا كَانَ جَمِيعُ الْمُوَاضَعَةِ بَعْدَ الْحَيْضِ أَوْلَى.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ تَحِيضُ فَارْتَفَعَتْ حَيْضَتُهَا فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيهَا فَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ بَرَاءَتَهَا لِتِسْعَةِ أَشْهُرٍ لَا تَنْقُصُ مِنْ ذَلِكَ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّ بَرَاءَتَهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ إلَّا أَنْ تَرْتَابَ فَتُقِيمَ تَمَامَ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ وَلَمْ تَبْرَأْ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ بِهَا حَمْلٌ، وَوَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ أَنَّ ارْتِفَاعَ الْحَيْضِ رِيبَةٌ فَوَجَبَ أَنْ تَتَرَبَّصَ لَهُ مُدَّةَ الْحَمْلِ وَهِيَ تِسْعَةُ أَشْهُرٍ وَأَصْلُ ذَلِكَ ارْتِفَاعُ حَيْضِ الْمُطَلَّقَةِ، وَوَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ ارْتِفَاعَ الْحَيْضِ بِمُجَرَّدِهِ لَيْسَ بِرِيبَةٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَرْتَفِعُ بِمَرَضٍ وَرَضَاعٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَالثَّلَاثَةُ أَشْهُرٍ تَنُوبُ عَنْهُ كَالْحَيْضَةِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَهَذَا فِيمَنْ كَانَتْ عَادَتُهَا أَنْ يَتَكَرَّرَ حَيْضُهَا قَبْلَ الثَّلَاثَةِ الْأَشْهُرِ، فَأَمَّا مَنْ كَانَتْ حَيْضَتُهَا تُبْطِئُ عَنْهَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يَخْلُو أَنْ تَكُونَ عَادَتُهَا أَقَلَّ مِنْ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهَا، فَإِنْ كَانَتْ عَادَتُهَا أَقَلَّ مِنْ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ فَقَدْ رَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الثَّلَاثَةَ أَشْهُرٍ تُبْرِئُهَا، وَرَوَى عَنْهُ يَحْيَى لَا يُبْرِئُهَا إلَّا الْحَيْضُ وَإِلَّا رُفِعَتْ إلَى ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ إنْ اُسْتُبْرِئَتْ وَجْهُ رِوَايَةِ عِيسَى بْنِ دِينَارٍ أَنَّ مَنْ كَانَتْ لَا تَحِيضُ فِي ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ فَإِنَّ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ تُبْرِئُهَا كَاَلَّتِي لَا تَحِيضُ إلَّا فِي أَكْثَرَ مِنْ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ؛ لِأَنَّ الْأَشْهُرَ الثَّلَاثَةَ بَرَاءَةٌ لِكُلِّ مَنْ لَا رِيبَةَ بِهَا، وَوَجْهُ رِوَايَةِ يَحْيَى أَنَّ مَنْ كَانَتْ عَادَتُهَا فِي الْحَيْضِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَدُونَ التِّسْعَةِ فَإِنَّ الثَّلَاثَةَ لَا تُبْرِئُهَا؛ لِأَنَّ هَذِهِ حَالُهَا الَّتِي لَا تُبْرَى قَطُّ فِي الْحَمْلِ وَغَيْرِهِ فَلَا يُسْتَدَلُّ بِهَا عَلَى بَرَاءَتِهَا.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ كَانَتْ عَادَتُهَا أَكْثَرَ مِنْ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ فَلَا خِلَافَ عَلَى الْمَذْهَبِ نَعْلَمُهُ أَنَّ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ تُبْرِئُهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>