للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

مَا أَخْبَرَ بِهِ مُمْكِنًا مِنْهُ وَمُبَايِنًا فِيهِ وَصَدَّقَهُ فِي ذَلِكَ الْمُبْتَاعُ وَرَضِيَ بِأَمَانَتِهِ فَأَثْبَتْنَا لَهُ مَا اشْتَرَطَ بِصِحَّةِ سَبَبِهِ، فَإِنْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ بِأَنَّهُ قَدْ عَلِمَ وَتَيَقَّنَّا كَذِبَهُ أَبْطَلْنَا بَرَاءَتَهُ، وَإِنْ لَمْ تَقُمْ بِهِ بَيِّنَةٌ كَانَ الظَّاهِرُ فِي تَصْدِيقِ الْمُشْتَرِي ظَاهِرًا فِي صِدْقِهِ وَاسْتَبْرَأْنَا أَمْرَهُ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ بِإِخْبَارِ الْبَائِعِ وَلَا غَيْرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا الْحَيَوَانُ الصَّامِتُ فَاَلَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ لَا تَصِحُّ فِيهِ الْبَرَاءَةُ رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ عَنْ مَالِكٍ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَقَعَ لِمَالِكٍ فِي كُتُبِهِ مَنْ بَاعَ عَبْدًا أَوْ وَلِيدَةً أَوْ حَيَوَانًا بِالْبَرَاءَةِ فَقَدْ بَرِئَ وَبِهِ قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ الشَّافِعِيُّ مِنْ أَنَّ الْحَيَوَانَ يُفَارِقُ سِوَاهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَوِي فِي الصِّحَّةِ وَالسَّقَمِ وَتَحَوُّلِ طَبَائِعِهِ وَقَلَّمَا يَخْلُو مِنْ عَيْبٍ.

(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا بِرِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَوَقَعَ الْبَيْعُ بِالْبَرَاءَةِ فِي الْحَيَوَانِ فَهَلْ يُفْسَخُ الْبَيْعُ أَوْ يَثْبُتُ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ، الَّذِي تَقْتَضِيه رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْبَيْعَ صَحِيحٌ وَالشَّرْطَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: لَهُ الرَّدُّ وَلَا تَنْفَعُهُ الْبَرَاءَةُ، وَقَالَ أَشْهَبُ إنْ وَقَعَ فِي الْحَيَوَانِ لَمْ أَفْسَخْهُ، وَإِنْ وَقَعَ فِي الْعُرُوضِ فَسَخْته إلَّا أَنْ يَطُولَ ذَلِكَ وَيَتَبَاعَدَ فَلَا أَفْسَخُهُ قَالَ مُحَمَّدٌ زَادَ ابْنُ حَبِيبٍ قَالَ لَا أَفْسَخُهُ لِمَا وَقَعَ فِي كِتَابِ مَالِكٍ مَنْ بَاعَ وَلِيدَةً أَوْ حَيَوَانًا بِالْبَرَاءَةِ فَقَدْ بَرِئَ، وَوَجْهُ هَذَا مَا أَشَارَ إلَيْهِ مُحَمَّدُ مِنْ أَنَّ الشَّرْطَ لَمَّا كَانَ مُخْتَلَفًا فِي جَوَازِهِ لَمْ يَبْطُلْ الْعَقْدُ عَنْ مَنْ لَا يُجِيزُهُ، وَلَكِنْ يَبْطُلُ الشَّرْطُ فِي نَفْسِهِ وَيَثْبُتُ الْعَقْدُ عَارِيًّا مِنْهُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا الْعَرُوضُ فَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ أَنَّ مَالِكًا أَثْبَتَ الْبَرَاءَةَ فِي الْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ كِنَانَةَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَوَجْهُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّ هَذَا بَيْعٌ فَجَازَ أَنْ تَثْبُتَ فِيهِ الْبَرَاءَةُ مِمَّا لَا يَعْلَمُهُ الْبَائِعُ كَالرَّقِيقِ.

[الْبَابُ الثَّالِثُ فِيمَنْ يَجُوزُ لَهُ الْبَرَاءَةُ مِنْ الْبَائِعِينَ] ١

َ فِي هَذَا الْبَابِ فَصْلَانِ أَحَدُهُمَا فِي تَبْيِينِ مَنْ بَيْعُهُ بَيْعُ الْبَرَاءَةِ وَالثَّانِي فِي تَبْيِينِ مَنْ يَثْبُتُ فِي بَيْعِهِ اشْتِرَاطُ الْبَرَاءَةِ.

(فَصْلٌ) :

فَأَمَّا الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فَعَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا أَنَّ بَيْعَ السُّلْطَانِ وَبَيْعَ الْمَوَارِيثِ بَيْعُ بَرَاءَةٍ، وَالثَّانِيَةُ أَنَّ بَيْعَ السُّلْطَانِ خَاصَّةً عَلَى الْبَرَاءَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ فِي بَيْعِ السُّلْطَانِ.

فَوَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ بَيْعَ الْمَوَارِيثِ بَيْعٌ عَلَى الْمَيِّتِ لَا يَسْتَطِيعُ رَدَّهُ لِقَضَاءِ دَيْنِهِ وَوَصِيَّتِهِ فَأَشْبَهَ بَيْعَ السُّلْطَانِ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ بَيْعَ السُّلْطَانِ حُكْمٌ، وَلِذَلِكَ إذَا بَاعَ فِي حَيَاةِ مَنْ يُبَاعُ عَلَيْهِ نَفَذَ بَيْعُهُ وَكَانَ عَلَى الْبَرَاءَةِ، وَالْوَصِيُّ وَلَوْ بَاعَ فِي حَيَاةِ مَنْ بَاعَ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْبَرَاءَةِ فَإِذَا بَاعَ بَعْدَ مَوْتِهِ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْبَرَاءَةِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَبَيْعُ السُّلْطَانِ هُوَ مَا تَوَلَّى بَيْعَهُ عَلَى مُفْلِسٍ أَوْ مِنْ مَغْنَمٍ أَوْ بَاعَهُ مِنْ تَرِكَةِ مَيِّتٍ لِقَضَاءِ دَيْنٍ أَوْ تَنْفِيذِ وَصِيَّةٍ أَمَّا مَا بَاعَهُ الْوَرَثَةُ لِدُعَاءِ بَعْضِهِمْ أَوْ جَمِيعِهِمْ إلَى الْبَيْعِ فَلَيْسَ مِنْ هَذَا فِي شَيْءٍ وَهَؤُلَاءِ كَجَمَاعَةٍ اشْتَرَكُوا فِي رَقِيقٍ وَكَذَلِكَ بَيْعُ الْوَلِيِّ عَلَى الْيَتِيمِ لِحَاجَةِ الْإِنْفَاقِ فَهُوَ كَبَيْعِ الْأَبِ عَلَى ابْنِهِ.

١ -

(فَصْلٌ) :

فَأَمَّا الْفَصْلُ الثَّانِي وَهُوَ فِي ثُبُوتِ الْبَرَاءَةِ لِمَنْ اشْتَرَطَهَا فَعَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا أَنَّهَا تَثْبُتُ بِالشَّرْطِ وَالثَّانِيَةُ أَنَّهَا لَا تَثْبُتُ بِالشَّرْطِ، وَإِنَّمَا تَثْبُتُ لِمَنْ كَانَتْ مُقْتَضَى بَيْعِهِ دُونَ شَرْطِهِ، وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى هِيَ رِوَايَةُ الْمُوَطَّأِ فِي قَوْلِهِ وَمَنْ بَاعَ عَبْدًا أَوْ وَلِيدَةً مِنْ أَهْلِ الْمِيرَاثِ أَوْ غَيْرِهِمْ بِالْبَرَاءَةِ فَقَدْ بَرِئَ وَجْهُ ذَلِكَ مَا رُوِيَ مِنْ قَضَاءِ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي بَيْعِ الْبَرَاءَةِ بِالْيَمِينِ أَنَّهُ مَا عَلِمَ بِهِ عَيْبًا، وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ كِتْمَانِ الرَّقِيقِ لِعُيُوبِهِ وَأَنَّ الْبَائِعَ لَا يَعْلَمُ بِهِ فَيَسْتَوِي فِيهِ عِلْمُ الْبَائِعِ وَالْمُبْتَاعِ وَلَمَّا صَحَّ هَذَا مِنْهُ وَصَحَّ أَنْ يَعْلَمَ لَمْ يَجُزْ هَذَا إلَّا بِالشَّرْطِ لِمَا فِيهِ مِنْ ادِّعَاءِ الْجَهْلِ بِعَيْبِهِ وَدُخُولِ

<<  <  ج: ص:  >  >>