للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

الْقَطَانِيِّ وَالْحُبُوبِ وَالزَّيْتُونِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا السَّلَمُ فِي الثِّيَابِ عَلَى اخْتِلَافِ أُصُولِهَا مِنْ حَرِيرٍ أَوْ قُطْنٍ أَوْ كَتَّانٍ فَأَنْ يَصِفَ صِقَالَتَهُ وَخِفَّتَهُ وَرِقَّتَهُ وَجِنْسَهُ وَأَصْلَهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَذْكُرَ وَزْنَهُ وَلَا أَنْ يَقُولَ جَيِّدًا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ تَحْقِيقُ الْوَزْنِ مَعَ اشْتِرَاطِ الطُّولِ وَالْعَرْضِ فَإِذَا وَفَّاهُ الْمِقْدَارَيْنِ مِنْ ذَلِكَ الطُّولِ وَالْعَرْضِ وَالصَّفَاقَةِ فَقَدْ أَوْفَاهُ حَقَّهُ وَدَخَلَ فِيهِ قَدْرُ الْوَزْنِ وَمَا يَقْرَبُ مِنْهُ فَأَمَّا تَحْقِيقُهُ فَلَا سَبِيلَ إلَيْهِ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

[الْبَابُ الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ مُقَدَّرًا]

وَهُوَ مِمَّا لَا يَصِحُّ السَّلَمُ دُونَهُ؛ لِأَنَّ السَّلَمَ فِيهِ مُتَعَلِّقٌ بِالذِّمَّةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ جُزَافًا غَيْرَ مُقَدَّرٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَيَّزُ فِي الذِّمَّةِ مِنْ غَيْرِهِ إلَّا بِالتَّقْدِيرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْمُشَاهَدَةُ؛ لِأَنَّهُ يَتَمَيَّزُ مِنْ غَيْرِهِ بِالْإِشَارَةِ إلَيْهِ وَالتَّعْيِينِ لَهُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَمَا كَانَ مِنْ الْمَكِيلِ يُقَدَّرُ بِالْكَيْلِ وَمَا كَانَ مِنْ الْمَعْدُودِ يُقَدَّرُ بِالْعَدَدِ وَمَا كَانَ مِنْ الْمَوْزُونِ يُقَدَّرُ بِالْوَزْنِ وَمَا كَانَ يَتَقَدَّرُ بِالذَّرْعِ كَالثِّيَابِ وَنَحْوِهَا يُقَدَّرُ بِالذَّرْعِ وَذَكَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ اللَّحْمَ يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ بِالتَّحَرِّي كَمَا يُبَاعُ الْخُبْزُ بِالْخُبْزِ تَحَرِّيًا وَالْأَظْهَرُ عِنْدِي أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَجُوزُ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْمَوَازِينِ؛ لِأَنَّهُ مَعَ الْإِمْكَانِ إنَّمَا قَصَدَ بِالتَّحَرِّي التَّخَاطُرَ وَالْحَزْرَ الَّذِي يُنَافِي السَّلَمَ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى جَوَازِ اللَّحْمِ بِاللَّحْمِ تَحَرِّيًا وَسَيَأْتِي بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي مَوْضِعِهِ مُفَسَّرًا.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا صُوفُ الْغَنَمِ فَإِنَّهُ يَتَقَدَّرُ بِالْوَزْنِ دُونَ عَدَدِ الْجَزَزِ؛ لِأَنَّ الْجَزَزَ تَخْتَلِفُ فَمِنْهَا الْكَبِيرَةُ وَالصَّغِيرَةُ وَلَهُ مِقْدَارٌ مَعْرُوفٌ فَيَجِبُ أَنْ يُعْتَبَرَ بِهِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا الْبَيْضُ فَلَا يَتَقَدَّرُ بِوَزْنٍ وَلَا كَيْلٍ فَلَا يُسَلَّمُ فِيهِ إلَّا بِالْعَدَدِ حَكَى ذَلِكَ ابْنُ حَبِيبٍ، وَأَمَّا الرُّمَّانُ وَالسَّفَرْجَلُ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ تُبَاعُ عَدَدًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ كَانَ الْكَيْلُ فِيهَا مَعْرُوفًا فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُسَلَّمُ فِيهَا عَدَدًا أَوْ كَيْلًا وَلَا يُسَلَّمُ فِيهَا وَزْنًا قَالَ وَيَذْكُرُ مِقْدَارَهُ.

فَوَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ الَّذِي جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي بَيْعِهَا هُوَ الْعَدَدُ وَلَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِغَيْرِهِ وَكَانَ مَجْهُولًا فِيهَا وَأَيْضًا فَإِنَّ كَثِيرَهَا لَا يَكَادُ يَتَأَتَّى فِيهِ كَيْلٌ وَلَا بُدَّ مِنْ اشْتِرَاطِ الْكِبَرِ وَالصِّغَرِ وَالتَّوَسُّطِ فَإِنَّ الْأَغْرَاضَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ ذَلِكَ وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْعَدَدَ إنَّمَا يَتَقَدَّرُ بِهِ مَا يَغْلِبُ عَلَيْهِ التَّسَاوِي وَالتَّسَاوِي قَلِيلٌ فِي هَذَا النَّوْعِ مِنْ الْفَوَاكِهِ وَهِيَ الرُّمَّانُ وَالسَّفَرْجَلُ وَالتُّفَّاحُ فَكَانَ الْعَدَدُ فِيهَا مِنْ أَبْوَابِ الْخَطَرِ فَأَمَّا صَغِيرُ التُّفَّاحِ فَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهِ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا مَا عَظُمَ مِنْهُ وَمِنْ الرُّمَّانِ وَالسَّفَرْجَلِ فَالْعَدَدُ فِيهِ أَظْهَرُ كَالْأُتْرُجِّ وَإِنْ كَانَ يَجْرِي فِي بَعْضِ الْبِلَادِ بِالْوَزْنِ كَانَ ذَلِكَ أَظْهَرَ فِيهِ وَكَذَلِكَ الْبِطِّيخُ وَالْقِثَّاءُ وَالْخِيَارُ وَالْمَوْزُ وَالْكُمَّثْرَى وَرُءُوسُ الْغَنَمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

، وَأَمَّا الْجَوْزُ فَاخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ حَبِيبٍ عَلَى حَسَبِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ اخْتِلَافِ قَوْلِهِمْ فِي الرُّمَّانِ وَوَجْهُهُ مَا قَدَّمْنَاهُ وَالْوَجْهَانِ مُمْكِنَانِ ظَاهِرَانِ وَقَوْلُ ابْنِ حَبِيبِ بِجَوَازِ الْوَجْهَيْنِ فِيهِ جَائِزٌ.

(مَسْأَلَةٌ) :

، وَأَمَّا مَا صَغُرَ مِنْ الْفَاكِهَةِ كَعُيُونِ الْبَقَرِ وَالْمِشْمِشِ وَالْقَرَاسْيَا وَالزُّعْرُورِ وَالْمُضَارِعِ فَإِنَّهُ يَتَأَتَّى فِيهِ الْكَيْلُ وَالْوَزْنُ وَالْأَحْمَالُ وَفِي كَثِيرٍ مِنْهُ الْعَدَدُ وَاَلَّذِي عِنْدِي أَنَّهُ يُسَلَّمُ فِيهِ فِي كُلِّ بَلَدٍ عَلَى عُرْفِهِ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

، وَأَمَّا مَا صَغُرَ وَكَانَ مِمَّا يَيْبَسُ وَيُدَّخَرُ كَاللَّوْزِ وَالْبُنْدُقِ وَقُلُوبِ الصَّنَوْبَرِ فَإِنَّهُ لَا يُسَلَّمُ فِيهِ إلَّا كَيْلًا حَكَى ذَلِكَ ابْنُ حَبِيبٍ قَالَ وَلَا يُسَلَّمُ فِيهِ عَدَدًا وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ حَبِيبٍ بَيِّنٌ؛ لِأَنَّ الْمَشَقَّةَ تَلْحَقُ بِعَدَدِهِ لِصِغَرِهِ وَإِنَّمَا يَتَأَتَّى فِيهِ الْكَيْلُ أَوْ الْوَزْنُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ عُرْفَهُ بِبَلَدِ السَّلَمِ حُمِلَ عَلَيْهِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

، وَأَمَّا التَّمْرُ وَالْقَمْحُ وَالشَّعِيرُ وَسَائِرُ الْحُبُوبِ الَّتِي تُدَّخَرُ فَبِالْكَيْلِ وَلَا يَخْتَلِفُ فِي ذَلِكَ عُرْفُ الْبِلَادِ مَا لَمْ تُطْحَنْ فَإِذَا طُحِنَتْ فَخَلَصَ قَلْبُ الْأَرْزِ وَدَقِيقُ الْحِنْطَةِ أَوْ جَرِيشُهَا فَإِنَّ عُرْفَهُ بِمُعْظَمِ الْبِلَادِ الْوَزْنُ وَعُرْفَهُ بِمَدِينَةِ الرَّسُولِ

<<  <  ج: ص:  >  >>