للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّهَارُ شَيْئًا فَكَبَّرَ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِ ثُمَّ خَرَجَ الثَّانِيَةَ مِنْ يَوْمِهِ ذَلِكَ بَعْدَ ارْتِفَاعِ النَّهَارِ فَكَبَّرَ فَكَبَّرَ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِ ثُمَّ خَرَجَ الثَّالِثَةَ حِينَ زَاغَتْ الشَّمْسُ فَكَبَّرَ فَكَبَّرَ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِ حَتَّى يَتَّصِلَ التَّكْبِيرُ وَيَبْلُغَ الْبَيْتَ فَيُعْلَمُ أَنَّ عُمَرَ قَدْ خَرَجَ يَرْمِي) .

ــ

[المنتقى]

[تَكْبِيرُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ]

ش خُرُوجُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَذْكُورَةِ لِلتَّكْبِيرِ عَلَى مَعْنَى تَذْكِيرِ النَّاسِ وَتَنْبِيهِهِمْ عَلَى ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى لِمَا رُوِيَ «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: إنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ لِلَّهِ تَعَالَى» وَخَافَ أَنْ يَغْلِبَ عَلَى النَّاسِ فِي أَكْثَرِ أَوْقَاتِهِ التَّشَاغُلُ وَالْغَفْلَةُ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى فَكَانَ يَخْرُجُ وَيُعْلِنُ بِالتَّكْبِيرِ مُذَكِّرًا لِلنَّاسِ بِذَلِكَ.

وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ أَنَّ عُمَرَ كَانَ إذَا كَبَّرَ بِمِنًى بَعْدَ الزَّوَالِ حَسَرَ النَّاسُ الْأَمْتِعَةَ لِرَمْيِ الْجِمَارِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عُمَرُ يَقْصِدُ ذَلِكَ لِيَتَأَهَّبَ النَّاسُ لِرَمْيِ الْجِمَارِ إذْ كَانَ رَمْيُهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ وَقَبْلَ الْأَذَانِ لَهَا وَلَعَلَّهُ كَانَ يَزِيدُ فِي الْإِعْلَانِ بِهِ عِنْدَ الزَّوَالِ حَتَّى يَتَّصِلَ التَّكْبِيرُ إلَى مَكَّةَ فَيَعْلَمُ النَّاسُ أَنَّ عُمَرَ قَدْ خَرَجَ لِرَمْيِ الْجِمَارِ فَيَتَذَكَّرُونَ حِينَئِذٍ ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى وَيَغْتَنِمُونَ الدُّعَاءَ حِينَ دَعَا النَّاسُ بِمِنًى رَجَاءَ أَنْ تَنَالَهُمْ بَرَكَتُهُ.

(فَصْلٌ) :

وَمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ فِي ذَلِكَ أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: يَنْبَغِي لِأَهْلِ مِنًى وَغَيْرِهِمْ أَنْ يُكَبِّرُوا أَوَّلَ النَّهَارِ ثُمَّ إذَا ارْتَفَعَ ثُمَّ إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ ثُمَّ بِالْعَشِيِّ وَكَذَلِكَ فَعَلَ وَأَمَّا أَهْلُ الْآفَاقِ وَغَيْرُهُمْ فَفِي خُرُوجِهِمْ إلَى الْمُصَلَّى وَفِي دُبُرِ الصَّلَوَاتِ وَيُكَبِّرُونَ فِي خِلَالِ ذَلِكَ وَلَا يَجْهَرُونَ وَالْحُجَّاجُ يَجْهَرُونَ بِهِ فِي كُلِّ السَّاعَاتِ إلَى الزَّوَالِ مِنْ الْيَوْمِ الرَّابِعِ فَيَرْمُونَ ثُمَّ يَنْصَرِفُونَ بِالتَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ حَتَّى يُصَلُّوا الظُّهْرَ بِالْمُحَصَّبِ ثُمَّ يَنْقَطِعُ التَّكْبِيرُ.

ص (قَالَ مَالِكٌ: الْأَمْرُ عِنْدَنَا أَنَّ التَّكْبِيرَ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ دُبُرَ الصَّلَوَاتِ وَأَوَّلَ ذَلِكَ تَكْبِيرُ الْإِمَامِ وَالنَّاسِ مَعَهُ دُبُرَ صَلَاةِ الظُّهْرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ وَآخِرَ ذَلِكَ تَكْبِيرُ الْإِمَامِ وَالنَّاسُ مَعَهُ دُبُرَ صَلَاةِ الصُّبْحِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ثُمَّ يَقْطَعُ التَّكْبِيرَ قَالَ مَالِكٌ: وَالتَّكْبِيرُ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ عَلَى الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ مَنْ كَانَ فِي جَمَاعَةٍ أَوْ وَحْدَهُ بِمِنًى أَوْ بِالْآفَاقِ كُلِّهَا وَاجِبٌ وَإِنَّمَا يَأْتَمُّ النَّاسُ فِي ذَلِكَ بِإِمَامِ الْحَاجِّ وَبِالنَّاسِ بِمِنًى لِأَنَّهُمْ إذَا رَجَعُوا وَانْقَضَى الْإِحْرَامُ ائْتَمُّوا بِهِمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَهُمْ فِي الْحِلِّ فَأَمَّا مَنْ لَمْ يَكُنْ حَاجًّا فَإِنَّهُ لَا يَأْتَمُّ بِهِمْ إلَّا فِي تَكْبِيرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ) ش قَوْلُهُ التَّكْبِيرُ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ يُرِيدُ مُتَّصِلًا بِالسَّلَامِ فَإِنْ سَجَدَ لِسَهْوِهِ بَعْدَ السَّلَامِ فَلَا يُكَبِّرُ إلَّا بَعْدَ السَّلَامِ مِنْ سُجُودِ السَّهْوِ وَمَنْ فَاتَهُ بَعْضُ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يُكَبِّرُ بَعْدَ السَّلَامِ وَتَمَامِ الْقَضَاءِ قَالَهُ أَشْهَبُ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ شُرِعَ بَعْدَ تَمَامِ التَّحَلُّلِ مِنْ الصَّلَاةِ وَمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ بِبَعْضِ الصَّلَاةِ أَوْ مَا هُوَ مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ وَجُبْرَانِهَا فَلَا يَكُونُ التَّكْبِيرُ إلَّا بَعْدَ السَّلَامِ مِنْهَا.

(فَصْلٌ)

وَقَوْلُهُ دُبُرَ الصَّلَوَاتِ يُرِيدُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ دُونَ النَّوَافِلِ خِلَافًا لِبَعْضِ التَّابِعِينَ لِأَنَّ فِي تَخْصِيصِ هَذِهِ الصَّلَوَاتِ بِذَلِكَ تَعْظِيمًا لَهَا وَلِأَنَّهُ ذِكْرٌ وَاجِبٌ فَوَجَبَ أَنْ يَخْتَصَّ مِنْ الصَّلَوَاتِ بِالْوَاجِبِ مِنْهَا.

(فَصْلٌ)

وَقَوْلُهُ وَأَوَّلُ ذَلِكَ تَكْبِيرُ الْإِمَامِ فِي عَقِبِ صَلَاةِ الظُّهْرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ وَآخِرُهُ تَكْبِيرُهُ عَقِبَ صَلَاةِ الصُّبْحِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ مُدَّةُ صَلَاةِ النَّاسِ بِمِنًى لِأَنَّ صَلَاةَ الْفَجْرِ يَوْمَ النَّحْرِ إنَّمَا تُصَلَّى بِالْمُزْدَلِفَةِ وَصَلَاةَ الظُّهْرِ فِي آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ لَا تُصَلَّى بِمِنًى وَإِنَّمَا يَرْمِي الْجِمَارَ الْحَاجُّ ثُمَّ يَنْفِرُ فَيُصَلِّي الظُّهْرَ بِالْمُحَصَّبِ أَوْ حَيْثُ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ مِنْ طَرِيقِهِ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يُكَبِّرُ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَوَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ مَا قَدَّمْنَاهُ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ: وَذَلِكَ فِي خَمْسَ عَشْرَةَ صَلَاةً أَوَّلُهَا صَلَاةُ الظُّهْرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ وَآخِرُهَا صَلَاةُ الصُّبْحِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَفِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ فِيمَنْ قَضَى صَلَاةً مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ بَعْدَهَا فَلَا تَكْبِيرَ عَلَيْهِ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ لِهَذَا التَّكْبِيرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>