للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا يَجُوزُ مِنْ الْعِتْقِ فِي الرِّقَابِ الْوَاجِبَةِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ هِلَالِ بْنِ أُسَامَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ أَنَّهُ قَالَ «أَتَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ جَارِيَةً لِي كَانَتْ تَرْعَى غَنَمًا لِي فَجِئْتُهَا وَقَدْ فَقَدَتْ شَاةً مِنْ الْغَنَمِ فَسَأَلْتهَا عَنْهَا فَقَالَتْ أَكَلَهَا الذِّئْبُ فَأَسِفْت عَلَيْهَا وَكُنْت مِنْ بَنِي آدَمَ فَلَطَمْت وَجْهَهَا وَعَلَيَّ رَقَبَةٌ أَفَأَعْتِقُهَا فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيْنَ اللَّهُ فَقَالَتْ فِي السَّمَاءِ فَقَالَ مَنْ أَنَا فَقَالَتْ أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْتِقْهَا» مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ «أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ جَاءَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِجَارِيَةٍ لَهُ سَوْدَاءَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ عَلَيَّ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً فَإِنْ كُنْت تَرَاهَا مُؤْمِنَةً أَعْتِقْهَا فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَتَشْهَدِينَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فَقَالَتْ: نَعَمْ قَالَ: أَتَشْهَدِينَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ أَتُوقِنِينَ بِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ؟ قَالَتْ نَعَمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْتِقْهَا» ) .

ــ

[المنتقى]

أَنْ يَكُونَ بِهِ عَلَامَاتُ الِاحْتِلَامِ مَوْجُودَةٌ وَهِيَ الْإِثْبَاتُ أَوْ السِّنُّ، وَذَلِكَ أَنَّ الْحُكْمَ إذَا كَانَ بَيْنَ الصَّبِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ الْآدَمِيِّينَ وَوُجِدَتْ بِهِ عَلَامَاتُ الْبُلُوغِ حُكِمَ لَهُ بِحُكْمِ الرِّجَالِ الْبَالِغِينَ، وَذَلِكَ أَنْ يُوجَدَ قَدْ أَنْبَتَ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَلَا تَجُوزُ عَتَاقَةُ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ فِي مَالِهِ وَإِنْ بَلَغَ الْحُلُمَ يُرِيدُ أَنَّ السَّفِيهَ لَا يَجُوزُ عِتْقُهُ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ مُوَلًّى عَلَيْهِ مَمْنُوعًا مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حُكِمَ بِرَدِّ أَفْعَالِهِ وَأَمَّا إنْ كَانَ غَيْرَ مُوَلًّى فَفِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ فِي السَّفِيهِ يَلِي مَالَهُ أَنَّهُ يَجُوزُ عِتْقُهُ وَرَوَى زِيَادٌ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْبَيِّنَ سَفَهُهُ، أَفْعَالُهُ جَائِزَةٌ حَتَّى يُحْجَرَ عَلَيْهِ وَهَذَا قَوْلُ أَصْحَابِ مَالِكٍ إلَّا ابْنَ الْقَاسِمِ فَإِنَّهُ قَالَ فِي الَّذِي سَفَهُهُ بَيِّنٌ: يُحْجَرُ عَلَى مِثْلِهِ لَا يَجُوزُ أَمْرُهُ وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ بِأَنَّهُ غَيْرُ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ فَجَازَتْ أَفْعَالُهُ كَالرَّشِيدِ، وَذَلِكَ أَنَّ عَدَمَ الْحَجَرِ حُكْمٌ بِإِطْلَاقِهِ وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَا احْتَجَّ بِهِ أَنَّ حَالُ مَنْ يُحْجَرُ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا أَخْطَأَ الْحَاكِمُ فِي تَرْكِ الْحَجْرِ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ لَا يُبِيحُ مَالَهُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِذَا قُلْنَا أَنَّ عِتْقَ الْمَوْلَى عَلَيْهِ غَيْرُ جَائِزٍ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عِتْقَهُ وَإِنْ أَجَازَهُ وَلِيُّهُ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ لِوَلِيِّهِ إتْلَافُ مَالِهِ فَإِذَا رَشَدَ فَقَدْ رَوَى فِي الْعُتْبِيَّةِ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَهُ رَدُّهُ إذَا رَشَدَ كَالصَّبِيِّ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إذَا لَمْ يُرِدْ عِتْقَهُ حَتَّى رَشَدَ وَالْعَبْدُ فِي يَدِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ عِتْقُهُ وَإِنْ كَانَ زَالَ عَنْ يَدِهِ وَوَلَّى نَفْسَهُ فَتَرَكَهُ وَأَمْضَى عِتْقَهُ فَلِذَلِكَ يَلْزَمُهُ إذَا أَمْضَاهُ بَعْدَ رُشْدِهِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا عِتْقُ السَّفِيهِ أُمَّ وَلَدِهِ فَقَدْ رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ أَجْمَعَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ أَنَّ عِتْقَ السَّفِيهِ لِأُمِّ وَلَدِهِ لَازِمٌ جَائِزٌ وَرَوَى ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ الْمُغِيرَةِ وَابْنِ نَافِعٍ أَنَّ عِتْقَهُ أُمَّ وَلَدِهِ لَا يَجُوزُ بِخِلَافِ طَلَاقِهِ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فِيهَا إلَّا الِاسْتِمْتَاعُ فَجَازَتْ إزَالَتُهُ كَالطَّلَاقِ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّهُ عِتْقٌ فَلَمْ يَصِحَّ مِنْهُ كَعِتْقِ عَبْدِهِ.

(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا يَلْزَمُهُ الْعِتْقُ فِيهَا فَهَلْ يَتْبَعُهَا مَالُهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا يَتْبَعُهَا مَالُهَا إلَّا التَّافِهَ قَالَ سَحْنُونٌ كَانَ تَافِهًا، أَوْ غَيْرَ تَافِهٍ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ لِأَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ يَتْبَعُهَا مَالُهَا إنْ لَمْ يَسْتَثْنِهِ وَجْهُ الْقَوْلِ أَنَّهُ سَفِيهٌ فَلَا سَبِيلَ لَهُ إلَى إزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْ مَالِهِ بِالْقَوْلِ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ الْمَالَ تَبَعٌ لِإِزَالَةِ مِلْكِهِ مِنْ الرَّقَبَةِ فَإِذَا صَحَّ إزَالَةُ مِلْكِهِ عَنْ الْعَيْنِ تَبِعَهَا الْمَالُ كَمَا لَوْ طَلَّقَ وَيَبْقَى الْمَهْرُ لِلزَّوْجَةِ؛ وَلِأَنَّ الْمَالَ إنَّمَا كَانَ لِأُمِّ الْوَلَدِ وَلَمْ يَنْتَزِعْهُ بِالْعِتْقِ.

[مَا يَجُوزُ مِنْ الْعِتْقِ فِي الرِّقَابِ الْوَاجِبَةِ]

(ش) : قَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْأَعْشَى فَأَسِفْت عَلَيْهَا يُرِيدُ غَضِبْت عَلَيْهَا قَالَ عِيسَى فِي قَوْله تَعَالَى {فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ} [الزخرف: ٥٥] مَعْنَاهُ أَغْضَبُونَا وَقَوْلُهُ وَكُنْت مِنْ بَنِي آدَمَ يَعْنِي أَنَّهُ يُدْرِكُهُ مِنْ الْغَضَبِ مَا يُدْرِكُهُمْ وَقَوْلُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>