للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا جَاءَ فِي الْوَلِيمَةِ (ص) : (مَالِكٍ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ «عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ جَاءَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبِهِ أَثَرُ صُفْرَةٍ فَسَأَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ تَزَوَّجَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمْ سُقْت إلَيْهَا فَقَالَ: زِنَةَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ» ) .

ــ

[المنتقى]

[مَا جَاءَ فِي الْوَلِيمَةِ]

(ش) : قَوْلُهُ إنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ جَاءَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبِهِ أَثَرُ صُفْرَةٍ ظَاهِرُ هَذَا اللَّفْظِ أَنَّ أَثَرَ الصُّفْرَةِ كَانَ بِجَسَدِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِي ثِيَابِهِ، إذَا اُسْتُعْمِلَ اللَّفْظُ عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ وَالِاتِّسَاعِ كَمَا يُقَالُ أَصَابَ فُلَانًا الطِّينُ وَالْمَطَرُ وَإِنَّمَا أَصَابَ ذَلِكَ ثِيَابَهُ وَالصُّفْرَةُ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ صُفْرَةَ زَعْفَرَانٍ أَوْ غَيْرِهِ، اُسْتُعْمِلَ عَلَى وَجْهِ الصَّبْغِ لِلثِّيَابِ أَوْ الْجَسَدِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ صُفْرَةَ طِيبٍ لَهُ لَوْنٌ قَدْ تَطَيَّبَ بِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَبَقِيَتْ مِنْ لَوْنِهِ عَلَى ثِيَابِهِ أَوْ جَسَدِهِ بَقِيَّةٌ.

وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ فَقَالَ فِيهِ وَبِهِ رَدْغُ زَعْفَرَانٍ فَبَيَّنَ أَنَّ تِلْكَ الصُّفْرَةَ صُفْرَةُ زَعْفَرَانٍ وَبَيَّنَ أَصْحَابُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِبَاسَ الثِّيَابِ الْمَصْبُوغَةِ بِالصُّفْرَةِ قَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَأَمَّا الصُّفْرَةُ فَإِنِّي رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصْبُغُ بِهَا فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَصْبُغَ بِهَا قَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ يُرِيدُ يَصْبُغُ بِهَا ثِيَابَهُ لَا لِحْيَتَهُ هَذَا مَعْنَاهُ عِنْدَ أَصْحَابِ مَالِكٍ.

وَقَالَ ابْنُ سُفْيَانَ فِي الصَّبْغِ بِالزَّعْفَرَانِ هَذَا جَائِزٌ عِنْدَ أَصْحَابِنَا فِي الثِّيَابِ دُونَ الْجَسَدِ وَكَرِهَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَصْبُغَ ثِيَابَهُ وَلِحْيَتَهُ بِالزَّعْفَرَانِ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا نَقُولُهُ مَا رَوَى الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يَصْبُغُ لِحْيَتَهُ بِالصُّفْرَةِ حَتَّى تَمْتَلِئَ ثِيَابَهُ مِنْ الصُّفْرَةِ فَقِيلَ لَهُ مَا تَصْنَعُ بِالصُّفْرَةِ فَقَالَ إنِّي رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصْبُغُ بِهَا وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ أَحَبُّ إلَيْهِ مِنْهَا فَإِنَّهُ كَانَ يَصْبُغُ بِهَا ثِيَابَهُ حَتَّى عِمَامَتَهُ.

(فَصْلٌ) :

فَإِنْ كَانَ أَثَرُ الصُّفْرَةِ الَّتِي كَانَتْ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَثَرَ صُفْرَةِ صِبَاغٍ بِالزَّعْفَرَانِ فَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُهُ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَلْوَانِ الصَّبْغِ الَّتِي لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِالطِّيبِ وَلَا يَنْتَفِضُ عَلَى الْجَسَدِ كَالصُّفْرَةِ الْمَصْبُوغَةِ بِالصُّفْرِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَصْبِغَةِ فَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِ ذَلِكَ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَسَأَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُحْتَمَلُ أَنَّهُ سَأَلَهُ لِمَا رَأَى عَلَيْهِ مِنْ التَّجَمُّلِ لِلْعُرْسِ لِيَعْلَمَ مَا سَبَبُ ذَلِكَ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ رَأَى عَلَيْهِ بَشَاشَةَ الْعُرْسِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَرَى بِهِ مِنْ الصُّفْرَةِ أَوْ الطِّيبِ عَلَى جَسَدِهِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْمَنْعُ إلَّا فِي عُرْسٍ أَوْ مَا جَرَى مَجْرَاهُ فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ لِيَعْلَمَ إنْ كَانَ اسْتَبَاحَهُ بِوَجْهٍ صَحِيحٍ فَيُقِرَّهُ عَلَيْهِ أَوْ اسْتَبَاحَهُ بِغَيْرِ وَجْهٍ فَيُعْلِمَهُ حُكْمَهُ.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمْ سُقْت إلَيْهَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ سَأَلَهُ لَمَّا كَانَ الْمَهْرُ مُقَدَّرًا عِنْدَهُ فَيَعْلَمَ إنْ كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَدْ بَلَغَ الْمِقْدَارَ فَيُقِرَّهُ عَلَيْهِ أَوْ قَصُرَ عَنْهُ فَيَأْمُرَهُ بِتَصْحِيحِ ذَلِكَ إمَّا بِإِكْمَالِهِ أَوْ بِمَا يَرَاهُ وَيُؤَيِّدُ صِحَّةَ هَذَا التَّأْوِيلِ أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ الْمِقْدَارِ فَقَالَ كَمْ سُقْت إلَيْهَا وَلَمْ يَسْأَلْهُ عَنْ الْجِنْسِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ زِنَةَ نَوَاةٍ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ أَنَّ النَّوَاةَ مِنْ الذَّهَبِ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ وَالْوُقِيَّةُ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا وَالنَّشُّ عِشْرُونَ دِرْهَمًا وَالنَّشُّ نِصْفُ الشَّيْءِ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ النَّوَاةُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَثُلُثٌ وَمَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ أَعْلَمُ بِهَذَا مِنْ غَيْرِهِمْ لِأَنَّ أَهْلَ كُلِّ بَلَدٍ أَعْلَمُ بِعُرْفِ بَلَدِهِمْ فِي التَّخَاطُبِ وَالتَّحَاوُرِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>