للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

وَإِذَا لَمْ يَشْتَرِطَاهُ وَرَضِيَا بِهِ جَازَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِي ذَلِكَ لَمْ يَخْرُجْ عَنْهُمَا، وَلَزِمَهُمَا مَنْ رَضِيَا بِهِ بَعْدَ عَقْدِ الرَّهْنِ كَمَا لَزِمَهُمَا عِنْدَ عَقْدِ الرَّهْنِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّ النَّظَرَ فِي ذَلِكَ مِنْ الِاخْتِلَافِ عَائِدٌ إلَى الْحُكْمِ كَمَالٍ لِلْيَتِيمِ لَا وَلِيَّ لَهُ أَوْ مَالٍ لِلْغَائِبِ لَا وَكِيلَ لَهُ، وَلَا يَلْزَمُ الْمُرْتَهِنَ أَنْ يُوضَعَ ذَلِكَ عَلَى يَدِهِ إذَا أَبَاهُ قَالَ: لِأَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُزِيلَ عَنْ نَفْسِهِ ضَمَانَهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ مَاتَ الْأَمِينُ فَأَوْصَى إلَى رَجُلٍ لَمْ يَكُنْ الرَّهْنُ عَلَى يَدِهِ، وَلَكِنْ عَلَى يَدِ مَنْ يَرْضَى الْمُتَرَاهِنَانِ بِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ: قَالَ أَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ: وَعَلَى الْوَصِيِّ أَنْ يُعْلِمَهُمَا بِمُؤَنِهِ ثُمَّ إنْ شَاءَ إقْرَارَهُ عِنْدَهُ أَوْ عِنْدَ غَيْرِهِ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِيهِ، وَفِي غَيْرِهِ جُعِلَ بِيَدِ أَفْضَلِ الرَّجُلَيْنِ.

[الْبَابُ الْخَامِسُ فِيمَنْ يَلِي الرَّهْنَ وَيَقُومُ بِهِ مِنْ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ وَالِاسْتِغْلَالِ لَهُ]

(الْبَابُ الْخَامِسُ فِيمَنْ يَلِي الرَّهْنَ وَيَقُومُ بِهِ مِنْ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ وَالِاسْتِغْلَالِ لَهُ) رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونَ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ يَلِي كِرَاءَ الرَّهْنِ، وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَسْتَأْمِرَ الرَّاهِنَ إنْ حَضَرَ فَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ مَضَى ذَلِكَ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُكْرِيَ الرَّهْنَ بِغَيْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ عَلِمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ: إنْ لَمْ يَأْمُرْهُ الرَّاهِنُ بِالْكِرَاءِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ يَلِي كِرَاءَ الرَّهْنِ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ، وَكَذَلِكَ مَنْ وُضِعَ عَلَى يَدِهِ يَلِي ذَلِكَ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ: أَنَّ عَقْدَ الرَّهْنِ وَوَضْعَهُ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ يَقْتَضِي أَنْ يَلِيَ كِرَاءَهُ؛ لِأَنَّ الرَّاهِنَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ تَوَلِّيَهُ يُخْرِجُهُ عَنْ الرَّهْنِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَنْعَقِدَ الرَّهْنُ عَلَى تَضْيِيعِ الْغَلَّةِ فَاقْتَضَى عَقْدُ الرَّهْنِ أَنْ يَلِيَ كِرَاءَهُ مَنْ وُضِعَ عَلَى يَدِهِ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي: أَنَّ عَقْدَ الرَّاهِنِ لَا يَقْتَضِي حِفْظَ الْمُرْتَهِنِ لِلْعَيْنِ الَّتِي رَهَنَهَا، وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ لِلْمُرْتَهِنِ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ فَإِذَا أَذِنَ لَهُ فِي حِفْظِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَيْضًا أَنْ يَلِيَ كِرَاءَهُ وَاسْتِغْلَالَهُ إلَّا بِإِذْنِهِ، وَإِنَّمَا لَهُ بِعَقْدِ الرَّهْنِ مَنْعُ الرَّاهِنِ مِنْ الْقِيَامِ بِذَلِكَ كَمَا لَهُ بِعَقْدِ الرَّهْنِ مَنْعُ الرَّاهِنِ مِنْ الْقِيَامِ بِحِفْظِ الرَّهْنِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُحَابِيَ فِي كِرَاءِ الرَّهْنِ فَإِنْ حَابَى ضَمِنَ الْمُحَابَاةَ وَقَضَى الْكِرَاءَ رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونَ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ عَقْدَ الْكِرَاءِ إلَيْهِ فَإِذَا عَقَدَهُ لَزِمَهُ وَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْكِرَاءَ فَإِنْ حَابَى بِشَيْءٍ مِنْهُ فَهُوَ هِبَةٌ مِنْهُ لِلْمُكْتَرِي فَعَلَيْهِ ضَمَانُ ذَلِكَ الْقَدْرِ الَّذِي حَابَى بِهِ؛ لِأَنَّ الرَّاهِنَ صَارَ كَالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ فِي كِرَاءِ الرَّهْنِ يَلْزَمُهُ فِعْلُ مَنْ وُضِعَ عَلَى يَدِهِ فِيهِ مِنْ الْعَقْدِ، وَلَهُ الرُّجُوعُ بِمَا حَابَى فِيهِ مِنْ قِيمَةِ مَنْفَعَتِهِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ أَرَادَ الرَّاهِنُ أَنْ يُعَجِّلَ الدَّيْنَ، وَيَفْسَخَ الْكِرَاءَ فَإِنْ كَانَ الْكِرَاءُ بِلَا وَجِيبَةٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ فَسْخُهُ، وَإِنْ كَانَ بِوَجِيبَةٍ فَلِلرَّاهِنِ فَسْخُهُ، وَإِنْ كَانَ أَجَلُهُ دُونَ أَجَلِ الدَّيْنِ رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونَ.

وَقَالَ أَصْبَغُ: إنْ كَانَتْ وَجِيبَةً إلَى أَجَلِ الدَّيْنِ، وَأَدْوَنَ فَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ فَسْخُهُ، وَإِنْ كَانَتْ أَبْعَدَ مِنْ أَجَلِ الدَّيْنِ فَلَهُ فَسْخُ مَا زَادَ عَلَيْهِ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ، وَإِنَّمَا فَرَّقَ ابْنُ الْمَاجِشُونَ بَيْنَ الْوَجِيبَةِ وَغَيْرِهَا؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْكِرَاءِ إذَا انْعَقَدَ عَلَى مُعَيَّنٍ يَتَقَدَّرُ بِنَفْسِهِ لَمْ يَنْفَسِخْ بِفَوَاتِ زَمَانٍ، وَإِنْ أُغْلِقَ بِزَمَانٍ مُعَيَّنٍ وَقُدِّرَ بِزَمَانٍ انْفَسَخَ بِفَوَاتِ ذَلِكَ الزَّمَانِ وَجْهُ قَوْلِ أَصْبَغَ: أَنَّ الْكِرَاءَ عَلَى اللُّزُومِ فَإِذَا لَزِمَ مَا تَقَدَّرَ مِنْهُ بِالْعَمَلِ فِيمَا لَا مَضَرَّةَ فِيهِ عَلَى الرَّاهِنِ أَوْ اسْتَدَامَ بَقَاءَ الدَّيْنِ إلَى أَجَلِهِ فَكَذَلِكَ مَا تَقَدَّرَ مِنْهُ بِالزَّمَانِ قَالَ أَصْبَغُ: وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا لَمْ أَرَ لَهُ أَنْ يُكْرِيَهَا بِوَجِيبَةٍ طَوِيلَةٍ جِدًّا فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يَلْزَمْ الرَّاهِنَ إذَا عَجَّلَ الدَّيْنَ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِذَا تَرَكَ الْمُرْتَهِنُ أَنْ يُكْرِيَ الدَّارَ حَتَّى حَلَّ الْأَجَلُ فَإِنْ كَانَتْ مِنْ الدُّورِ الَّتِي لَهَا قَدْرٌ كَدُورِ مَكَّةَ وَمِصْرَ أَوْ كَانَ الْعَبْدُ نَبِيلًا ارْتَفَعَ ثَمَنُهُ لِخَرَاجِهِ فَيَدَعُهُ لَا يُكْرِيهِ فَهُوَ ضَامِنٌ لِأَجْرِ مِثْلِهِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ كَبِيرُ كِرَاءٍ، وَمِثْلُهُ قَدْ يُكْرِي، وَلَا يُكْرِي لَمْ يَضْمَنْهُ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونَ قَالَ أَصْبَغُ: لَا يَضْمَنُ فِي الْوَجْهَيْنِ وَكَذَلِكَ الْوَكِيلُ عَلَى الْكِرَاءِ يَتْرُكُ ذَلِكَ لَمْ يَضْمَنْ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونَ أَنَّ الرَّاهِنَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فِي كِرَاءِ دَارِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>