للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِيرَاثُ الْكَلَالَةِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ زَيْدٍ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْكَلَالَةِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ «يَكْفِيكَ مِنْ ذَلِكَ الْآيَةُ الَّتِي نَزَلَتْ فِي الصَّيْفِ فِي آخِرِ سُورَةِ النِّسَاءِ» )

ــ

[المنتقى]

ذَلِكَ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ وَإِنَّ مَا رُوِيَ مِنْ ذَلِكَ عَنْ ابْن مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ لَمْ يَثْبُتْ عَنْهُمَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

[مِيرَاثُ الْكَلَالَةِ]

(ش) : قَوْلُهُ إنَّ عُمَرَ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْكَلَالَةِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَسْأَلَ عَنْ حُكْمِهِمْ فِي الْمِيرَاثِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَسْأَلَ عَمَّنْ يَسْتَحِقُّ هَذَا الِاسْمَ مِنْ الْوَرَثَةِ أَوْ الْمُوَرَّثِينَ.

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ الْكَلَالَةُ مَنْ لَا وَلَدَ وَلَا وَالِدَ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْكَلَالَةَ الْمَوْرُوثُ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يَكْفِيكَ مِنْ ذَلِكَ آيَةُ الصَّيْفِ» يَقْتَضِي أَنَّ السُّؤَالَ كَانَ عَنْ أَحْكَامِ الْوَارِثِينَ وقَوْله تَعَالَى {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ} [النساء: ١٢] ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُورَثُ عَلَى هَذَا الْحَالِ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - وَقَدْ قِيلَ إنَّ الْكَلَالَةَ اسْمٌ لِلْوَرَثَةِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يَكْفِيكَ مِنْ ذَلِكَ الْآيَةُ الَّتِي نَزَلَتْ فِي الصَّيْفِ فِي آخِرِ سُورَةِ النِّسَاءِ» يُرِيدُ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} [النساء: ١٧٦] الْآيَةَ إلَى آخِرِ السُّورَةِ وَهَذِهِ الْآيَةُ نَزَلَتْ فِي شَأْنِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو السُّلَمِيِّ فِيمَا رَوَاهُ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ عَنْ «جَابِرٍ قَالَ مَرِضْتُ فَأَتَانِي النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعُودُنِي هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ مَاشِيَيْنِ وَقَدْ أُغْمِيَ عَلَيَّ فَلَمْ أُكَلِّمْهُ فَتَوَضَّأَ فَصَبَّ عَلَيَّ فَأَفَقْتُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ أَصْنَعُ فِي مَالِي وَلِي أَخَوَاتٌ فَنَزَلَتْ آيَةُ الْمِيرَاثِ {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ} [النساء: ١٧٦] » وَرَوَى أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ الْبَرَاءِ أَنَّ هَذِهِ آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ خَاتِمَةَ سُورَةِ النِّسَاءِ {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ} [النساء: ١٧٦] .

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ وَاَلَّذِي أَدْرَكْت عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا أَنَّ الْكَلَالَةَ عَلَى وَجْهَيْنِ فَأَمَّا الْآيَةُ الَّتِي أُنْزِلَتْ فِي أَوَّلِ سُورَةِ النِّسَاءِ الَّتِي قَالَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} [النساء: ١٢] فَهَذِهِ الْكَلَالَةُ الَّتِي لَا تَرِثُ فِيهَا الْإِخْوَةُ لِلْأُمِّ حَتَّى لَا يَكُونَ وَلَدٌ وَلَا وَالِدٌ، وَأَمَّا الْآيَةُ الَّتِي فِي آخِرِ سُورَةِ النِّسَاءِ الَّتِي قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِيهَا {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [النساء: ١٧٦] قَالَ مَالِكٌ فَهَذِهِ الْكَلَالَةُ الَّتِي تَكُونُ فِيهَا الْإِخْوَةُ عَصَبَةً إذَا لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ فَيَرِثُونَ مَعَ الْجَدِّ فِي الْكَلَالَةِ) .

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّ الْكَلَالَةَ عَلَى ضَرْبَيْنِ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَحَدُهُمَا مَنْ لَا يَرِثُ مَعَ الْوَالِدِ وَإِنْ عَلَا وَالْمَوْلُودِينَ وَإِنْ سَفَلُوا كَالْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ، وَذَلِكَ مَا تَضَمَّنَ حُكْمَهُ الْآيَةُ الَّتِي فِي أَوَّلِ سُورَةِ النِّسَاءِ وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا الْكَلَالَةَ فَقَالَ {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ} [النساء: ١٢] فَهَؤُلَاءِ الْإِخْوَةُ مِنْ الْأُمِّ خَاصَّةً فَمَتَى مَا انْفَرَدَ ذَكَرُهُمْ وَأُنْثَاهُمْ فَلَهُ السُّدُسُ وَمَتَى كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي مِنْ الْكَلَالَةِ مَنْ لَا يَرِثُ مَعَ الِابْنِ وَابْنِ الِابْنِ وَلَا مَعَ الْأَبِ وَيَرِثُ مَعَ الْجَدِّ وَالْبِنْتِ وَبِنْتِ الِابْنِ، وَذَلِكَ مَا تَضَمَّنَ حُكْمَهُ الْآيَةُ الَّتِي فِي آخِرِ سُورَةِ النِّسَاءِ وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ فِيهَا الْكَلَالَةَ أَيْضًا فَقَالَ {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ} [النساء: ١٧٦] فَهَؤُلَاءِ مِنْ الْكَلَالَةِ الَّتِي ذَكَرُهُمْ مُخَالِفٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>