للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا جَاءَ فِي عَقْلِ الْعَيْنِ إذَا ذَهَبَ بَصَرُهَا (ص) : (مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ كَانَ يَقُولُ فِي الْعَيْنِ الْقَائِمَةِ إذَا طُفِئَتْ مِائَةُ دِينَارٍ وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ شَتَرِ الْعَيْنِ وَحِجَاجِ الْعَيْنِ فَقَالَ لَيْسَ فِي ذَلِكَ إلَّا الِاجْتِهَادُ إلَّا أَنْ يَنْقُصَ بَصَرُ الْعَيْنِ فَيَكُونَ لَهُ بِقَدْرِ مَا نَقَصَ مِنْ بَصَرِ الْعَيْنِ قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ عِنْدَنَا فِي الْعَيْنِ الْقَائِمَةِ الْعَوْرَاءِ إذَا طُفِئَتْ، وَفِي الْيَدِ الشَّلَّاء إذَا قُطِعَتْ أَنَّهُ لَيْسَ فِي ذَلِكَ إلَّا الِاجْتِهَادُ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ عَقْلٌ مُسَمَّى) .

ــ

[المنتقى]

بِالْأُذُنَيْنِ فَهُوَ كَالْبَصَرِ، وَإِلَّا فَهُوَ كَالْيَدِ وَالرِّجْلِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ ضُرِبَ ضَرْبَةً أَذْهَبَتْ نِصْفَ بَصَرِ إحْدَى عَيْنَيْهِ، ثُمَّ ضُرِبَ ضَرْبَةً أُخْرَى أَذْهَبَتْ الصَّحِيحَةَ فَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ لَهُ ثُلُثَا الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ الَّذِي أَتْلَفَ عَلَيْهِ ثُلُثَا مَا بَقِيَ مِنْ بَصَرِهِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَبْدِ الْمَلِكِ إذَا بَقِيَ مِنْ الْأُولَى شَيْءٌ فَلَيْسَ لَهُ فِي الصَّحِيحَةِ إلَّا نِصْفُ الدِّيَةِ فَإِذَا لَمْ يَبْقَ مِنْ إحْدَاهُمَا نَظَرٌ فَمَا أَتْلَفَ مِنْ الْأُخْرَى فَبِحِسَابِ أَلْفِ دِينَارٍ سَوَاءٌ كَانَتْ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

[مَا جَاءَ فِي عَقْلِ الْعَيْنِ إذَا ذَهَبَ بَصَرُهَا]

(ش) : قَوْلُهُ، وَفِي الْعَيْنِ الْقَائِمَةِ إذَا مِائَةُ دِينَارٍ الْعَيْنُ الْقَائِمَةُ هِيَ الَّتِي قَدْ بَقِيَتْ صُورَتُهَا وَهَيْئَتُهَا، وَذَهَبَ بَصَرُهَا فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى مَعْنَى تَقْدِيرِ عَقْلِهَا فِي الْجُمْلَةِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَالَ ذَلِكَ فِي عَيْنٍ مُعَيَّنَةٍ أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَى غُرْمِ هَذَا الْمِقْدَارِ فِيهَا، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ فِيهَا، وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْمَجْمُوعَةِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْمُجْتَمَعَ عَلَيْهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَنْ لَيْسَ فِي الْعَيْنِ الْقَائِمَةِ الَّتِي ذَهَبَ بَصَرُهَا فَبَقِيَتْ إلَّا الِاجْتِهَادُ، وَكَذَلِكَ الْيَدُ الشَّلَّاءُ تُقْطَعُ، وَالْأَصَابِعُ، وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ مَنَافِعَهَا قَدْ ذَهَبَتْ، وَإِنَّمَا بَقِيَ مِنْهَا شَيْءٌ مِنْ الْجَمَالِ فَلِذَلِكَ كَانَ فِيهَا الِاجْتِهَادُ، وَلَمْ يَتَقَدَّرْ عَقْلُهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ فِي عُضْوٍ بَاقِي الْمَنَافِعِ أَوْ بَعْضِهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ، وَرَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ، وَكَذَلِكَ الرِّجْلُ الْعَرْجَاءُ لَمْ يَبْقَ فِيهَا مَنْفَعَةٌ.

وَقَالَ فِي الْكِتَابَيْنِ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ، وَكَذَلِكَ الذِّرَاعُ يُقْطَعُ بَعْدَ ذَهَابِ الْكَفِّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَكَذَلِكَ الْكَفُّ يُقْطَعُ بَعْدَ ذَهَابِ الْأَصَابِعِ قَالَ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ، وَلَيْسَ فِي اسْتِرْخَاءِ اللِّسَانِ أَوْ الذَّكَرِ مِنْ الْكَبِيرِ وَضَعْفِ الْعَيْنِ مِنْ كِبَرٍ أَوْ رَمَدٍ أَوْ الرِّجْلِ مِنْ الْكِبَرِ بِمَنْزِلَةِ الْجِنَايَةِ عَلَيْهَا، وَلَا بِمَنْزِلَةِ مَا يَنْزِلُ بِهَا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى فَمَا كَانَ مِنْ الْكِبَرِ، ثُمَّ أُصِيبَ الْعُضْوُ فَفِيهِ الدِّيَةُ كَامِلَةً، وَرَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ فِي عَيْنِ الْكَبِيرِ قَدْ ضَعُفَتْ أَوْ يُصِيبُهَا الشَّيْءُ فَيَنْقُصُ بَصَرُهَا، وَلَمْ يَأْخُذْ لَهَا عَقْلًا فَعَلَى مَنْ أَصَابَهَا الدِّيَةُ كَامِلَةً فَسَاوَى بَيْنَ مَا يَنْقُصُ مِنْ الْجَارِحَةِ بِمَرَضٍ وَكِبَرٍ.

وَقَالَ أَشْهَبُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ مَنْ أَصَابَهُ فِي رِجْلِهِ أَمْرٌ مِنْ عِرْقٍ يُضْرَبُ أَوْ يُرْمَدُ بِعَيْنِهِ فَيَنْقُصُ بَصَرُهَا، ثُمَّ يُصَابُ فَإِنَّمَا لَهُ بِحِسَابِ مَا بَقِيَ مِنْهُمَا كَمَا لَوْ أَصَابَهُمَا بِمِثْلِ ذَلِكَ أَحَدٌ، وَمَنْ سَاوَى بَيْنَ مَا يُصِيبُهَا مِنْ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَمَا يُصِيبُهَا مِنْ الْكِبَرِ فَقَدْ غَلِطَ؛ لِأَنَّ كُلَّ جَارِحَةٍ لَا بُدَّ أَنْ تَضْعُفَ مِنْ الْكِبَرِ، وَأَمَّا الْمَرَضُ فَقَدْ يَسْلَمُ مِنْهُ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَأَمَّا شَتَرُ الْعَيْنِ وَحِجَاجُ الْعَيْنِ فَهُوَ الْعَظْمُ الْمُسْتَدِيرُ حَوْلَ الْعَيْنِ، وَيُقَابِلُ هُوَ الْأَعْلَى الَّذِي تَحْتَ الْحَاجِبِ وَالْجَمْعُ أَحِجَّةٌ.

وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إنْ شُجَّ حَاجِبُهُ فَبَرِئَ عَلَى عَثْمٍ فَفِيهِ حُكُومَةٌ إنْ سَلِمَتْ الْعَيْنُ، وَأَمَّا إنْ نَقَصَ بِذَلِكَ مِنْ بَصَرِهِ شَيْءٌ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا قَدْرُ دِيَةِ مَا نَقَصَ مِنْ بَصَرِهِ يُرِيدُ أَنَّ الْحَاجِبَ، وَإِنْ كَانَ عُضْوًا غَيْرَ الْعَيْنِ فَإِنَّهُ مِنْ آلَاتِهِ وَتَوَابِعِهِ فَإِذَا أَصَابَهُ بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَمْ يُؤَثِّرْ فِي غَيْرِ الْحَاجِبِ اُعْتُبِرَ تَأْثِيرُهَا فِي الْحَاجِبِ، وَإِذَا أَثَّرَتْ فِي الْبَصَرِ الَّذِي هُوَ مَقْصُودُ الْعَيْنِ سَقَطَ تَأْثِيرُهَا فِي الْحَاجِبِ إذَا كَانَ فِيهِ الِاجْتِهَادُ، وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ أَرْشٌ مُقَدَّرٌ فَإِذَا لَمْ يَبْلُغْ الْمُوضِحَةَ فَإِنَّمَا فِيهِ الِاجْتِهَادُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ أَثَّرَ الضَّرْبُ شَيْئًا فَإِنْ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي الْبَصَرِ ثَبَتَ حُكْمُ ذَلِكَ الشَّيْنِ، وَإِنْ أَثَّرَ فِي الْبَصَرِ بَطَلَ، وَكَانَ تَبَعًا

<<  <  ج: ص:  >  >>