للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِدَّةُ أُمِّ الْوَلَدِ إذَا تُوُفِّيَ عَنْهَا سَيِّدُهَا (ص) : (مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْت الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ يَقُولُ إنَّ يَزِيدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ فَرَّقَ بَيْنَ رِجَالٍ وَبَيْنَ نِسَائِهِمْ وَكُنَّ أُمَّهَاتِ أَوْلَادِ رِجَالٍ هَلَكُوا فَزَوَّجُوهُنَّ بَعْدَ حَيْضَةٍ أَوْ حَيْضَتَيْنِ فَفَرَّقَ بَيْنَهُمْ حَتَّى يَعْتَدِدْنَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ سُبْحَانَ اللَّهِ يَقُولُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} [البقرة: ٢٣٤] مَا هُنَّ مِنْ الْأَزْوَاجِ. مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ عِدَّةُ أُمِّ الْوَلَدِ إذَا تُوُفِّيَ عَنْهَا سَيِّدُهَا حَيْضَةٌ. مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ عِدَّةُ أُمِّ الْوَلَدِ إذَا تُوُفِّيَ سَيِّدُهَا حَيْضَةٌ قَالَ مَالِكٌ وَهُوَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِمَّنْ تَحِيضُ فَعِدَّتُهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ) .

ــ

[المنتقى]

حُجْرَتِهَا وَأُسْطُوَانِهَا، وَبَيْتُهَا سَكَنٌ لَهَا فَلَهَا أَنْ تَبِيتَ حَيْثُ شَاءَتْ مِنْهُ، وَلَوْ كَانَتْ فِي مَقْصُورَةٍ مِنْ الدَّارِ وَفِي الدَّارِ مَقَاصِيرُ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَنْ تَبِيتَ إلَّا فِي حُجْرَتِهَا الَّتِي فِي يَدِهَا وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهَا سُكْنَى بِغَيْرِهَا مِنْ الْمَقَاصِيرِ بَلْ كَانَتْ مَسَاكِنَ لِغَيْرِهَا فَلَا يَحِقُّ لَهَا أَنْ تَعْتَدَّ فِيهِ كَسَائِرِ الدُّورِ.

[عِدَّةُ أُمِّ الْوَلَدِ إذَا تُوُفِّيَ عَنْهَا سَيِّدُهَا]

(ش) : قَوْلُهُ إنَّ يَزِيدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ فَسَخَ نِكَاحَ أُمِّ وَلَدٍ تَزَوَّجَتْ قَبْلَ أَنْ تَعْتَدَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا وَلَعَلَّ يَزِيدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ أَخَذَ بِقَوْلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَالزُّهْرِيِّ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّ عِدَّةَ أُمِّ الْوَلَدِ يُتَوَفَّى سَيِّدُهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ، وَرَوَى ذَلِكَ رَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ، وَقَدْ قِيلَ إنَّ قَبِيصَةَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عُمَرَ وَقَوْلُ الْقَاسِمِ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} [البقرة: ٢٣٤] مَا هُنَّ مِنْ الْأَزْوَاجِ إنَّمَا يَصِحُّ أَنْ يُحْتَجَّ بِهِ عَلَى مَنْ يُوجِبُ ذَلِكَ مِنْ الْآيَةِ وَيَتَعَلَّقُ بِعُمُومِهَا فَيَصِحُّ مِنْ الْقَاسِمِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ وَيَقُولَ إنَّ اسْمَ الْأَزْوَاجِ لَا يَتَنَاوَلُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ، وَإِنَّمَا يَتَنَاوَلُ الزَّوْجَاتِ دُونَ مَنْ يُسْتَبَاحُ بِمِلْكِ الْيَمِينِ، وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِذَلِكَ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُحْتَجَّ عَلَيْهِ بِمَا قَالَهُ الْقَاسِمُ لِجَوَازِ أَنْ يَثْبُتَ هَذَا الْحُكْمُ لَهُنَّ مِنْ غَيْرِ الْآيَةِ بِقِيَاسٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الْأَدِلَّةِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْقَاسِمُ يَتَعَلَّقُ بِدَلِيلِ الْخِطَابِ مِنْ الْآيَةِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُ ابْنِ عُمَرَ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ إنَّ عِدَّةَ أُمِّ الْوَلَدِ يُتَوَفَّى سَيِّدُهَا حَيْضَةٌ هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَبِهِ قَالَ الشَّعْبِيُّ وَأَبُو قِلَابَةَ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ عِدَّتُهَا ثَلَاثَةُ حِيَضٍ وَهُوَ قَوْلُ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَالنَّخَعِيِّ، وَقَالَ طَاوُسٌ وَقَتَادَةُ عِدَّتُهَا نِصْفُ عِدَّةِ الْحُرَّةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ هَذِهِ أَمَةٌ مَوْطُوءَةٌ بِمِلْكِ الْيَمِينِ فَكَانَ اسْتِبْرَاؤُهَا بِحَيْضَةٍ أَصْلُ ذَلِكَ الْأَمَةُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَهَلْ هِيَ عِدَّةٌ أَوْ اسْتِبْرَاءٌ مَحْضٌ؟ الَّذِي ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ فِي مَعُونَتِهِ أَنَّ الْحَيْضَةَ اسْتِبْرَاءٌ وَلَيْسَتْ بِعِدَّةٍ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَعِدَّتُهَا حَيْضَةٌ كَعِدَّةِ الْحَرَائِرِ ثَلَاثُ حِيَضٍ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ هَذِهِ أَمَةٌ مَوْطُوءَةٌ بِمِلْكِ يَمِينٍ فَلَمْ يَجِبْ فِيهَا عِدَّةٌ، وَإِنَّمَا هُوَ الِاسْتِبْرَاءُ كَالْأَمَةِ الَّتِي لَمْ تَلِدْ مِنْ سَيِّدِهَا، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي مَا اُحْتُجَّ بِهِ مِنْ أَنَّهَا لَوْ مَاتَ سَيِّدُهَا أَوْ أَعْتَقَهَا فِي حَيْضَتِهَا لَمْ تُجْزِهَا تِلْكَ حَتَّى تَحِيضَ بَعْدَ وَفَاتِهِ بِخِلَافِ الْأَمَةِ فَإِنَّهُ إذَا بَاعَهَا سَيِّدُهَا فِي أَوَّلِ دَمِهَا أَجْزَأَ ذَلِكَ مِنْ اسْتِبْرَائِهَا وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي أُمِّ الْوَلَدِ الْخُرُوجُ مِنْ طُهْرٍ إلَى حَيْضٍ، وَهَذَا حُكْمُ الْعِدَّةِ وَأَيْضًا فَإِنَّهُ يُقَدَّرُ لَهَا حُكْمُ الْفِرَاشِ بِكَوْنِهَا أُمَّ وَلَدٍ، وَلَوْ زَوَّجَهَا فَتُوُفِّيَ زَوْجُهَا وَسَيِّدُهَا غَائِبٌ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ بَعْدَ عِدَّتِهَا فَزَعَمَتْ أَنَّهُ مِنْ سَيِّدِهَا لَحِقَ بِهِ إلَّا أَنْ يُنْكِرَ وَطْأَهَا؛ لِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ، وَلَوْ اسْتَبْرَأَ السَّيِّدُ أَمَتَهُ، ثُمَّ أَعْتَقَهَا كَانَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ مَكَانَهَا، وَلَوْ اسْتَبْرَأَ أُمَّ وَلَدِهِ، ثُمَّ أَعْتَقَهَا لَمْ يَكُنْ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً قَالَهُ مَالِكٌ، وَوَجْهُ ذَلِكَ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ لَمَّا ثَبَتَ لَهَا أَصْلٌ لَازِمٌ فِي الْحُرِّيَّةِ بِالشَّرْعِ كَانَتْ كَالْحُرَّةِ فِي وُجُوبِ الْعِدَّةِ بِأَنْوَاعِ الْفُرْقَةِ فِي الْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ وَإِنْ كَانَتْ حَيْضَةً وَاحِدَةً لِنَقْصِ حُرْمَةِ الْأَمَةِ، وَإِنَّمَا وَجَبَتْ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ حَالَ الرِّقِّ اسْتِبْرَاءً مِنْ وَطْءٍ بِوَطْءِ يَمِينٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>