للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ: حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ: وَالنَّاسُ فِي مَقِيلِهِمْ لَا تَبْقَيَنَّ فِي رَقَبَةِ بَعِيرٍ قِلَادَةٌ مِنْ وَتَرٍ أَوْ قِلَادَةٌ إلَّا قُطِعَتْ» قَالَ يَحْيَى: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: أَرَى ذَلِكَ مِنْ الْعَيْنِ) .

ــ

[المنتقى]

[مَا جَاءَ فِي نَزْعِ الْمَعَالِيقِ وَالْجَرَسِ مِنْ الْعَيْنِ]

(ش) : قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَا يَبْقَيَنَّ فِي رَقَبَةِ بَعِيرٍ قِلَادَةٌ مِنْ وَتَرٍ أَوْ قِلَادَةٌ عَلَى الشَّكِّ مِنْ الرَّاوِي أَنْ يَكُونَ خَصَّ، أَوْ عَمَّ إلَّا قُطِعَتْ وَاَلَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ أَنَّ الْمَمْنُوعَ مِنْهَا الْأَوْتَارُ.

وَقَالَ: فِي الْعُتْبِيَّةِ مَا سَمِعْتُ بِكَرَاهِيَةٍ إلَّا فِي الْوَتَرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا بَأْسَ بِهِ مِنْ غَيْرِ الْوَتَرِ وَلَعَلَّهُ كَانَ يُصْنَعُ كَثِيرًا عَلَى وَجْهٍ مَحْظُورٍ فَتَعَلَّقَ الْمَنْعُ بِهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الْجَوْهَرِيُّ: وَقَدْ قِيلَ إنَّ الْجَاهِلِيَّةَ كَانُوا يُقَلِّدُونَهُ لِلْعَيْنِ فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ وَأَمَّا لِلْجَمَالِ فَلَا بَأْسَ بِهِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُ مَالِكٍ أَرَى ذَلِكَ مِنْ الْعَيْنِ عَلَى وَجْهِ التَّأْوِيلِ لِلْحَدِيثِ وَالْعُدُولِ بِهِ عَنْ عُمُومِهِ بِنَظَرِهِ وَاجْتِهَادِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ فِي عُنُقِهِ الْخِطَامُ وَغَيْرُهُ مِمَّا يُشَدُّ بِهِ الرَّحْلُ، وَيُزَيِّنُ ذَلِكَ بِمَا شَاءَ وَمَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ نَهَى عَنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهَا يَظُنُّ أَنَّ تِلْكَ الْقَلَائِدَ تَمْنَعُ أَنْ تُصِيبَ الْإِبِلَ الْعَيْنُ، أَوْ تَرُدُّ الْقَدَرَ وَقَدْ ذَهَبَ قَوْمٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُعَلَّقَ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ بَنِي آدَمَ وَالْبَهَائِمِ شَيْءٌ مِنْ الْعَلَائِقِ خَوْفَ نُزُولِ الْعَيْنِ وَإِنْ جَوَّزُوا تَعْلِيقَ ذَلِكَ عَلَى السَّقِيمِ رَجَاءً لِلْبُرْءِ وَالصَّحِيحُ مِنْ قَوْلِ الْعُلَمَاءِ جَوَازُ ذَلِكَ فِي الْوَجْهَيْنِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالْفُقَهَاءِ وَقَدْ يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَفْصِدَ وَيَحْتَجِمَ خَوْفَ التَّأَذِّي بِالدَّمِ كَمَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ بَعْدَ التَّأَذِّي بِهِ لِإِزَالَةِ ضَرَرِهِ وَكَمَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ قَبْلَ الْعَيْنِ وَبَعْدَهَا إذَا كَانَ فِيهَا حِرْزٌ، أَوْ دُعَاءٌ.

وَقَدْ قَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ فِي الْمُزَنِيَّةِ: لَا بَأْسَ أَنْ يُعَلِّقَ الرَّجُلُ عَلَى فَرَسِهِ لِلْجَمَالِ الْقِلَادَةَ الْمُلَوَّنَةَ فِيهَا خَرَزٌ وَإِنَّمَا كُرِهَ الْوَتَرُ وَمَا اُتُّخِذَ لِلْعَيْنِ وَقَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى.

وَقَالَ مَالِكٌ: مَا سَمِعْتُ بِكَرَاهِيَةٍ فِي الْقِلَادَةِ أَوْ فِي الْوَتَرِ.

وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: قَلِّدُوا الْخَيْلَ وَلَا تُقَلِّدُوهَا الْأَوْتَارَ، وَلَا أَعْرِفُهُ مِنْ وَجْهٍ صَحِيحٍ وَقَالَ غَيْرُهُ مَعْنَاهُ وَلَا تَرْكَبُوهَا فِي الْفِتَنِ فَمَنْ رَكِبَ فَرَسًا يَنْشَبُ أَنْ يُعَلَّقَ بِهِ وَتَرٌ يُطْلَبُ بِهِ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ مَا كُرِهَ مِنْ الْقَلَائِدِ فِي أَعْنَاقِ الْإِبِلِ هُوَ مِثْلُ الْجَرَسِ فَقَالَ: الْجَرَسُ أَشَدُّ قَالَ: وَإِنَّمَا كُرِهَ الْجَرَسُ فِيمَا يَقَعُ بِقَلْبِي لِصَوْتِهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَا بَأْسَ أَنْ يُعَلِّقَ الْعُوذَةَ فِيهَا الْقُرْآنَ وَذِكْرُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى الْإِنْسَانِ إذَا خُرِزَ عَلَيْهَا جِلْدٌ وَلَا خَيْرَ فِي أَنْ يَعْقِدَ فِي الْخَيْطِ الَّذِي يَرْبِطُ بِهِ وَلَا فِي أَنْ يَكْتُبَ فِي ذَلِكَ: " خَاتَمُ سُلَيْمَانَ " قَالَهُ كُلَّهُ مَالِكٌ قَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ يُعَلِّقَ الْحِرْزَ مِنْ الْحُمْرَةِ وَلَا بَأْسَ بِالنَّشْرَةِ وَالْأَسْعَارِ وَالْأَدْهَانِ وَبَلَغَنِي أَنَّ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - سُحِرَتْ فَقِيلَ لَهَا فِي مَنَامِهَا: خُذِي مَاءً مِنْ ثَلَاثَةِ آبَارٍ تَجْرِي بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ فَاغْتَسِلِي بِهِ فَفَعَلَتْ فَذَهَبَ عَنْهَا، مَا كَانَتْ تَجِدُهُ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ سَأَلَ مَالِكٌ عَمَّا يُعَلَّقُ مِنْ الْكُتُبِ فَقَالَ: مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ فِيهِ كَلَامُ اللَّهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ.

(فَصْلٌ) :

ذَكَرَ فِي التَّرْجَمَةِ نَزْعَ الْمَعَالِيقِ وَالْجَرَسِ مِنْ الْعَيْنِ وَلَا ذِكْرَ لَهَا فِي الْحَدِيثِ إلَّا بِمَعْنَى أَنَّهَا لَا تُعَلَّقُ فِي عُنُقِ الْبَعِيرِ إلَّا بِقِلَادَةٍ فَاقْتَضَى الْأَمْرُ بِنَزْعِ الْقَلَائِدِ أَنْ لَا يَنْزِعَهَا إلَّا أَنَّ هَذَا إنَّمَا يَكُونُ إذَا حُمِلَ الْأَمْرُ بِنَزْعِ الْقَلَائِدِ عَلَى عُمُومِهِ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ فِي كَرَاهِيَةِ الْقَلَائِدِ فِي أَعْنَاقِ الْإِبِلِ الْجَرَسُ أَشَدُّهُ وَمَا أَرَاهُ كَرِهَ الْجَرَسَ إلَّا لِصَوْتِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ سَأَلْت مَالِكًا عَنْ الْأَكْرِيَاءِ يَجْعَلُونَ الْأَجْرَاسَ فِي الْحَمِيرِ وَالْإِبِلِ الَّتِي تَحْمِلُ الْقُرْطَ وَغَيْرَهُ قَالَ: مَا جَاءَ فِيهِ إلَّا الْحَدِيثُ الْوَاحِدُ وَتَرْكُهُ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيمٍ لَهُ قَالَ مَالِكٌ: إنَّ سَالِمًا مَرَّ عَلَى عِيرٍ لِأَهْلِ الشَّامِ وَفِيهَا جَرَسٌ فَقَالَ لَهُمْ سَالِمٌ: إنَّ هَذَا يُنْهَى عَنْهُ قَالُوا لَهُ: نَحْنُ أَعْلَمُ بِهَذَا مِنْك إنَّمَا يُكْرَهُ الْجُلْجُلُ الْكَبِيرُ فَأَمَّا مِثْلُ هَذَا الصَّغِيرُ فَلَا بَأْسَ بِهِ، فَسَكَتَ سَالِمٌ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي الْجَرَّاحِ مَوْلَى أُمِّ حَبِيبَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الْعِيرُ الَّتِي فِيهَا جَرَسٌ لَا تَصْحَبُهَا الْمَلَائِكَةُ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>