للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

فِيهَا عَلَى غَيْرِ مَا قَدَّمْنَاهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَجُوزُ أَنْ تُبَاعَ الثَّمَرَةُ عَلَى رُءُوسِ النَّخْلِ بِخَرْصِهَا تَمْرًا فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ وَيَجُوزُ بَيْعُهَا لِجَمِيعِ النَّاسِ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ مَا رَوَى بُسْرُ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ بَيْعِ التَّمْرِ بِالتَّمْرِ وَرَخَّصَ فِي الْعَرِيَّةِ أَنْ تُبَاعَ بِخَرْصِهَا فَيَأْكُلَهَا أَهْلُهَا رُطَبًا» وَجْهُ الدَّلِيلِ أَنَّهُ اسْتَثْنَى مِنْ مَنْعِ ذَلِكَ بَيْعَ الْعَرَايَا بِغَيْرِ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَنْعٌ يَخْتَصُّ بِالْعَرَايَا جَوَازُهُ وَالشَّافِعِيُّ يُجَوِّزُهُ فِي أَنْوَاعِ الثِّمَارِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا يَكُونُ مِنْ الْمُسَمَّى عِنْدَهُ عَرَايَا إذَا كَانَ الْبَيْعُ إعْرَاءً وَجَائِزٌ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ فَتَبْطُلُ فَائِدَةُ التَّخْصِيصِ وَاسْتِثْنَاءُ الرُّخْصَةِ مِنْ الْمَنْعِ، وَوَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّهُ عَمَّ الْمَنْعَ وَاسْتَثْنَى مِنْ تِلْكَ الرُّخْصَةِ أَهْلَ الْعَرِيَّةِ وَهُمْ أَرْبَابُ النَّخْلِ فَوَجَبَ اخْتِصَاصُ هَذَا الْحُكْمِ بِهِمْ وَبَقِيَ الْبَاقُونَ عَلَى حُكْمِ الْمَنْعِ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذَا بَيْعُ التَّمْرِ بِالتَّمْرِ فَلَمْ يَجُزْ إلَّا لِدَفْعِ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ أَصْلُ ذَلِكَ إذَا كَانَ مَجْدُودًا وَدَلِيلٌ ثَانٍ وَهُوَ أَنَّ الْمَعْرِفَةَ بِالتَّمَاثُلِ أَمْكَنُ بِالْكَيْلِ مِنْهُ بِالْخَرْصِ؛ لِأَنَّ الْخَرْصَ إنَّمَا يَسْتَنِدُ إلَى الْكَيْلِ وَقَدْ ثَبَتَ وَتَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ بِالْكَيْلِ إذَا كَانَ مَجْدُودًا فَبِأَنْ لَا يَجُوزَ خَرْصًا أَوْلَى وَأَحْرَى.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ كَانَ لَهُ فِي حَائِطِ غَيْرِهِ أَصْلُ شَجَرَةٍ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ مِنْهُ ثَمَرَتَهَا بِخَرْصِهَا تَمْرًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ ذَلِكَ جَائِزٌ وَاخْتَلَفُوا فِي تَوْجِيهِ ذَلِكَ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ كَانَ لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْرِهِ شَيْئًا، وَإِنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ وَأَنْ يَكْفِيَهُ مُؤْنَةَ الْعَمَلِ فَذَلِكَ جَائِزٌ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَلَا يَجُوزُ شِرَاءُ ثَمَرَةٍ بِخَرْصِهَا كَيْلًا إلَّا لِدَفْعِ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ وَعَلَى هَذَا يَجُوزُ فِي هَذَا الْمَوْضُوعِ لِلتَّخْفِيفِ وَلَيْسَ بِالْقِيَاسِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ أَعْرَى جَمِيعَ حَائِطِهِ فَهَلْ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ ثَمَرَتَهُ بِخَرْصِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِم ذَلِكَ جَائِزٌ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ اُخْتُلِفَ فِي شِرَائِهِ بَعْضَ عَرِيَّتِهِ فَجَوَّزَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَنَعَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَلَوْ أَعْرَى جَمَاعَةٌ مُشْتَرِكُونَ فِي حَائِطِ رَجُلًا ثَمَرَةَ نَخْلٍ مِنْهُ فَأَرَادَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ عَرِيَّتَهُ فَلَا يَجُوزُ عِنْدَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ؛ لِأَنَّ ضَرُورَةَ الشَّرِكَةِ بِالدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ لَا تَرْتَفِعُ بِذَلِكَ وَجَوَّزَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِلْإِرْفَاقِ وَكِفَايَةِ الْمُؤْنَةِ، وَلَوْ أَعْرَى رَجُلٌ جَمَاعَةً جَازَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ بَعْضِهِمْ عَرِيَّتَهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَسْتَضِرُّ بِذَلِكَ وَيَتَحَفَّظُ مِنْهُ دُونَ غَيْرِهِ وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَخُصَّهُ بِالْإِرْفَاقِ دُونَ غَيْرِهِ.

[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ مَا يَصِحُّ ذَلِكَ فِيهِ مِنْ الثِّمَارِ] ١

ِ عَنْ مَالِكٍ فِيهِ رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَّا فِي النَّخْلِ وَالْعِنَبِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالثَّانِيَةُ يَجُوزُ فِي كُلِّ مَا يَيْبَسُ وَيُدَّخَرُ مِنْ الثِّمَارِ كَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَالْفُسْتُقِ رَوَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَهُوَ فِي الْمَبْسُوطِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى أَنَّ هَاتَيْنِ الثَّمَرَتَيْنِ يَخْتَصَّانِ بِالْأَكْلِ حَالَ الْإِرْطَابِ وَقَبْلَ الْيُبْسِ مِمَّا يَتَأَتَّى فِيهِ الْخَرْصُ وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ هَذَا مِمَّا يَيْبَسُ وَيُدَّخَرُ فَثَبَتَ فِيهِ حُكْمُ الْعَرِيَّةِ كَالثَّمَرِ، وَأَمَّا الزَّيْتُونُ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ فَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ إذَا كَانَ يَيْبَسُ وَيُدَّخَرُ جَازَ ذَلِكَ فِيهِ بِخَرْصِهِ وَمَعْنَى ذَلِكَ عِنْدِي أَنْ يُوضَعَ عَلَى حَالَةٍ يُدَّخَرُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَيْبَسُ وَيُدَّخَرُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ الْوَجْهِ وَيَكُونُ أَجَلُ بَيْعِهِ إلَى أَنْ يُمْكِنَ عَمَلُهُ بَعْدَ الْقِطَافِ وَكَذَلِكَ الْعِنَبُ إلَى أَنْ يُمْكِنَ تَزْبِيبُهُ بَعْدَ الْقِطَافِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ زَبِيبًا إلَّا بِالتَّزْبِيبِ بَعْدَ الْقِطَافِ، وَأَمَّا التِّينُ فَإِنَّ أَوْقَاتَهُ تَتَفَاوَتُ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَوَّلِ أَمْرِهِ شَرَعَ فِي تَيْبِيسِهِ فَلَهُ أَنْ يَدْفَعَ خَرْصَهُ مِنْهُ دُونَ شَرْطٍ يَكُونُ بَيْنَهُمَا فِي ذَلِكَ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ كَانَ عِنَبًا لَا يَتَزَبَّبُ أَوْ نَخْلًا لَا يَتَتَمَّرُ فَعَلَى اشْتِرَاطِ الْيُبْسِ يَجِبُ أَنْ لَا يَجُوزَ ابْتِيَاعُ عَرِيَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا شُرِطَ أَنْ يُعْطِيَهُ تَمْرًا فَإِمَّا أَنْ يُشْتَرَطَ أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ صِنْفٍ غَيْرِهِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ.

وَقَدْ قَالَ أَصْبَغُ فِيمَا لَا يَيْبَسُ مِنْ الْفَوَاكِهِ لَا يَجُوزُ لِلْمُعْرَى أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ مُعْرِيهِ بِخَرْصِهِ نَقْدًا وَلَا إلَى جِدَادِهِ وَلَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>