للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ بِحَسَبِ الِاجْتِهَادِ، وَلَيْسَ الْمُكْثِرُ كَالْمُقِلِّ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ شَيْءٌ لِإِقْلَالِهِ يُرِيدُ أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ بَلَغَ حَالَ الْعَدَمِ فَلَا شَيْء عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ، وَمَنْ يُؤْخَذُ مِنْهُمْ أَيْضًا لَا تَسْتَوِي أَحْوَالُهُمْ فَمِنْهُمْ مَنْ لَهُ الْمَالُ الْوَاسِعُ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ بِقَدْرِ ذَلِكَ، وَمِنْهُمْ مَنْ مَالُهُ لَيْسَ بِالْكَثِيرِ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ مَا لَا يُجْحِفُ بِهِ، وَإِنَّمَا يَذْهَبُ فِي ذَلِكَ إلَى التَّخْفِيفِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ كَانَ يُؤْخَذُ مِمَّنْ كَانَ مِنْهُمْ فِي دِيوَانٍ مِنْ كُلِّ مِائَةِ دِرْهَمٍ مِنْ عَطَائِهِ دِرْهَمٌ وَنِصْفٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَابُ الثَّانِي فِي صِفَةِ الْعَمْدِ وَتَمْيِيزِهِ مِنْ الْخَطَإِ] ١

قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ الْعَمْدُ أَنْ يَعْمِدَ لِلْقَتْلِ فِيمَا يَرَى النَّاسُ.

وَقَالَ فِي الْكِتَابَيْنِ وَالْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنَّ مَنْ عَمَدَ إلَى ضَرْبِ رَجُلٍ بِعَصًا أَوْ رَمَاهُ بِحَجَرٍ أَوْ غَيْرِهِ فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ عَمْدٌ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ قَالَ عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فَكَذَلِكَ لَوْ طَرَحَهُ فِي نَهْرٍ، وَلَا يُحْسِنُ الْعَوْمَ عَلَى وَجْهِ الْعَدَاوَةِ.

وَقَالَ مَالِكٌ وَالْعَمْدُ فِي كُلِّ مَا يَعْمِدُ بِهِ الرَّجُلُ مِنْ ضَرْبَةٍ أَوْ وَكْزَةٍ أَوْ لَطْمَةٍ أَوْ رَمْيَةِ بُنْدُقَةٍ أَوْ حَجَرٍ أَوْ ضَرْبٍ بِقَضِيبٍ أَوْ عَصًا أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ لَمْ أُرِدْ الضَّرْبَ لَمْ يُصَدَّقْ، وَكُلُّ مَا عَمَدَ بِهِ إلَى اللَّعِبِ مِنْ رَمْيَةٍ أَوْ وَكْزَةٍ أَوْ ضَرْبَةٍ بِسَوْطٍ أَوْ اُضْطُرَّ غَافِلًا فَلَا قَوَدَ فِيهِ، وَلَا يُتَّهَمُ بِمَا يُتَّهَمُ بِهِ الْمُتَغَاضِبُ لِظُهُورِ الْمُلَاعَبَةِ مِنْهُمَا فَلَا قَوَدَ فِيهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ، وَلَوْ تَنَاقَلُوا فِي الْمَاءِ فِي نَهْرٍ أَوْ بَحْرٍ فَمَاتَ أَحَدُهُمْ فَهُوَ مِنْ الْخَطَإِ إلَّا أَنْ يَتَعَمَّدَ النَّاقِلُ قَتْلَ الْمَنْقُولِ بِأَنْ يُغَطِّسَهُ حَتَّى يَمُوتَ فَفِيهِ الْقَوَدُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ أَشَارَ عَلَى رَجُلٍ بِالسَّيْفِ فَمَاتَ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إنْ تَمَادَى بِالْإِشَارَةِ وَهُوَ يَفِرُّ مِنْهُ فَطَلَبَهُ حَتَّى مَاتَ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ طَلَبَهُ بِالسَّيْفِ حَتَّى سَقَطَ فَلْيُقْسِمْ وُلَاتُهُ أَنَّهُ مَاتَ خَوْفًا مِنْهُ وَيَقْتُلُونَهُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ ابْنِ الْمَوَّازِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَاتَ مِنْ السَّقْطَةِ، وَهِيَ مِنْ فِعْلِ نَفْسِهِ فَلِذَلِكَ كَانَتْ فِيهِ الْقَسَامَةُ، وَفِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْ فِعْلِهِ يُحْمَلُ عَلَيْهِ مَوْتُهُ فَلَمْ تَجِبُ فِيهِ قَسَامَةٌ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى الطَّالِبِ الْقِصَاصُ، وَلَمْ يَذْكُرْ قَسَامَةً قَالَ وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَالْمُغِيرَةُ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغُ فَإِنْ كَانَتْ إشَارَةً فَقَطْ فَمَاتَ فَإِنَّمَا فِيهِ الدِّيَةُ عِنْدَ ابْنِ الْمَوَّازِ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَنَحْوِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ هَذَا فِعْلٌ لَا يَقَعُ بِهِ الْمَوْتُ غَالِبًا، وَلَمْ يَصِلْ مِنْهُ إلَى الْقَتِيلِ مَا يَرَى أَنَّهُ تَعَمَّدَ قَتْلَهُ.

(مَسْأَلَةُ) وَمَنْ قَتَلَ رَجُلًا عَمْدًا فَظَنَّهُ غَيْرَهُ مِمَّنْ لَوْ قَتَلَهُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ قِصَاصٌ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ لَا قِصَاصَ فِيهِ، وَقَدْ مَضَى مِثْلُ ذَلِكَ فِي مُسْلِمٍ قَتَلَهُ الْمُسْلِمُونَ بِعَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَظُنُّونَهُ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَوَدَاهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يُقَدْ بِهِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) وَأَمَّا شِبْهُ الْعَمْدِ فَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِيهِ فَمَرَّةً أَثْبَتَهُ، وَمَرَّةً نَفَاهُ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ عَنْهُ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَغَيْرِهَا إنَّ شِبْهَ الْعَمْدِ بَاطِلٌ إنَّمَا هُوَ عَمْدٌ أَوْ خَطَأٌ.

وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ بِإِثْبَاتِ شَبَهٍ رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْهُ، وَعَنْ ابْنِ شِهَابٍ وَرَبِيعَةَ وَأَبِي الزِّنَادِ، وَحَكَاهُ أَصْحَابُنَا الْعِرَاقِيُّونَ عَنْ مَالِكٍ، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ، وَجْهُ نَفْيِهِ قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً} [النساء: ٩٢] ، ثُمَّ قَالَ تَعَالَى {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا} [النساء: ٩٣] فَذَكَرَ الْخَطَأَ وَالْعَمْدَ، وَلَمْ يَذْكُرْ غَيْرَهُمَا، وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ الْخَطَأَ مَعْقُولٌ، وَهُوَ مَا يَكُونُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ، وَالْعَمْدُ مَعْقُولٌ، وَهُوَ مَا كَانَ بِقَصْدِ الْفَاعِلِ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا قِسْمٌ ثَالِثٌ، وَلَا يَصِحُّ وُجُودُ الْقَصْدِ وَعَدَمِهِ لِكَوْنِهِمَا ضِدَّيْنِ، وَوَجْهُ إثْبَاتِهِ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «أَلَا إنَّ قَتِيلَ الْعَمْدِ وَالْخَطَإِ قَتِيلُ السَّوْطِ وَالْعَصَا فِيهِ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ أَرْبَعُونَ مِنْهَا خَلِفَةً» فَأَثْبَتَ شِبْهَ الْعَمْدِ، وَهَذَا الْحَدِيثُ غَيْرُ ثَابِتٍ رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ زِيَادِ بْنِ جُدْعَانَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ عَنْ الْقَاسِمِ، وَابْنُ رَبِيعَةَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَلَمْ يَلْقَ الْقَاسِمُ ابْنَ عُمَرَ، وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ شِبْهَ الْعَمْدِ مَا أَخَذَ شَبَهًا مِنْ الْعَمْدِ وَشَبَهًا مِنْ الْخَطَإِ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُ حُكْمِ أَحَدِهِمَا عَلَى التَّحْدِيدِ.

(فَرْعٌ) إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>