للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) (كِتَابُ الْمُكَاتَبِ) (الْقَضَاءُ فِي الْمُكَاتَبِ) (ص) : (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ شَيْءٌ مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ كَانَا يَقُولَانِ الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ شَيْءٌ قَالَ مَالِكٌ وَهُوَ رَأْيِي) .

ــ

[المنتقى]

وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَهُوَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَكِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ قَالَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُورَثُ بِالْوَلَاءِ إلَّا مَعَ عَدَمِ النَّسَبِ فَوَلَدُ الرَّجُلِ يَرِثُ مَوَالِيهِ دُونَ مَنْ أَعْتَقَ أَبَاهُ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ مَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا لَهُ وَلَدٌ حُرٌّ، ثُمَّ أَعْتَقَ الْأَبُ عَبِيدًا وَمَاتَ فَإِنَّ الْوَلَدَ يَرِثُ الْمَوَالِيَ دُونَ مَنْ أَعْتَقَ أَبَاهُ؛ لِأَنَّ وِرَاثَةَ الِابْنِ مَوَالِيَ أَبِيهِ وِرَاثَةٌ بِالنَّسَبِ مَا ثَبَتَ بِالْوَلَاءِ وَوِرَاثَةُ مُعْتِقِ الْأَبِ لِمَوَالِي الْأَبِ وِرَاثَةٌ بِالْوَلَاءِ مَا يَثْبُتُ بِالْوَلَاءِ وَفِي الْكِتَابَيْنِ أَنَّ مِمَّا يُبَيِّنُ هَذَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَوْضِعُ الِابْنَةِ أَجْنَبِيًّا لَوَرِثَ مَوَالِيَ الْأَبِ الِابْنُ دُونَ الْأَجْنَبِيِّ لِمَا قَدَّمْنَاهُ أَنَّ الِابْنَ يَرِثُهُمْ بِالنَّسَبِ وَالْأَجْنَبِيَّ يَرِثُهُمْ بِالْوَلَاءِ.

[مِيرَاثُ السَّائِبَةِ وَوَلَاءُ مَنْ أَعْتَقَ الْيَهُودِيُّ أَوْ النَّصْرَانِيُّ]

(ش) : وَهَذَا عَلَى مَا قَالَ إنَّهُ قَدْ يُعْتِقُ الرَّجُلُ عَبْدَهُ سَائِبَةً وَرَوَى فِي الْعُتْبِيَّةِ أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَكْرَهُ عِتْقَ السَّائِبَةِ؛ لِأَنَّهُ كَهِبَةِ الْوَلَاءِ قَالَ عِيسَى عَنْهُ أَكْرَهُهُ وَأَنْهَى عَنْهُ قَالَ أَصْبَغُ وَسَحْنُونٌ لَا تُعْجِبُنَا كَرَاهَتَهُ لِذَلِكَ وَهُوَ جَائِزٌ كَمَا يُعْتِقُ عَنْ غَيْرِهِ يُرِيدُ عَنْ مُعْتِقٍ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْتَ سَائِبَةٌ يُرِيدُ الْعِتْقَ قَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ هُوَ حُرٌّ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْحُرِّيَّةَ وَمَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ سَائِبَةً فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ عَنْ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ فَثَبَتَ وَلَاؤُهُ لَهُمْ وَبِهِ قَالَ عُمَرُ وَابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمُطَرِّفٌ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ نَافِعٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَوَلَاؤُهُ لِمُعْتِقِهِ وَبِهِ قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَرَوَى فِي الْعُتْبِيَّةِ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى عَنْ ابْنِ نَافِعٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا سَائِبَةَ عِنْدَنَا الْيَوْمَ فِي الْإِسْلَامِ وَمَنْ أَعْتَقَ سَائِبَةً فَوَلَاؤُهُ لَهُ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ: أَنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ عَنْهُ كَمَا لَوْ أَعْتَقَهُ عَنْ رَجُلٍ مُعَيَّنٍ وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ نَافِعٍ مَا رَوَى عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ وَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ وَهَذَا مُعْتَقٌ؛ وَلِأَنَّهُ لَمْ يُعْتِقْ عَنْ مُعَيَّنٍ فَكَانَ الْوَلَاءُ لَهُ كَمَا لَوْ أَطْلَقَ الْعِتْقَ.

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ يُسْلِمُ عَبْدُ أَحَدِهِمَا فَيُعْتِقُهُ قَبْلَ أَنْ يُبَاعَ عَلَيْهِ أَنَّ وَلَاءَ الْعَبْدِ الْمُعْتَقِ لِلْمُسْلِمِينَ وَإِنْ أَسْلَمَ الْيَهُودِيُّ أَوْ النَّصْرَانِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَرْجِعْ إلَيْهِ الْوَلَاءُ أَبَدًا قَالَ، وَلَكِنْ إذَا أَعْتَقَ الْيَهُودِيُّ، أَوْ النَّصْرَانِيُّ عَبْدًا عَلَى دِينِهِمَا، ثُمَّ أَسْلَمَ الْمُعْتَقُ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ الْيَهُودِيُّ، أَوْ النَّصْرَانِيُّ الَّذِي أَعْتَقَهُ، ثُمَّ أَسْلَمَ الَّذِي أَعْتَقَهُ رَجَعَ إلَيْهِ الْوَلَاءُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ ثَبَتَ لَهُ الْوَلَاءُ يَوْمَ أَعْتَقَهُ قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ كَانَ لِلْيَهُودِيِّ، أَوْ النَّصْرَانِيِّ وَلَدٌ مُسْلِمٌ وَرِثَ مَوْلَى أَبِيهِ الْيَهُودِيِّ، أَوْ النَّصْرَانِيِّ إذَا أَسْلَمَ الْمَوْلَى الْمُعْتَقُ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ الَّذِي أَعْتَقَهُ وَإِنْ كَانَ الْمُعْتَقُ حِينَ أَعْتَقَ مُسْلِمًا لَمْ يَكُنْ لِلْوَلَدِ النَّصْرَانِيِّ، أَوْ الْيَهُودِيِّ الْمُسْلِمَيْنِ مِنْ وَلَاءِ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْيَهُودِيِّ وَلَا لِلنَّصْرَانِيِّ وَلَاءٌ فَوَلَاءُ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ) .

(ش) : قَوْلُهُ فِي الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ يُسْلِمُ عَبْدُ أَحَدِهِمَا فَيُعْتِقُهُ قَبْلَ أَنْ يُبَاعَ عَلَيْهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُبَاعُ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يُخْرِجْهُ عَنْ مِلْكِهِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُ كَافِرٍ مُسْلِمًا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يُسْلِمُهُ وَلَا يَظْلِمُهُ» ، وَلَيْسَ حِينَ أَسْلَمَهُ لَهُ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يُسْلِمَهُ إلَى اسْتِرْقَاقِ الْكَافِرِ.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَإِنَّ وَلَاءَ الْعَبْدِ لِلْمُسْلِمِينَ سَمَّاهُ عَبْدًا عَلَى وَجْهِ التَّجَوُّزِ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا وَإِنَّمَا هُوَ الْآنَ بَعْدَ الْعِتْقِ حُرٌّ وَلَوْ كَانَ عَبْدًا لَمْ يَثْبُتْ لَهُ وَلَاءٌ لِوَرَثَةِ مَوْلَاهُ الْكَافِرِ بِحُكْمِ الرِّقِّ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ يَرِثُ الْمُسْلِمُ عَبْدَ عَبْدِهِ النَّصْرَانِيِّ، أَوْ الْمَجُوسِيِّ بِالرِّقِّ وَلَوْ أَسْلَمَ عَبْدُ الْمَجُوسِيِّ، ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُبَاعَ عَلَيْهِ وَرِثَهُ الْكَافِرُ بِالرِّقِّ قَالَ، وَكَذَلِكَ مُدَبَّرُهُ وَأُمُّ وَلَدِهِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى مَعْنَى الْمِيرَاثِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْمِيرَاثِ

<<  <  ج: ص:  >  >>