للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِيمَا تَصِحُّ الْحَمَالَةُ بِهِ]

ِ) الْحَمَالَةُ تَصِحُّ فِي الْمَعْلُومِ وَالْمَجْهُولِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فِي مَنْعِهَا مِنْ الْمَجْهُولِ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ هَذِهِ وَثِيقَةٌ بِحَقٍّ فَصَحَّتْ فِي الْمَجْهُولِ كَالشَّهَادَةِ بِالْوَصِيَّةِ إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ مَنْ أَوْصَى وَلَدَهُ أَوْ غَيْرَهُمْ أَنْ يَضْمَنُوا عَنْهُ دَيْنَهُ فَذَلِكَ جَائِزٌ سَمَّى الدَّيْنَ، أَوْ لَمْ يُسَمِّهِ وَالْغُرَمَاءُ حُضُورٌ، أَوْ غُيَّبٌ فِي الصِّحَّةِ، أَوْ فِي الْمَرَضِ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ مَا لَا يَدْرِي كَمْ هُوَ وَتَرَكَ مَالًا مِنْ عَيْنٍ وَعَرْضَ لَمْ يُحْصَرْ وَلَا يَدْرِي كَمْ هُوَ فَتَحَمَّلَ بَعْضُ وَرَثَتِهِ بِدَيْنِهِ إلَى أَجَلٍ عَلَى أَنْ يُخَلِّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِهِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ بَعْدَ وَفَاءِ الدَّيْنِ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَرَثَةِ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ كَانَ نُقْصَانٌ فَعَلَيْهِ وَحْدَهُ إنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ كَانَ الَّذِي تَحَمَّلَ بِهِ نَقْدًا، أَوْ مُؤَجَّلًا؛ لِأَنَّهُ صَانَهُ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ، وَلَوْ كَانَ عَلَى أَنَّ لَهُ الْفَضْلَ وَعَلَيْهِ النَّقْصَ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فَاسِدٌ.

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنْ طَرَأَ غَرِيمٌ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْوَارِثُ لَزِمَهُ أَنْ يَقْضِيَهُ وَلَا يَنْفَعُهُ قَوْلُهُ لَمْ أَعْلَمْ بِهِ قَالَ ذَلِكَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ الْتَزَمَ أَدَاءَ دُيُونِهِ عَلَى الْعُمُومِ وَلَمْ يَخُصَّ مَا يَعْلَمُهُ دُونَ مَا لَا يَعْلَمُهُ وَالْتِزَامُ ذَلِكَ عَنْ الْمَيِّتِ، أَوْ الْمُفْلِسِ جَائِزٌ لَازِمٌ وَالْتِزَامُ الْمَجْهُولِ لَازِمٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ قَالَ أَنَا ضَامِنٌ لِمَا قَضَى بِهِ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ وَهُمَا غَائِبَانِ، أَوْ حَاضِرَانِ، أَوْ أَحَدُهُمَا غَائِبٌ أَنَّ ذَلِكَ يَلْزَمُهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ مَنْ أَوْجَبَ الْمَعْرُوفَ عَلَى نَفْسِهِ لَزِمَهُ وَالْكَفَالَةُ مَعْرُوفٌ فَلَزِمَتْ لُزُومَ الدَّيْنِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ قَالَ لِرَجُلٍ بَايِعْ فُلَانًا وَأَنَا ضَامِنٌ لِمَا بِعْته بِهِ لَزِمَهُ ذَلِكَ إذَا ثَبَتَ مَا بَاعَهُ بِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَقَالَ غَيْرُهُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ مِنْ ذَلِكَ مَا يُشْبِهُ أَنْ يُعَامَلَ بِهِ الْمُتَحَمِّلُ عَنْهُ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مَذْهَبَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيُرَاعَى فِيهِ أَيْضًا حَالُ الْمُتَحَمَّلِ لَهُ، قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى ثَلَاثَةِ أُصُولٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّ ضَمَانَ الْمَجْهُولِ جَائِزٌ وَالثَّانِي: أَنَّ ضَمَانَ الْحَقِّ قَبْلَ وُجُوبِهِ جَائِزٌ كَقَوْلِهِ أَلْقِ مَالَك فِي الْبَحْرِ وَعَلَيَّ ضَمَانُهُ، وَالثَّالِثُ: أَنَّ إطْلَاقَ مِثْلِ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ قَالَ لِبَائِعِ فَاكِهَةٍ يُرِيدُ مُبَايَعَةَ رَجُلٍ بِالدِّرْهَمِ وَالدِّرْهَمَيْنِ أَنَا ضَامِنٌ لِمَا بَايَعْت بِهِ فُلَانًا فَعَامِلْهُ بِثِيَابٍ فُرْقُبِيَّةٍ بَاعَهَا مِنْهُ، أَوْ يَوَاقِيتَ وَجَوَاهِرَ لَهَا الثَّمَنُ الْكَثِيرُ مِنْ آلَافِ الدَّنَانِيرِ لَمْ يَلْزَمْهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ هَذِهِ الْمُعَامَلَةَ وَلَا ضَمَانَ هَذَا الْمِقْدَارِ مِنْ الْأَثْمَانِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي مِثْلِهِ مِنْ مُبَايَعَةِ مِثْلِهِ فِيمَا يَبْتَاعُهُ عَلَى وَجْهِ التَّفَكُّهِ الشَّيْءَ بَعْدَ الشَّيْءِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(فَرْعٌ) وَلَوْ رَجَعَ الْحَمِيلُ قَبْلَ أَنْ يُعَامِلَهُ الْمُتَحَمِّلُ مِنْهُ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَهُ ذَلِكَ بِخِلَافِ مَنْ قَالَ لِمَنْ يُخَاصِمُ أَخَاهُ احْلِفْ عَلَى مَا تَدَّعِيه قَبْلَ أَخِي وَأَنَا ضَامِنٌ ثُمَّ أَرَادَ الرُّجُوعَ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْحَمِيلَ لَمَّا لَمْ يُعَامِلْ بِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لَمْ يَتَحَمَّلْ شَيْئًا مَاضِيًا وَلَاحِقًا ثَابِتًا، وَإِنَّمَا وَعَدَ بِالْحَمَالَةِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ إذَا وَجَدَ الدَّيْنَ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ قَبْلَ أَنْ يَلْزَمَ الْحَمَالَةَ بِوُجُودِ الدَّيْنِ، وَاَلَّذِي قَالَ لَهُ: احْلِفْ بِمَا تَدَّعِيه وَأَنَا لَهُ ضَامِنٌ يَضْمَنُ أَمْرًا قَدْ تَقَدَّمَ وُجُودُهُ فَكَانَ لِلطَّالِبِ أَنْ يُحَقِّقَ وُجُودَهُ فِي الْمَاضِي بِيَمِينِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَلِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ الرُّجُوعُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَضَمَّنَ دَيْنًا مَاضِيًا عَلَى صِفَةٍ وَهِيَ وُجُودُ الْيَمِينِ الْمُثْبِتَةُ لَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً فَتَكَفَّلَتْ لَهُ بِمَا أَدْرَكَهُ فِيهَا مِنْ دَرْكٍ لَزِمَهُ ضَمَانُ ذَلِكَ، وَوَجْهُ ذَلِكَ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ صِحَّةِ الْكَفَالَةِ بِالْمَجْهُولِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ جَازَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ بِهَا حَمِيلًا وَلَا تَجُوزُ الْحَمَالَةُ بِكِتَابَةِ الْمُكَاتَبِ، وَإِنْ لَمْ يَتَعَجَّلْ الْعِتْقَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ إنْ عَجَّلَ عِتْقَهُ عَلَى مَالٍ لَزِمَهُ ذَلِكَ الْمَالُ فِي ذِمَّتِهِ فَلِذَلِكَ صَحَّتْ الْحَمَالَةُ بِهِ وَمَا عَلَى الْمُكَاتَبِ مِنْ غُرْمِ كِتَابَتِهِ فَغَيْرُ مُعَلَّقٍ بِصِفَةٍ وَلَا هُوَ دَيْنٌ ثَابِتٌ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَسْقُطُ بِالْعَجْزِ عَنْهُ فَلِذَلِكَ لَا تَصِحُّ الْحَمَالَةُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ حَمِيلًا لِمُعَيَّنٍ اشْتَرَيْتُهُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ: لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>