للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

الْمَوَّازِيَّةِ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّهَا كَنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ لَا تَفْتَقِرُ إلَى حُكْمِ حَاكِمٍ وَفَرَّقَ أَشْهَبُ فِي الْمُدَوَّنَةِ بَيْنَ الِابْنِ وَالْأَبَوَيْنِ بِأَنْ قَالَ إنَّ الِابْنَ لَمْ تَزَلْ نَفَقَتُهُ ثَابِتَةً وَنَفَقَةُ الْأَبِ قَدْ كَانَتْ سَاقِطَةً عَنْ ابْنِهِ فَإِنَّمَا تَثْبُتُ عَلَيْهِ بِقَضَاءٍ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ مِنْ زَكَاةٍ فَرَّطَ فِيهَا فَفِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ لَهُ عِشْرُونَ دِينَارًا فَرَّطَ فِي زَكَاتِهَا بَعْدَ الْحَوْلِ وَاتَّجَرَ فِيهَا فَحَالَ عَلَيْهَا حَوْلٌ آخَرُ وَهِيَ أَرْبَعُونَ فَإِنَّهُ يُزَكِّي الْعِشْرِينَ لِلْحَوْلِ الْأَوَّلِ نِصْفَ دِينَارٍ وَيُزَكِّي لِلْحَوْلِ الثَّانِي تِسْعَةً وَثَلَاثِينَ وَنِصْفًا؛ لِأَنَّ زَكَاةَ الْعِشْرِينَ دَيْنٌ عَلَيْهِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ كَانَتْ بِيَدِهِ مِائَةُ دِينَارٍ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مِثْلُهَا فَلَمَّا حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ وَهَبَ إيَّاهَا الْغَرِيمَ فَقَدْ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ لَا يُزَكِّيه حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ حَوْلٌ مِنْ يَوْمِ وَهَبَهُ لَهُ.

وَقَالَ أَشْهَبُ عَلَيْهِ فِيهِ الزَّكَاةُ حِينَ وُهِبَتْ لَهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهَا وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مَا احْتَجَّ بِهِ سَحْنُونٌ مِنْ أَنَّهَا لَوْ بَقِيَتْ بِيَدِهِ لَمْ تُوهَبْ لَهُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ فِيهَا زَكَاةٌ؛ لِأَنَّهَا مِلْكٌ لِغَيْرِهِ أَوْ لِمَنْ يَقْدِرُ عَلَى انْتِزَاعِهَا مِنْهُ كَمَالِ الْعَبْدِ فَلَمَّا وُهِبَتْ لَهُ صَارَتْ فَائِدَةً مَلَكَهَا السَّاعَةَ فَيَجِبُ أَنْ يَسْتَقْبِلَ بِهَا حَوْلًا كَمَا لَوْ كَانَتْ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ كَمَالِ الْعَبْدِ يَتَقَرَّرُ مِلْكُهُ عَلَيْهِ بِالْعِتْقِ.

وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي مَا احْتَجَّ بِهِ مِنْ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ كَانَتْ عِنْدَهُ خَمْسَةُ دَنَانِيرَ فَلَمَّا حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ اشْتَرَى بِهَا سِلْعَةً فَبَاعَهَا بِعِشْرِينَ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ فِيهَا الزَّكَاةُ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الدَّيْنَ كَانَ مُتَعَلِّقًا بِذِمَّتِهِ وَبِالْمَالِ الَّذِي بِيَدِهِ فَلَمَّا وُهِبَتْ لَهُ اقْتَضَى الدَّيْنُ بِذِمَّتِهِ فَلَزِمَتْهُ الزَّكَاةُ فِي الْمَالِ لِمِلْكِهِ لَهُ فِي جَمِيعِ الْحَوْلِ وَلَوْ أَدَّاهَا فِي دَيْنِهِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ فِيهَا الزَّكَاةُ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَمَّا أُدِّيَ مِنْهَا اخْتَصَّ بِهَا وَتَعَيَّنَ بِهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(فَرْعٌ) وَلَوْ وَهَبَهَا لِأَجْنَبِيٍّ فَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ لَا زَكَاةَ عَلَى الْغَرِيمِ وَلَا عَلَى الْوَاهِبِ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ أَمَّا الْوَاهِبُ فَلْيُزَكِّهَا؛ لِأَنَّ يَدَ الْقَابِضِ لَهَا كَيَدِهِ، وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ لَمْ يَقْبِضْهَا لِلْوَاهِبِ، وَإِنَّمَا قَبَضَهَا لِنَفْسِهِ فَلَا زَكَاةَ عَلَى الْوَاهِبِ كَمَا لَوْ وَهَبَهَا لِمَنْ هِيَ عَلَيْهِ.

[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي مَعْنَى الْعَرْضِ الَّذِي يُحْتَسَبُ بِهِ فِي الدَّيْنِ]

وَأَمَّا الْعَرْضُ الَّذِي يُحْتَسَبُ بِهِ فِي الدَّيْنِ لِيُزَكِّيَ الْعَيْنَ فَأَصْلُهُ أَنَّ الدَّيْنَ يُسْقِطُ زَكَاةَ الْعَيْنِ فَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَرْضٌ يَفِي بِدَيْنِهِ اُحْتُسِبَ بِدَيْنِهِ وَمَنْ كَانَ لَهُ عَرْضٌ يَفِي بِدَيْنِهِ فِيهِ وَوَجَبَتْ الزَّكَاةُ فِيمَا بِيَدِهِ فَإِنْ كَانَ الْعَرْضُ يَفِي بِبَعْضِ دَيْنِهِ اُحْتُسِبَ بِهِ فِيمَا يُقَابِلُهُ مِنْ الدَّيْنِ وَبَاقِي دَيْنِهِ يُسْقِطُ الزَّكَاةَ عَنْ قَدْرِهِ مِنْ الْمَالِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَهَذَا إذَا كَانَ الْعَرْضُ قَدْ حَالَ عَلَيْهِ عِنْدَهُ حَوْلٌ فَإِنْ أَفَادَهُ قَبْلَ الْحَوْلِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ لَا يُزَكِّي حَتَّى يَكُونَ الْعَرْضُ عِنْدَهُ مِنْ أَوَّلِ الْحَوْلِ، وَرَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَوْ أَفَادَ مِائَةَ دِينَارٍ عِنْدَ الْحَوْلِ جُعِلَ دَيْنُهُ فِيهَا وَزَكَّى مَا بِيَدِهِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ.

وَقَالَ أَشْهَبُ يُزَكِّي سَوَاءٌ أَفَادَ الْعَرْضَ عِنْدَ الْحَوْلِ أَوْ قَبْلَهُ بِيَسِيرٍ، وَإِنْ أَفَادَ بَعْدَ الْحَوْلِ زَكَّى حِينَئِذٍ قَالَ مُحَمَّدٌ وَبِهِ أَقُولُ وَبِهِ قَالَ أَصْحَابُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ قَالَ تَجِبُ بِمِلْكِهِ الزَّكَاةُ فَاعْتَبَرَ فِيهِ الْحَوْلُ كَمَالَ الزَّكَاةِ.

وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ مَا كَانَ بِيَدِهِ مُعَرَّضٌ لِلتَّنْمِيَةِ مُدَّةَ الْحَوْلِ فَإِذَا وُجِدَ الْحَوْلُ عِنْد مَا يُؤَدِّي مِنْهُ دَيْنَهُ لَزِمَتْهُ الزَّكَاةُ كَمَا لَوْ أَفَادَ عَيْنًا.

وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَعِنْدَهُ عَرْضٌ لَا يَفِي بِدَيْنِهِ، ثُمَّ صَارَ عِنْدَ الْحَوْلِ يَفِي بِالدَّيْنِ فَإِنَّمَا يَنِضُّ إلَى قِيمَةِ الْعَرْضِ يَوْمَ الْحَوْلِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَهَذِهِ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَرُدُّ مَا قَالَ فِيمَنْ أَفَادَ الْعَرْضَ عِنْدَ الْحَوْلِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَا الَّذِي تُحْتَسَبُ مِنْ عُرُوضِهِ مُقْتَضَى قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ كُلَّ مَا يُبَاعُ عَلَيْهِ فِي فَلَسِهِ فَإِنَّهُ يُجْعَلُ فِيهِ دَيْنُهُ قَالَ وَذَلِكَ سَرْجُهُ وَسِلَاحُهُ وَدَارُهُ وَخَادِمُهُ قَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ " وَدَابَّتُهُ " قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْمُدَوَّنَةِ " وَخَاتَمُهُ " وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُحْتَسَبُ بِخَاتَمِهِ.

وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ مِمَّا يَسْتَغْنِي عَنْهُ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ مَعَ ضِيقِ الْحَالِ وَأَمَّا ثِيَابُ جَسَدِهِ وَثَوْبَا جُمُعَتِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا تِلْكَ الْقِيمَةُ فَلَا يُحْتَسَبُ بِهَا فِي دَيْنِهِ، وَإِنْ كَانَ لَهَا قِيمَةٌ اُحْتُسِبَ بِهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ أَشْهَبُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَبِسَهَا سَرَفًا لَمْ يُحْتَسَبْ بِهَا.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَهُ دَيْنٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>