للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا يَجُوزُ فِي الْقِرَاضِ (ص) : (مَالِكٌ: وَجْهُ الْقِرَاضِ الْمَعْرُوفِ الْجَائِزِ أَنْ يَأْخُذَ الرَّجُلُ الْمَالَ مِنْ صَاحِبِهِ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَنَفَقَةُ الْعَامِلِ مِنْ الْمَالِ فِي سَفَرِهِ مِنْ طَعَامِهِ وَكِسْوَتِهِ وَمَا يُصْلِحُهُ بِالْمَعْرُوفِ بِقَدْرِ الْمَالِ إذَا شَخَصَ فِي الْمَالِ إذَا كَانَ الْمَالُ يَحْمِلُ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ مُقِيمًا فِي أَهْلِهِ فَلَا نَفَقَةَ لَهُ مِنْ الْمَالِ وَلَا كِسْوَةَ) .

ــ

[المنتقى]

رَبِّ الْمَالِ يَتَصَرَّفُ فِيهِ، وَذَلِكَ غَيْرُ صَحِيحٍ كَمَا لَوْ عَمِلَا عَلَيْهِ، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْعَامِلَ إذَا عَمِلَ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ فِي عَقْدِ الْقِرَاضِ لِعَقْدٍ صَارَ عَمَلًا كَثِيرًا بَطَلَ ذَلِكَ الْقِرَاضُ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ يَجُوزُ فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ فَلَا يَجُوزُ قَبْلَ الْعَمَلِ وَيَجُوزُ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ أَنْ يَعْمَلَ رَأْسُ الْمَالِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ أَنْ يَعْقِدَ الْقِرَاضَ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ حَالَةٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَرْكُ الْقِرَاضِ فِيهَا إذَا اسْتَدْرَكَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ شَرْطًا يُنَافِي الْقِرَاضَ فَكَأَنَّمَا شَرَطَاهُ فِي عَقْدِ الْقِرَاضِ، وَأَمَّا إذَا عَمِلَ الْعَامِلُ بِالْقِرَاضِ وَلَزِمَهُمَا أَمْرُهُ وَلَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا إبْطَالُهُ فَمَا اُلْتُزِمَ مِنْ ذَلِكَ فَلَيْسَ بِمَنْزِلَةِ مَا شُرِطَ مِنْ الْعَقْدِ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ ذَلِكَ إذَا عَادَ مَالُ الْقِرَاضِ إلَى غَيْرِ الصِّفَةِ الَّتِي أَخَذَهُ الْعَامِلُ عَلَيْهَا، وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ مَالُ الْقِرَاضِ دَنَانِيرَ فَيَصِيرُ دَرَاهِمَ فَيَشْتَرِكَانِ بِالدَّرَاهِمِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا مَعُونَةُ الْغُلَامِ، فَإِنْ كَانَ شَرَطَ الْعَامِلُ خِدْمَتَهُ فِي الْمَالِ الْكَثِيرِ الَّذِي يَحْتَاجُ إلَى الْمَعُونَةِ فِيهِ فَاخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ مَالِكٍ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ، وَهُوَ إجَازَتُهُ أَنَّ هَذَا مَالٌ تَجُوزُ الْمُعَامَلَةُ عَلَيْهِ بِبَعْضِ نَمَائِهِ الْخَارِجِ مِنْهُ فَجَازَ أَنْ يَشْتَرِطَ فِيهِ خِدْمَةَ الْعَبْدِ الْوَاحِدِ إذَا كَانَ كَثِيرًا كَالْمُسَاقَاةِ، وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ الْمُسَاقَاةَ تَخْتَصُّ بِالْخِدْمَةِ، وَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الْحَائِطِ مَنْ كَانَ يَعْمَلُ فِيهِ مِنْ الْخُدَّامِ فَلِذَلِكَ جَازَ أَنْ يَشْتَرِطَ فِيهِ الْخَادِمُ، وَأَمَّا الْقِرَاضُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَ فِي الْخَادِمِ.

(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا إنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ فَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّ الْمَالِ أَنَّ الْعَامِلَ إذَا عَمِلَ فِي مَالِهِ نُظِرَ فِيهِ بِالْحِفْظِ لَهُ، وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ كَمَا لَوْ جَعَلَ غُلَامَهُ أَوْ وَكِيلَهُ مَعَهُ لِيَحْفَظَ عَلَيْهِ فَإِنَّ ذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ إذَا كَانَ بِمُجَرَّدِ الْخِدْمَةِ وَالْمَعُونَةِ وَلَوْ أَعَانَهُ بِغُلَامِهِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى أَجْزَاءٍ اتَّفَقَا عَلَيْهَا عِنْدَ عَقْدِ الْقِرَاضِ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ حَدٌّ كَالْمُسَاقَاةِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جَمِيعُ الرِّبْحِ لِلْعَامِلِ أَوْ لِرَبِّ الْمَالِ بِالشَّرْطِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ وَيَكُونُ الْقِرَاضُ فَاسِدًا إلَّا أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ يَقُولُ إذَا شَرَطَا الرِّبْحَ لِلْعَامِلِ صَارَ قِرَاضًا وَإِذَا شَرَطَاهُ لِرَبِّ الْمَالِ صَارَ بِضَاعَةً.

(فَصْلٌ) :

وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنْ يَقُولَ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا وَلَا يَذْكُرَا مِقْدَارًا أَوْ يَقُولَ اعْمَلْ فِي هَذَا الْمَالِ عَلَى أَنَّ لَك فِي الرِّبْحِ شِرْكًا أَوْ شِرْكَةً ذَلِكَ كُلُّهُ جَائِزٌ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ إذَا قَالَ عَلَى أَنَّ لَك شِرْكَةً فِي الرِّبْحِ فَهُوَ جَائِزٌ وَإِذَا قَالَ عَلَى أَنَّ لَك شِرْكًا فَهُوَ قِرَاضٌ فَاسِدٌ.

(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا بِجَوَازِ ذَلِكَ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ عَمِلَ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ عَلَى قِرَاضِ مِثْلِهِ، وَقَالَ غَيْرُهُ لَهُ النِّصْفُ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ الشِّرْكَةَ لَمَّا احْتَمَلَتْ النِّصْفَ وَغَيْرَهُ كَانَتْ بِمَنْزِلَةِ إنْ لَمْ يَذْكُرَا شَيْئًا بَيْنَهُمَا وَعَمَلُ الْعَامِلِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ فَلَهُ قِرَاضُ الْمِثْلِ وَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ إطْلَاقَ لَفْظِ الشِّرْكَةِ يَقْتَضِي تَسَاوِيَ الشَّرِيكَيْنِ وَلَا يُعْدَلُ عَنْ ذَلِكَ إلَّا بِبَيَانٍ فَيُحْمَلُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى ظَاهِرِهِ كَمَا لَوْ أَقَرَّ رَجُلَانِ أَنَّهُمَا شَرِيكَانِ فِي هَذَا الْمَالِ، ثُمَّ ادَّعَى أَحَدُهُمَا مَزِيَّةً.

[مَا يَجُوزُ فِي الْقِرَاضِ]

(ش) :

<<  <  ج: ص:  >  >>