للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ رَجُلًا سَلَّمَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْك وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ وَالْغَادِيَاتُ وَالرَّائِحَاتُ؛ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَعَلَيْك أَلْفٌ ثُمَّ كَأَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ.

) (ص) : (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ إذَا دُخِلَ الْبَيْتُ غَيْرُ الْمَسْكُونِ يُقَالُ: السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ) .

بَابُ الِاسْتِئْذَانِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَأَسْتَأْذِنُ عَلَى أُمِّي؟ فَقَالَ: نَعَمْ قَالَ الرَّجُلُ: إنِّي مَعَهَا فِي الْبَيْتِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اسْتَأْذِنْ عَلَيْهَا، فَقَالَ الرَّجُلُ: إنِّي خَادِمُهَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اسْتَأْذِنْ عَلَيْهَا أَتُحِبُّ أَنْ تَرَاهَا عُرْيَانَةً؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَاسْتَأْذِنْ عَلَيْهَا»

ــ

[المنتقى]

مِنْهُ مَا يَجْرِي لَهُ وَيَقْتَدِي بِهِ فِي مَشْيِهِ وَسَلَامِهِ وَسَائِرِ تَصَرُّفِهِ وَمَا رُوِيَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ لَا يَمُرُّ عَلَى سَقَّاطٍ وَلَا بَيَّاعٍ وَلَا مِسْكِينٍ إلَّا سَلَّمَ عَلَيْهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَعْتَقِدُ فِي ذَلِكَ قُرْبَةً وَلَعَلَّهُ قَدْ بَلَغَهُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَوْلُهُ خَبَرُ «أَنْ تُطْعِمَ الطَّعَامَ وَتَقْرَأَ السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَرَفْت وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ» وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَتَوَخَّى فِي السُّوقِ كَثْرَةَ النَّاسِ لِيُكْثِرَ سَلَامَهُ، وَهَذَا فِي زَمَنِ الْحَقِّ وَالتَّمَكُّنِ مِنْ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ، وَأَمَّا فِي زَمَنٍ يَتَعَذَّرُ ذَلِكَ فِيهِ فَمُلَازَمَةُ الْبُيُوتِ فِيهِ أَفْضَلُ.

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَامّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: لَا يُقْبِلُ الرَّجُلُ حَتَّى يَلْزَمَ بَيْتَهُ وَلَعَلَّهُ قَالَ ذَلِكَ فِي وَقْتِ فِتْنَةٍ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ فِيهَا بَعْضُ مَا أَرَادَهُ مِنْ ذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَدْ تَهَيَّأَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ مَا لَمْ يَتَهَيَّأْ لِلزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَامّ فَلَيْسَ كُلُّ النَّاسِ يُمْكِنُهُ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا أَبْوَابُ الْخَيْرِ أَرْزَاقٌ فَرُبَّ إنْسَانٍ يُرْزَقُ مِنْهَا بَابًا وَيُمْنَعُ بَابًا قَدْرَ رِزْقِهِ غَيْرَهُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ: يَا أَبَا بَطْنٍ إنَّمَا نَغْدُو مِنْ أَجْلِ السَّلَامِ عَلَى مَعْنَى الزَّجْرِ وَالِانْتِهَارِ لَهُ حِينَ لَمْ يَفْهَمْ مَقْصِدَهُ فِي خُرُوجِهِ إلَى السُّوقِ، وَقَدْ يَجُوزُ لِلْمُعَلِّمِ أَنْ يَفْعَلَ هَذَا مَعَ تِلْمِيذِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الطُّفَيْلُ لَا يَشُقُّ عَلَيْهِ مِثْلُ هَذَا بَلْ قَدْ عَرَفَ بِهَذَا وَدُعِيَ بِهِ كَمَا قِيلَ لِخِرْبَاقٍ ذَا الْيَدَيْنِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ رَجُلًا سَلَّمَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْك وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ وَالْغَادِيَاتُ وَالرَّائِحَاتُ؛ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَعَلَيْك أَلْفٌ ثُمَّ كَأَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ.

) (ش) : قَوْلُهُ وَالْغَادِيَاتُ وَالرَّائِحَاتُ قَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ مَعْنَاهُ الطَّيْرُ الَّتِي تَغْدُو وَتَرُوحُ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ: وَيَحْتَمِلُ عِنْدِي أَنْ يُرِيدَ الْمَلَائِكَةَ الْحَفَظَةَ الْغَادِيَةَ الرَّائِحَةَ لِتَكْتُبَ أَعْمَالَ بَنِي آدَمَ وَقَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَعَلَيْك أَلْفٌ قَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ مَعْنَاهُ أَلْفٌ كَسَلَامِك عَلَى مَعْنَى الْكَرَاهِيَةِ لِتَعَمُّقِهِ وَالزِّيَادَةِ عَلَى الْبَرَكَةِ فِي السَّلَامِ، ثُمَّ كَرِهَ قَوْلَهُ لِمَا كَانَ فِي مَعْنَى مَا أَنْكَرَهُ رَأْيُ الْإِنْكَارِ لِغَيْرِ هَذَا كَانَ أَوْلَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(ص) : (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ إذَا دُخِلَ الْبَيْتُ غَيْرُ الْمَسْكُونِ يُقَالُ: السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ) .

(ش) : مَعْنَاهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَنْ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ فَلْيُسَلِّمْ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ كَمَا يَفْعَلُ فِي التَّشَهُّدِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ} [النور: ٦١] قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ مَعْنَاهُ إذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا لَيْسَ فِيهَا أَحَدٌ فَقُولُوا: السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، وَقَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ: مَعْنَاهُ إذَا دَخَلْت عَلَى أَهْلِك فَسَلِّمْ عَلَيْهِمْ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ يَنْبَغِي لِلْمَرْءِ إذَا دَخَلَ مَنْزِلَهُ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَى أَهْلِهِ.

[بَابُ الِاسْتِئْذَانِ]

(ش) : «قَوْلُ الرَّجُلِ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَأَسْتَأْذِنُ عَلَى أُمِّي فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَعَمْ» عَلَى مَعْنَى الدُّعَاءِ إلَى ذَلِكَ وَالْأَمْرِ بِهِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ الِاسْتِئْذَانُ وَاجِبٌ لَا تَدْخُلْ بَيْتًا فِيهِ أَحَدٌ حَتَّى تَسْتَأْذِنَ ثَلَاثًا فَإِنْ أَذِنَ لَك وَإِلَّا رَجَعْت وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا} [النور: ٢٧] إلَى قَوْلِهِ {فَلا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ} [النور: ٢٨] قَالَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>