للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ رَجُلٌ فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ ثُمَّ سَأَلَ عُمَرُ الرَّجُلَ كَيْفَ أَنْتَ؟ فَقَالَ أَحْمَدُ: إلَيْك اللَّهَ، فَقَالَ عُمَرُ ذَلِكَ الَّذِي أَرَدْت مِنْك) (ص) : (مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ أَنَّ الطُّفَيْلَ بْنَ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ كَانَ يَأْتِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فَيَغْدُو مَعَهُ إلَى السُّوقِ قَالَ: فَإِذَا غَدَوْنَا إلَى السُّوقِ لَمْ يَمُرَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَلَى سَقَّاطٍ وَلَا صَاحِبِ بِيعَةٍ وَلَا مِسْكِينٍ وَلَا عَبْدٍ إلَّا سَلَّمَ عَلَيْهِ قَالَ الطُّفَيْلُ فَجِئْت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَوْمًا فَاسْتَتْبَعَنِي إلَى السُّوقِ فَقُلْت لَهُ وَمَا تَصْنَعُ فِي السُّوقِ وَأَنْتَ لَا تَقِفُ عَلَى الْبَيْعِ وَلَا تَسْأَلُ عَنْ السِّلَعِ وَلَا تَسُومُ بِهَا وَلَا تَجْلِسُ فِي مَجَالِسِ السُّوقِ قَالَ وَأَقُولُ: اجْلِسْ بِنَا هَهُنَا نَتَحَدَّثُ قَالَ فَقَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَا أَبَا بَطْنٍ وَكَانَ الطُّفَيْلُ ذَا بَطْنٍ إنَّمَا نَغْدُو مِنْ أَجْلِ السَّلَامِ نُسَلِّمُ عَلَى مَنْ لَقِيَنَا)

ــ

[المنتقى]

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَأَقْبَلَ اثْنَانِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَلَّمَا يَقْتَضِي أَنَّ الْوَارِدَ عَلَى الْقَوْمِ يَبْدَؤُهُمْ كَمَا يُسَلِّمُ الْمَاشِي عَلَى الْقَاعِدِ وَقَوْلُهُ فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَرَأَى فُرْجَةً فِي الْحَلْقَةِ فَجَلَسَ فِيهَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَرَاهَا فِي مَوْضِعٍ يَتَخَطَّى إلَيْهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَرَاهَا فِي مَوْضِعٍ لَا يَتَخَطَّى إلَيْهِ فَجَلَسَ أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ فِيهَا حِرْصًا عَلَى الْقُرْبِ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْأَخْذِ عَنْهُ، وَجَلَسَ الْآخَرُ خَلْفَ الْقَوْمِ حَيَاءً وَأَدْبَرَ الثَّالِثُ ذَاهِبًا زَاهِدًا فِي الْخَيْرِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَلَا أُخْبِرُكُمْ عَنْ النَّفَرِ الثَّلَاثَةِ يُرِيدُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنْ يُخْبِرَهُمْ عَنْ مَقَاصِدِهِمْ الَّتِي خَفِيَتْ عَلَيْهِمْ، فَأَمَّا ظَاهِرُ فِعْلِهِمْ فَقَدْ رَآهُ مَنْ حَضَرَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَقْصِدَ الْإِخْبَارَ عَمَّا لَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى جَزَاءً عَلَى فِعْلِهِمْ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَّا أَحَدُهُمْ فَآوَى إلَى اللَّهِ تَعَالَى فَآوَاهُ اللَّهُ تَعَالَى يُقَالُ آوَى فُلَانٌ إلَى فُلَانٍ لَجَأَ إلَيْهِ، وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَآوَاهُ اللَّهُ بِالْمَدِّ مَعْنَاهُ قَبِلَهُ وَأَجَابَهُ إلَى ذَلِكَ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ} [الكهف: ١٠] يُرِيدُ لَجَئُوا إلَيْهِ.

وَقَالَ سُبْحَانَهُ {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى} [الضحى: ٦] أَيْ ضَمَّك إلَى كَنَفِهِ وَفَضْلِهِ، وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: وَأَمَّا الْآخَرُ فَاسْتَحْيَا أَيْ تَرَكَ الْمُزَاحَمَةَ حَيَاءً فَاسْتَحْيَا اللَّهُ مِنْهُ أَيْ تَرَكَ عُقُوبَتَهُ عَلَى ذُنُوبِهِ وَزَادَهُ مِمَّا سَأَلَ مِنْ الْخَيْرِ وَالثَّوَابِ قَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ فِي الْمُزْنِيَةِ الَّذِي آوَى إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَلَسَ عِنْدَهُ فَقَدْ آوَى إلَى اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَقَبِلَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَآوَاهُ، وَأَمَّا الَّذِي اسْتَحْيَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَلَسَ دُونَ الْمَجْلِسِ فَذَلِكَ الَّذِي اسْتَحْيَا اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُ وَغَفَرَ لَهُ وَاَلَّذِي ذَهَبَ إعْرَاضًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ الَّذِي أَعْرَضَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَسَخِطَ عَلَيْهِ حِينَ أَعْرَضَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَغْبَةً عَنْهُ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْأَعْشَى مِثْلَهُ.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ رَجُلٌ فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ ثُمَّ سَأَلَ عُمَرُ الرَّجُلَ كَيْفَ أَنْتَ؟ فَقَالَ أَحْمَدُ: إلَيْك اللَّهَ، فَقَالَ عُمَرُ ذَلِكَ الَّذِي أَرَدْت مِنْك) .

(ش) : سُؤَالُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الرَّجُلَ عَنْ حَالِهِ عَلَى سَبِيلِ التَّأْنِيسِ وَحُسْنِ الْعِشْرَةِ لِمَنْ عَرَفَهُ الْإِنْسَانُ أَنْ يَسْأَلَ عَنْ حَالِهِ فَقَالَ الرَّجُلُ: أَحْمَدُ اللَّهَ إلَيْك عَلَى مَا يُحِبُّ أَنْ يَفْعَلَهُ كُلُّ مَسْئُولٍ عَنْ حَالِهِ فَإِنَّ الْمُنْعِمَ بِصَلَاحِ الْأَحْوَالِ وَتَوَالِي النِّعَمِ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى، وَلَا أَحَدَ، وَإِنْ اشْتَدَّ بَلَاؤُهُ إلَّا وَلِلَّهِ عَلَيْهِ نِعَمٌ لَا يُحْصِيهَا قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا} [إبراهيم: ٣٤] وَلَا أَبْيَنَ مِنْ نَفَسِهِ الْمُتَرَدِّدِ فَإِنَّهُ مِنْ نِعَمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا يَقْدِرُ أَحَدٌ عَلَيْهِ غَيْرَهُ تَعَالَى.

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ بَعْضِ الزُّهَّادِ أَنَّهُ عَدَّدَ أَنْفَاسَهُ فِي يَوْمٍ فَوَجَدَهَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ أَلْفَ نَفَسٍ وَهَذِهِ نِعَمٌ لَا تُحْصَى وَأَيْنَ تُرَدَّدُ أَنْفَاسُهُ مَعَ سَائِرِ النِّعَمِ عَلَيْهِ مَعَ الْمَرَضِ وَالْفَقْرِ فَكَيْفَ مَعَ الصِّحَّةِ وَالْغِنَى وَمَنْ صَحَّ يَقِينُهُ لَزِمَهُ أَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ فَإِنَّهُ لَا يُحْمَدُ عَلَى الْمَكْرُوهِ غَيْرُهُ جَلَّ وَعَزَّ فَإِنَّهُ قَدْ صَرَّفَ أَكْثَرَ مِنْهُ وَهُوَ يُثِيبُ عَلَيْهِ وَيُكَفِّرُ الذُّنُوبَ بِهِ.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ أَنَّ الطُّفَيْلَ بْنَ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ كَانَ يَأْتِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فَيَغْدُو مَعَهُ إلَى السُّوقِ قَالَ: فَإِذَا غَدَوْنَا إلَى السُّوقِ لَمْ يَمُرَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَلَى سَقَّاطٍ وَلَا صَاحِبِ بِيعَةٍ وَلَا مِسْكِينٍ وَلَا عَبْدٍ إلَّا سَلَّمَ عَلَيْهِ قَالَ الطُّفَيْلُ فَجِئْت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَوْمًا فَاسْتَتْبَعَنِي إلَى السُّوقِ فَقُلْت لَهُ وَمَا تَصْنَعُ فِي السُّوقِ وَأَنْتَ لَا تَقِفُ عَلَى الْبَيْعِ وَلَا تَسْأَلُ عَنْ السِّلَعِ وَلَا تَسُومُ بِهَا وَلَا تَجْلِسُ فِي مَجَالِسِ السُّوقِ قَالَ وَأَقُولُ: اجْلِسْ بِنَا هَهُنَا نَتَحَدَّثُ قَالَ فَقَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَا أَبَا بَطْنٍ وَكَانَ الطُّفَيْلُ ذَا بَطْنٍ إنَّمَا نَغْدُو مِنْ أَجْلِ السَّلَامِ نُسَلِّمُ عَلَى مَنْ لَقِيَنَا) .

(ش) : قَوْلُهُ: إنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يَغْدُو مَعَهُ إلَى السُّوقِ عَلَى مَا يُحْسِنُ بِالْعَالِمِ أَنْ يَفْعَلَهُ بِالْمُتَعَلِّمِ لِيَتَعَلَّمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>