للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ كَانَ لَهُ حَائِطٌ وَفِيهِ نَخْلٌ قَدْ حُبِسَتْ بِمَائِهَا فَغَلَبَتْ عَلَيْهَا الرِّمَالُ حَتَّى أَبْطَلَتْ وَفِي مَائِهَا فَضْلٌ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا لَا يُبَاعُ فَضْلُ ذَلِكَ الْمَاءِ وَلْيَدَعْهُ بِحَالِهِ وَإِنْ غَلَبَتْ عَلَيْهَا الرِّمَالُ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ لَا تُبَاعُ الدَّارُ الْمُحْبَسَةُ، وَإِنْ خَرَجَتْ وَصَارَتْ عَرْصَةً.

وَقَدْ قَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ مَا خَرِبَ مِنْ الْحَبْسِ وَانْتَقَلَ إلَى أَهْلِ تِلْكَ النَّاحِيَةِ وَبَطَلَ الْمَوْضِعُ وَأَرَادَ أَهْلُهُ بَيْعَهُ وَالِانْتِفَاعَ بِثَمَنِهِ بِمَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي الرِّبَاعِ بِمَالٍ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ وَلَا يُنَاقِلُ الْوَقْفَ، وَإِنْ خَرِبَ مَا حَوَالَيْهِ، وَقَدْ تَعُودُ الْعِمَارَةُ بَعْدَ الْخَرَابِ.

(فَرْعٌ) قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ لَا يُبَاعُ بَعْضُ الْوَقْفِ وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ يَرَى بَيْعَهُ وَلَسْت أَقُولُ بِهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَهَذَا فِي الرِّبَاعِ وَالْأُصُولِ الثَّابِتَةِ الَّتِي لَا تُنْقَلُ وَلَا تُحَوَّلُ فَأَمَّا مَا يُنْقَلُ كَالْحَيَوَانِ وَالثِّيَابِ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ فِي الْفَرَسِ الْمُحْبَسِ يَضْعُفُ فَلَا يَبْقَى فِيهِ قُوَّةٌ لِلْغَزْوِ لَا بَأْسَ بِبَيْعِهِ وَيُجْعَلُ ثَمَنُهُ فِي آخَرَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ شُورِكَ بِهِ وَالثِّيَابُ تُبَاعُ إنْ لَمْ يَبْقَ فِيهَا مَنْفَعَةٌ وَيُشْتَرَى بِثَمَنِهَا مَا يُنْتَفَعُ بِهِ.

وَقَدْ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ غَيْرُ هَذَا لَبَطَلَتْ الْأَحْبَاسُ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ هَذَا فَسَادٌ بَيِّنٌ مِنْ صَلَاحِهِ وَلَا تُرْجَى عَوْدَتُهُ إلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ وَلَيْسَتْ كَذَلِكَ الرِّبَاعُ فَإِنَّهَا تَعْمُرُ بَعْدَ الْخَرَابِ فَلِذَلِكَ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهَا، وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّ هَذَا حَبْسٌ فَلَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ لِعَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِهِ كَالرِّبَاعِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِذَا حَبَسَ الرَّجُلُ جُزْءًا مُشَاعًا مِنْ دَارٍ، أَوْ حَائِطٍ وَطَلَبَ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ الْقِسْمَةَ، أَوْ الْبَيْعَ فَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ إنْ كَانَ يَنْقَسِمُ بِقَاسِمٍ فَمَا وَقَعَ لِلْحَبْسِ كَانَ حَبْسًا، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُحْبِسَ إذَا حَبَسَ جُزْءًا مِمَّا لَا يَنْقَسِمُ قَدْ كَانَ حَقُّ شَرِيكِهِ إنْ أَرَادَ الْبَيْعَ أَنْ يَبِيعَ مَعَهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُبْطِلَهُ هَذَا الْحَقَّ عَلَيْهِ لِتَحْبِيسِهِ.

(فَرْعٌ) وَإِذَا بِيعَ الْحَبْسُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ، أَوْ لِأَنَّ السُّلْطَانَ اشْتَرَى ذَلِكَ فَأَدْخَلَهُ فِي مَوْضِعٍ، أَوْ مَسْجِدٍ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ يُشْتَرَى بِهِ دُورٌ مَكَانَهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقْضِيَ بِهِ عَلَيْهِمْ،.

وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَقْضِي، وَلَوْ اسْتَحَقَّ الْحَبْسَ فَأَخَذَ ثَمَنَهُ فَلْيَصْنَعْ بِهِ الْمُحْبِسَ مَا شَاءَ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ مَعْنَى أَوْجَبَ إخْرَاجُ مَا حُبِسَ عَنْ الْمُحْبِسِ وَالرُّجُوعُ بِثَمَنِهِ فَلَمْ يُوجِبْ شِرَاءُ مِثْلِهِ بِذَلِكَ الثَّمَنِ كَالِاسْتِحْقَاقِ، وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّ الْمُحْبِسَ إذَا حَبَسَ مَا يَمْلِكُ فَقَدْ تَعَلَّقَ حَقُّ الْمُحْبِسِ بِتِلْكَ الْعَيْنِ عَلَى اللُّزُومِ فَإِذَا وَجَبَ إخْرَاجٌ عَنْ ذَلِكَ الْوَجْهِ مِنْ الْحَبْسِ وَالْحَبْسُ جُمْلَةٌ لَزِمَ أَنْ يَجْعَلَ ثَمَنَهُ فِي بَدَلِهِ؛ لِأَنَّ التَّحْبِيسَ حَقٌّ لَازِمٌ، وَكَذَلِكَ الِاسْتِحْقَاقُ فَإِنَّ الِاسْتِحْقَاقَ قَدْ بَيَّنَ أَنَّ الْحَبْسَ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِتِلْكَ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمُحْبِسَ حَبَسَ مَا لَا يَمْلِكُ فَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ الْحَبْسُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا الْعُمْرَى فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُعْمِرِ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ مَرْجِعَ الدَّارِ الْمُعْمَرَةِ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ حَبَسَ دَارِهِ عَلَى وَلَدِهِ وَابْنِ أَخِيهِ حَيَاتَهُمَا أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمَحْبِسِ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ ابْنِ أَخِيهِ مَرْجِعَهَا؛ لِأَنَّهَا عُمْرَى.

[الْبَابُ الثَّامِنُ فِيمَنْ تَعُودُ إلَيْهِ مَنَافِعُ الْعُمْرَى وَالْحَبْسِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُعْمَرِ وَالْمُحْبَسِ عَلَيْهِمْ]

(الْبَابُ الثَّامِنُ فِيمَنْ تَعُودُ إلَيْهِ مَنَافِعُ الْعُمْرَى وَالْحَبْسِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُعْمَرِ وَالْمُحْبَسِ عَلَيْهِمْ) فَأَمَّا الْعُمْرَى وَالْحَبْسُ مِمَّا حُكْمُهُ حُكْمُ الْعُمْرَى فَإِنَّهَا تَعُودُ إلَى صَاحِبِهَا الْأَصْلِيِّ إنْ كَانَ حَيًّا فَإِنْ كَانَ مَيِّتًا فَإِلَى وَرَثَتِهِ يَوْمَ مَاتَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُخْرِجْهُ عَنْ مِلْكِهِ إخْرَاجًا مُؤَبَّدًا، وَإِنَّمَا أَخْرَجَهُ إخْرَاجًا مُؤَقَّتًا كَالْإِجَارَةِ.

وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْهُ فِيمَنْ أَعْمَرَ دَارًا، أَوْ خَادِمًا لِفُلَانٍ وَعَقِبِهِ مَا عَاشُوا وَلَمْ يَقُلْ مَرْجِعُهَا إلَيْهِ وَلَا إلَى وَجْهٍ ذَكَرَهُ فَإِنَّهَا تَرْجِعُ إلَيْهِ كَمَا لَوْ اشْتَرَطَهُ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ مَنَافِعَهُ لَمْ يُمَلِّكْهَا مُؤَبَّدًا، وَإِنَّمَا أَخْرَجَ مِنْهَا شَيْئًا مُؤَقَّتًا عَلَى غَيْرِ لَفْظِ الْقُرْبَةِ الَّتِي تَقْتَضِي التَّأْبِيدَ فَبَقِيَ الْبَاقِي عَلَى مِلْكِهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمِنْ ذَلِكَ صَدَقَتُهُ عَلَى رَجُلٍ حَيَاتَهُ، أَوْ عَلَى قَوْمٍ حَيَاتَهُمْ فَقَدْ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ تَرْجِعُ إلَى رَبِّهَا مِلْكًا وَإِلَى وَرَثَتِهِ مِيرَاثًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَكَذَلِكَ لَوْ أَسْكَنَ رَجُلًا حَيَاتَهُ، وَأَمَّا الْحَبْسُ الْمُؤَبَّدُ الَّذِي لَمْ يُجْعَلْ لَهُ مَرْجِعًا فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ يَرْجِعُ إلَى أَوْلَى النَّاسِ مِمَّنْ حَبَسَهُ حَبْسًا عَلَيْهِمْ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا اقْتَضَى

<<  <  ج: ص:  >  >>