للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

التَّأْبِيدَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ؛ لِأَنَّهُ رُجُوعٌ فِي الصَّدَقَةِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَجْهٌ مُعَيَّنٌ يَرْجِعُ إلَيْهِ فَرَجَعَ إلَى أَحَقِّ النَّاسِ بِالْحَبْسِ، وَذَلِكَ أَوَّلُ وَجْهٍ يَنْصَرِفُ إلَيْهِ لِمَا يَجْتَمِعُ فِيهِ مِنْ الصِّلَةِ وَسَدِّ خَلَّةِ الْفُقَرَاءِ.

وَقَدْ رَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَوَّازِيَّةِ فِيمَنْ تَصَدَّقَ بِسَهْمٍ مِنْ حَائِطٍ عَلَى مَوَالِيه وَعَلَى أَوْلَادِهِمْ فَانْقَرَضُوا فَأَحَبُّ إلَى أَنْ يَكُونَ صَدَقَةً عَلَى الْمَسَاكِينِ وَأَهْلِ الْحَاجَةِ لَا يَرْجِعُ مِيرَاثًا، وَقَدْ قَالَ مِثْلُهُ فِيمَنْ حَبَسَ غُلَامًا عَلَى رَجُلٍ وَعَقِبِهِ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ فَهَلَكَ الرَّجُلُ وَلَمْ يَتْرُكْ عَقِبًا يَسْلُكُ بِهِ فِي سُبُلِ الْخَيْرِ مَوْقُوفًا.

(فَرْعٌ) إذَا قُلْنَا: إنَّهَا تَرْجِعُ إلَى أَوْلَى النَّاسِ بِهِ يَوْمَ الْمَرْجِعِ قَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فَلَمَّا رَجَعَ مِيرَاثًا رُوعِيَ فِيهِ وَرَثَتُهُ يَوْمَ مَاتَ، وَأَمَّا مَا يَرْجِعُ حَبْسًا فَلَا وَلَا هُمْ بِهِ يَوْمَ يَرْجِعُ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ مَا يَرْجِعُ مِلْكًا إلَيْهِ، أَوْ إلَى وَرَثَتِهِ مِلْكُهُ عَلَيْهِ تَامٌّ بَاقٍ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا وَهَبَهُ مَنْفَعَتَهُ مُدَّةً مُؤَقَّتَةً فَإِذَا مَاتَ وَرِثَهُ عَنْهُ وَرَثَتُهُ، وَأَمَّا مَا خَرَجَ عَنْهُ عَلَى وَجْهِ الْحَبْسِ فَقَدْ زَالَ بِمِلْكِهِ عَنْ جَمِيعِ مَنَافِعِهِ عَلَى التَّأْبِيدِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ إلَيْهِ، وَإِنَّمَا يَرْجِعُ عَلَى وَجْهِ الْحَبْسِ إلَى مَنْ يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ يَوْمَ الْمَرْجِعِ؛ لِأَنَّهَا مَنَافِعُ لَا تُوَرَّثُ عَنْهُ وَإِنَّمَا تُؤْخَذُ عَنْهُ عَلَى وَجْهِ الْحَبْسِ فَلْيَأْخُذْهَا مَنْ يَسْتَحِقُّهَا بَعْدَ انْقِرَاضِ الْمُحْبَسِ عَلَيْهِمْ الْمُسَمَّيْنَ فِي الْحَبْسِ كَمَا لَوْ جَعَلَ لَهَا مَرْجِعًا بَعْدَ الْحَبْسِ لَمْ يَسْتَحِقَّهَا مِنْ أَهْلِ الْمَرْجِعِ إلَّا مَنْ كَانَ بَاقِيًا يَوْمَ الْمَرْجِعِ دُونَ مَنْ انْقَرَضَ، أَوْ مَنْ يَأْتِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَرْعٌ) وَمِنْ الْقَرَابَةِ الَّذِينَ يَرْجِعُ إلَيْهِمْ الْحَبْسُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ إذَا انْقَرَضَ مَنْ حَبَسَ عَلَيْهِمْ رَجَعَ إلَى عَصَبَةِ الْمُحْبِسِ فِي السُّكْنَى وَالْغَلَّةِ، وَقَالَ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ يَرْجِعُ إلَى أَوْلَى النَّاسِ بِهِ مِنْ وَلَدٍ وَعَصَبَةٍ وَقَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ.

(فَرْعٌ) إذَا ثَبَتَ أَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى الْعَصَبَةِ مِنْ الرِّجَالِ فَهَلْ لِلنِّسَاءِ مَدْخَلٌ فِي ذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ يَرْجِعُ إلَى أَوْلَى النَّاسِ بِالْمُحْبِسِ حَبْسًا عَلَيْهِمْ رِجَالًا كَانُوا أَوْ نِسَاءً وَرَوَى أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ يَرْجِعُ إلَى عَصَبَةِ الْمُحْبِسِ قِيلَ لَهُ: إنَّهُ ابْنَةٌ وَاحِدَةٌ قَالَ لَيْسَ النِّسَاءُ عَصَبَةً إنَّمَا يَرْجِعُ إلَى الرِّجَالِ.

وَقَالَ أَصْبَغُ هِيَ كَالْعَصَبَةِ؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ رَجُلًا لَكَانَتْ عَصَبَةً وَأَرَى ذَلِكَ كُلَّهُ لَهَا، وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْحَبْسَ إنَّمَا يُصْرَفُ إلَيْهِمْ عَلَى وَجْهِ الصِّلَةِ وَسَدِّ خَلَّةِ الْقَرَابَةِ، وَالْبِنْتُ مِنْ أَحَقِّ النَّاسِ بِذَلِكَ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّهَا لَيْسَتْ بِعَصَبَةٍ عَلَى الِانْفِرَادِ فَلَمْ تَسْتَحِقَّ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بِالْقَرَابَةِ كَالْخَالَةِ.

(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا أَنَّ لِلنِّسَاءِ فِي ذَلِكَ مَدْخَلًا فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ كُلُّ امْرَأَةٍ لَوْ كَانَتْ رَجُلًا كَانَ عَصَبَةً لِلْمُحْبِسِ فَهِيَ مِمَّنْ يَرْجِعُ إلَيْهِ الْحَبْسُ وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ بَنُو الْأَخَوَاتِ وَلَا بَنُو الْبَنَاتِ وَلَا زَوْجٌ وَلَا زَوْجَةٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنَّمَا يَدْخُلُ مِنْ النِّسَاءِ مِثْلُ الْعَمَّاتِ وَالْجَدَّاتِ وَالْأَخَوَاتِ لِلْأَبِ، أَوْ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ وَبَنَاتِ الْأَخِ وَلَا يَدْخُلُ الْأَخَوَاتُ لِلْأُمِّ ذَكَرًا، أَوْ أُنْثَى وَتَدْخُلُ الْأُمُّ وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ لَا تَدْخُلُ الْأُمُّ.

وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يَدْخُلُ فِيهِ مِنْ النِّسَاءِ إلَّا مَنْ يَرِثُهُ وَهُوَ مَنْ حَرُمَ نَسَبُهُ كَالْبَنَاتِ وَبَنَاتِ الْأَبْنَاءِ وَالْأَخَوَاتِ، وَأَمَّا الْأُمُّ فَلَا تَدْخُلُ فِيهِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَنْ حَرَّمَ نَفْسَهُ، وَأَمَّا الْعَمَّاتُ وَبَنَاتُ الْعَمِّ وَبَنَاتُ الْأَخِ فَلَا مَدْخَلَ لَهُنَّ فِيهِ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ سَحْنُونٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْحَبْسَ إنَّمَا يَرْجِعُ مِنْ النِّسَاءِ إلَى مَنْ يَرِثُهُ دُونَ مَنْ لَا يَرِثُهُ مِنْ عَمَّةٍ وَخَالَةٍ وَنَحْوِهِمَا.

وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ مَكَانَهُنَّ مَكَانُ التَّعْصِيبِ وَلِلنِّسَاءِ مَدْخَلٌ فِي مَرْجِعِ الْحَبْسِ فَلَمَّا كَانَ الرِّجَالُ يَدْخُلُونَ فِيهِ بِالتَّعْصِيبِ وَكَانَ لِلنِّسَاءِ فِيهِ مَدْخَلٌ وَلَا تَعْصِيبَ لَهُنَّ اُعْتُبِرَ فِيهِ قُعْدُدُ التَّعْصِيبِ، وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّ مَنْ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي الْمِيرَاثِ فَلَا مَدْخَلَ لَهُ فِي مَرْجِعِ الْحَبْسِ كَالْأَجَانِبِ، وَأَمَّا الْأُمُّ فَإِنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ أَدْخَلَهَا فِي مَرْجِعِ الْحَبْسِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَصْلِهِ؛ لِأَنَّ مَوْضِعَهَا مَوْضِعُ الْأَبِ وَمَنَعَ مِنْ ذَلِكَ أَشْهَبُ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ مَالِكٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهَا أَنْ يَكُونَ رَجُلًا بِخِلَافِ بَنَاتِ الْأَخِ وَالْعَمَّاتِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَسَوَاءٌ كَانَ أَهْلُ الْمَرْجِعِ ذُكُورًا، أَوْ إنَاثًا قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ فَإِنْ كَانَ أَخًا وَأُخْتًا فَهُوَ بَيْنَهُمَا بِالسَّوَاءِ كَأَنْ كَانَ قَدْ شَرَطَ

<<  <  ج: ص:  >  >>