للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا جَاءَ فِيمَا يُخَافُ مِنْ اللِّسَانِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ مَنْ وَقَاهُ اللَّهُ شَرَّ اثْنَتَيْنِ وَلَجَ الْجَنَّةَ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا تُخْبِرُنَا فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ عَادَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ الْأُولَى فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ أَلَا تُخْبِرُنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلَ ذَلِكَ أَيْضًا فَقَالَ الرَّجُلُ أَلَا تُخْبِرُنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلَ ذَلِكَ أَيْضًا ثُمَّ ذَهَبَ الرَّجُلُ يَقُولُ مِثْلَ مَقَالَتِهِ الْأُولَى فَأَسْكَتَهُ رَجُلٌ إلَى جَنْبِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ وَقَاهُ اللَّهُ شَرَّ اثْنَيْنِ وَلَجَ الْجَنَّةَ مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ» .

ــ

[المنتقى]

لَا لِيُحَذِّرَ مِنْهَا أَحَدًا فَأَمَّا مَنْ قَالَهُ فِي مُحَدِّثٍ لِئَلَّا يَتَقَوَّلَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا لَمْ يَقُلْ وَفِي شَاهِدٍ لِيَرُدَّ بَاطِلَ شَهَادَتِهِ أَوْ فِي مُتَحَيِّلٍ لِيَصْرِفَ كَيْدَهُ وَأَذَاهُ عَنْ النَّاسِ وَيُحَذِّرَ مِنْهُ مَنْ يَغْتَرُّ بِهِ فَلَيْسَ هَذَا مِنْ الْغِيبَةِ بَلْ هُوَ حَقٌّ أَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يَقُومَ بِهِ، وَقَدْ ثَبَتَ هَذَا الْمَعْنَى فِي كِتَابِ فِرَقِ الْفُقَهَاءِ وَفِي كِتَابِ التَّعْدِيلِ وَالتَّجْرِيحِ.

وَقَدْ قَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ: لَا غِيبَةَ فِي ثَلَاثَةٍ: إمَامٌ جَائِرٌ، وَفَاسِقٌ مُعْلِنٌ بِفِسْقِهِ، وَصَاحِبُ بِدْعَةٍ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا قُلْت بَاطِلًا فَذَلِكَ الْبُهْتَانُ» يُرِيدُ أَنَّهُ أَشَدُّ مِنْ الْغِيبَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْبَاطِلِ، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْهَرَوِيُّ الْبُهْتَانُ الْبَاطِلُ الَّذِي يُتَحَيَّرُ مِنْ بُطْلَانِهِ يُقَالُ بَهَتَ فُلَانٌ فُلَانًا إذَا كَذَبَ عَلَيْهِ فَبَهَتَ يَبْهُتُ وَبَهِتَ يَبْهَتُ.

[مَا جَاءَ فِيمَا يُخَافُ مِنْ اللِّسَانِ]

(ش) : قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ وَقَاهُ اللَّهُ شَرَّ اثْنَتَيْنِ وَلَجَ الْجَنَّةَ» عَلَى مَعْنَى التَّحْذِيرِ لِأُمَّتِهِ مِنْ شَرِّهِمَا وَيَحْتَمِلُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنْ يُرِيدَ بِهِ اخْتِبَارَهُمَا فِي مَعْرِفَةِ ذَلِكَ وَقَوْلُ الرَّجُلِ لَهُ أَلَا تُخْبِرُنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَكَذَا رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَابْنُ الْقَاسِمِ وَرَوَى الْقَعْنَبِيُّ أَلَا تُخْبِرُنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلَى مَعْنَى اسْتِدْعَاءِ خَبَرِهِ، قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ مَعْنَى رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى حَتَّى إذَا أَخْبَرَهُمْ بِذَلِكَ أَنْ يَثْقُلَ عَلَيْهِمْ الِاحْتِرَاسُ مِنْهَا وَرَجَا إذَا سَكَتَ أَنْ يُوَفَّقُوا لِلْعَمَلِ بِهَا قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَحْتَمِلُ عِنْدِي أَنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ أَنْ يُمْسِكَ عَنْهُمْ حَتَّى يَقُولُوا مَا يَظْهَرُ لَهُمْ فِي ذَلِكَ فَلَعَلَّهُ أَنْ يُوجَدَ عِنْدَهُمْ صَوَابُ هَذَا وَإِسْكَاتُ الرَّجُلِ لَهُ عَنْ إعَادَةِ كَلَامِهِ رَجَاءَ أَنْ يُخْبِرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِصَوَابِ ذَلِكَ وَيُبَيِّنَ لَهُمْ وَجْهَهُ فَيَنْتَهُوا إلَيْهِ وَيَأْخُذُوا بِهِ وَخَوْفَ أَنْ يَمْنَعَ مِنْ ذَلِكَ جَوَابُ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي تَكَرَّرَ جَوَابُهُ فَسَأَلَ أَنْ لَا يُخْبِرَهُمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِشَيْءٍ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ» يُرِيدُ فَمَه وَفَرْجَهُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ أَكْثَرَ الذُّنُوبِ تَكُونُ عَلَى هَذَيْنِ فَيَدْخُلُ فِيمَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ وَالْكَلَامُ وَالسُّكُوتُ وَتَكَرَّرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِذَلِكَ عَلَى مَعْنَى التَّعْظِيمِ لَهُ وَالتَّأْكِيدِ فِي التَّحْذِيرِ مِنْ ذَلِكَ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - وَأَحْكَمُ.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ دَخَلَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَهُوَ يَجْبِذُ لِسَانَهُ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ مَهْ غَفَرَ اللَّهُ لَك فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ إنَّ هَذَا أَوْرَدَنِي الْمَوَارِدَ) .

(ش) : قَوْلُهُ: إنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يَجْبِذُ لِسَانَهُ خَالِيًا يُرِيدُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - بِنَفْسِهِ مِنْ جِهَةِ الْعُضْوِ الَّذِي كَانَ يُحْذَرُ مَضَرَّتُهُ عَسَى أَنْ يَمْنَعَهُ ذَلِكَ مِنْ اسْتِدَامَةِ مَا كَانَ عَلَيْهِ وَهَذَا مَعَ فَضْلِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَدِينِهِ وَوَرَعِهِ وَلَكِنَّ مِثْلَ أَبِي بَكْرٍ يُتَعَاهَدُ هَذَا مِنْ نَفْسِهِ.

وَقَدْ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ الْمُؤْمِنُ يَرَى ذُنُوبَهُ كَأَنَّهُ يَجْلِسُ تَحْتَ جَبَلٍ يَخَافُ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ وَالْفَاجِرُ يَرَى ذُنُوبَهُ كَذُبَابٍ مَرَّ عَلَى أَنْفِهِ وَلِذَلِكَ كَانَ الصَّدْرُ الْأَوَّلُ إذَا وَقَعَ الْأَمْرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>