للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

تِلْكَ الصِّفَةِ إنْ كَانَ بِيعَ بِهِ عَرْضٌ، وَإِذَا كَانَ مَالُهُ طَعَامًا، وَالدَّيْنُ الَّذِي عَلَيْهِ طَعَامًا فَيَجِبُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنْ يَكُونَ مِنْ ضَمَانِ الْغُرَمَاءِ لِأَنَّهُ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي يَسْتَحِقُّونَهَا، وَإِنَّمَا وُقِفَ لِلْقِسْمَةِ بَيْنَهُمْ فَكَانَ ضَمَانُهُ مِنْهُ.

(مَسْأَلَةٌ)

وَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَيْنًا وُقِفَ لِلْبَيْعِ فَاَلَّذِي رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ ضَمَانَهُ مِنْ الْمُفْلِسِ، وَرَوَى ابْنُ الْمَاجِشُونَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ ضَمَانَهُ مِنْ الْغُرَمَاءِ فَعَلَى هَذَا رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ الْغُرَمَاءُ يَضْمَنُونَ الْعَيْنَ، وَالْمُفْلِسُ يَضْمَنُ غَيْرَهُ، وَرِوَايَةُ أَشْهَبَ أَنَّ الْمُفْلِسَ يَضْمَنُ الْجَمِيعَ حَتَّى يَقْتَسِمَهُ الْغُرَمَاءُ، وَرِوَايَةُ ابْنِ الْمَاجِشُونَ أَنَّ الْغُرَمَاءَ يَضْمَنُونَ ذَلِكَ كُلَّهُ لِمَا احْتَجَّ بِهِ مِنْ أَنَّهُ لَهُمْ وُقِفَ، وَبِسَبَبِهِمْ مُنِعَ، وَوَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ مَا كَانَ مِنْ جِنْسِ حُقُوقِ الْغُرَمَاءِ فَضَمَانُهُ مِنْهُمْ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لِلْمُفْلِسِ بِهِ تَعَلُّقٌ لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِ حُقُوقِهِمْ، وَوَجْهُ رِوَايَةِ أَشْهَبَ أَنَّ حَقَّ التَّوْفِيَةِ بَقِيَ فِيهِ فَكَانَ ضَمَانُهُ مِنْ الْمُفْلِسِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَلَوْ اشْتَرَى مِنْ الْعَيْنِ سِلْعَةً بَعْدَ التَّوْقِيفِ لِمَنْ رِبْحُهَا؟ فَقَالَ لِلْمُفْلِسِ يُقْضَى مِنْهُ دَيْنُهُ قِيلَ لَهُ فَكَيْفَ رِبْحُهُ لَهُ، وَضَمَانُهُ مِنْ الْغُرَمَاءِ؟ فَسَكَتَ.

[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي حُكْمِ الْمُحَاصَّةِ] ١

ِ أَمَّا حُكْمُهَا فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إلَى كُلِّ دَيْنٍ عَلَيْهِ مُؤَجَّلٍ أَجَلُهُ بِالْفَلَسِ، وَيُحَاصُّ صَاحِبُهُ لِغُرَمَائِهِ قَالَ مَالِكٌ لِأَنَّ الْفَلَسَ مَعْنًى يُفْسِدُ الذِّمَّةَ فَاقْتَضَى حُلُولَ الدُّيُونِ كَالْمَوْتِ، وَمَالَهُ مِنْ دَيْنٍ مُؤَجَّلٍ فَإِنَّهُ يَبْقَى إلَى أَجَلِهِ، وَيُبَاعُ لِغُرَمَائِهِ بِمَا يَجُوزُ أَنْ يُبَاعَ بِهِ لِأَنَّ خَرَابَ الذِّمَّةِ لَا يُوجِبُ حُلُولَ الدُّيُونِ الَّتِي لَهَا، وَإِنَّمَا يُوجِبُ حُلُولَ الدُّيُونِ الَّتِي عَلَيْهَا كَخَرَابِهَا بِالْمَوْتِ.

(مَسْأَلَةٌ)

إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدُّيُونِ مُتَمَاثِلًا كَالْعَيْنِ وَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ أَوْ غَيْرِ مُتَمَاثِلٍ، فَإِنْ كَانَ مُتَمَاثِلًا وَكَانَ جَمِيعُهُ عَيْنًا صَيَّرَ مَالَهُ عَيْنًا، وَيُقَاسِمُهُ الْغُرَمَاءُ بِأَنْ يَعْلَمَ مَا لِكُلٍّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَيُجْمَعُ ثُمَّ يَنْظُرُ كَمْ مِقْدَارُ مَا وُجِدَ لَهُ مِنْ الْمَالِ مِمَّا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ فَإِنْ كَانَ النِّصْفَ أَخَذَ كُلُّ غَرِيمٍ نِصْفَ مَالِهِ مِنْ الدَّيْنِ، وَاتَّبَعَهُ بِالْبَاقِي فِي ذِمَّتِهِ مَتَى أَيْسَرَ.

(فَرْعٌ)

وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ ثِيَابٌ وَعَلَيْهِ مِثْلُهَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَدْفَعُ فِيمَا لَهُ عَلَيْهِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ يُرِيدُ أَنَّ إصَابَتَهُ بِالْمُحَاصَّةِ قِيمَتُهَا، وَإِنْ كَانَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ كَطَعَامٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْمَكِيلِ أَوْ الْمَوْزُونِ فَقَدْ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إذَا كَانَ مَالُهُ طَعَامًا، وَعَلَيْهِ مِثْلُهُ دُفِعَ إلَى غُرَمَائِهِ يُرِيدُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ يَتَحَاصُّونَ فِيهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِ مَا لَهُمْ كَالْعَيْنِ.

(مَسْأَلَةٌ)

فَإِنْ كَانَ مَالُهُ دَرَاهِمَ، وَعَلَيْهِ دَنَانِيرُ أَوْ كَانَ مَالُهُ دَنَانِيرَ وَعَلَيْهِ دَرَاهِمُ فَقَدْ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا يَصْرِفُهَا إلَّا أَنْ يَصْرِفَهَا مِنْ الْغُرَمَاءِ بِمَا تَسْوَى بِرِضَاهُمْ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَمَعْنَى ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّهُ مِمَّا يَقْرُبُ مِنْ دَيْنِ الْغُرَمَاءِ، وَيُجْمَعُ إلَيْهِ فِي الزَّكَاةِ فَلَا يَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ الْحَيَوَانِ، وَالثِّيَابِ فِي لُزُومِ بَيْعِهَا، وَإِنْ أَرَادَ الْغُرَمَاءُ أَخْذَهَا تَحَاصَّوْا فِيهَا بِصَرْفِهَا.

(مَسْأَلَةٌ)

وَإِنْ كَانَ مَالُهُ عُرُوضًا فَاشْتَرَى بَعْضُ الْغُرَمَاءِ شَيْئًا مِمَّا بِيعَ عَلَيْهِ حُوسِبَ بِهِ فِيمَا يَقَعُ بِهِ مِنْ الْمُحَاصَّةِ.

(فَصْلٌ)

وَإِنْ كَانَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ غَيْرَ مُتَمَاثِلٍ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ لَهُ عَلَيْهِ عُرُوضٌ مُخْتَلِفَةُ الْأَجْنَاسِ حَيَوَانٌ وَعَيْنٌ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ مَنْ أَفْلَسَ، وَعَلَيْهِ عُرُوضٌ وَحَيَوَانٌ أُسْلِمَ إلَيْهِ فِيهَا فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يُحَاصُّ بِقِيمَةِ ذَلِكَ فَمَا حَصَلَ لَهُ مِنْ الْقِيمَةِ اشْتَرَى لَهُ بِهِ مَا شَرَطَهُ، وَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ إنْ كَانَ لَهُ طَعَامٌ مِنْ سَلَمٍ حَاصَّ بِقِيمَتِهِ فَمَا أَصَابَهُ بِذَلِكَ يَشْتَرِي لَهُ بِهِ مِثْلَ طَعَامِهِ مَا بَلَغَ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ مَا أَصَابَهُ مِنْ الْقِيمَةِ ثَمَنًا، وَلَوْ كَانَ السَّلَمُ فِي وَصِيفٍ فَدَفَعَ لَهُ مَا يَشْتَرِي بِهِ نِصْفَ وَصِيفٍ خُيِّرَ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ نِصْفَ وَصِيفٍ، وَيُتَّبَعُ الْمُفْلِسُ بِنِصْفِ وَصِيفٍ إذَا أَيْسَرَ وَبَيْنَ أَنْ يُتْرَكَ حَتَّى يَيْسَرَ صَاحِبُهُ فَيَأْخُذَ مِنْهُ وَصِيفًا كَامِلًا، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ هَذِهِ الدَّنَانِيرَ وَيَتَّبِعَهُ بِنِصْفِ وَصِيفٍ أَوْ يَهَبَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>