للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِيرَاثُ الْجَدَّةِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ بْنَ عُثْمَانَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ خَرَشَةَ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ أَنَّهُ قَالَ جَاءَتْ الْجَدَّةُ إلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ مَا لَكِ فِي كِتَابِ اللَّهِ شَيْءٌ وَمَا عَلِمْتُ لَك فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْئًا فَارْجِعِي حَتَّى أَسْأَلَ النَّاسَ فَسَأَلَ النَّاسَ فَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ حَضَرْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْطَاهَا السُّدُسَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ هَلْ مَعَكَ غَيْرُكَ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ الْأَنْصَارِيُّ فَقَالَ مِثْلَ مَا قَالَ الْمُغِيرَةُ فَأَنْفَذَهُ لَهَا أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، ثُمَّ جَاءَتْ الْجَدَّةُ الْأُخْرَى إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا فَقَالَ لَهَا مَا لَكِ فِي كِتَابِ اللَّهِ شَيْءٌ وَمَا كَانَ الْقَضَاءُ الَّذِي قَضَى بِهِ إلَّا لِغَيْرِكِ وَمَا أَنَا بِزَائِدٍ فِي الْفَرَائِضِ شَيْئًا وَلَكِنَّهُ ذَلِكَ السُّدُسُ فَإِنْ اجْتَمَعْتُمَا فَهُوَ بَيْنَكُمَا وَأَيَّتُكُمَا خَلَتْ بِهِ فَهُوَ لَهَا)

ــ

[المنتقى]

سِهَامٍ مِنْ خَمْسَةٍ وَلِلْجَدِّ سَهْمَانِ، ثُمَّ يَرُدُّ الْأَخُ عَلَى الْأُخْتِ تَمَامَ النِّصْفِ فَيَصِحُّ مِنْ عَشَرَةٍ لِلْجَدِّ أَرْبَعَةٌ وَلِلْأُخْتِ خَمْسَةٌ وَلِلْأَخِ سَهْمٌ وَجْهُ مَا قَالَهُ زَيْدٌ أَنَّ هَذِهِ حَالَةُ تَعْصِيبٍ فَوَجَبَ أَنْ يُعَادَّ فِيهَا الْجَدُّ بِالْإِخْوَةِ لِلْأَبِ كَحَالَةِ انْفِرَادِهِمْ مَعَهُ.

وَوَجْهٌ آخَرُ أَنَّ الْأُخْتَ لَمَّا كَانَتْ تُعَاد الْجَدَّ بِالْإِخْوَةِ وَجَبَ أَنْ تُعَادَّ بِهِمْ عَلَى وَجْهِ التَّعْصِيبِ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَرِثَانِ إلَّا عَلَى وَجْهِ التَّعْصِيبِ فَإِذَا انْفَرَدَتْ مَعَهُ فِي الْقِسْمَةِ رَجَعَتْ إلَى الْفَرْضِ؛ لِأَنَّ هَذَا حُكْمُ مُقَاسَمَتِهَا لَهُ وَحُكْمُ مُقَاسَمَتِهَا مُخَالِفٌ لِحُكْمِ مُقَاسَمَتِهَا بِهِ وَهَذَا كَمَا يَقُولُ فِي الْأَبِ وَالْأُمِّ وَالْإِخْوَةِ: إنَّ حُكْمَ حَجْبِ الْأَبِ لِلْإِخْوَةِ مُخَالِفٌ لِحُكْمِ حَجْبِهِ بِهِمْ الْأُمَّ مِنْ الثُّلُثِ إلَى السُّدُسِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ كَانَ مَعَ الْأُخْتِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ أَخَوَاتٌ لِأَبٍ فَإِنَّ عَلِيًّا وَعَبْدَ اللَّهِ يَجْعَلَانِ النِّصْفَ لِلْأُخْتِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ وَالسُّدُسَ لِلْأُخْتِ لِلْأَبِ وَالْبَاقِيَ لِلْجَدِّ، وَزَيْدًا يَجْعَلُ لِلْجَدِّ الْأَفْضَلَ مِنْ الْمُقَاسَمَةِ أَوْ الثُّلُثَ، ثُمَّ يَجْعَلُ لِلْأُخْتِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ النِّصْفَ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ كَانَ لِلْأَخَوَاتِ لِلْأَبِ وَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ فَلَا شَيْءَ لَهُنَّ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ كَانَ جَدٌّ وَأُخْتٌ لِأَبٍ وَأُمٌّ وَأَخٌ وَأُخْتٌ لِأَبٍ فَفِي قَوْلِ زَيْدٍ الثُّلُثُ لِلْجَدِّ وَالثُّلُثَانِ بَيْنَ الْأُخْتِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ وَالْأَخِ وَالْأُخْتِ لِلْأَبِ، ثُمَّ تَأْخُذُ الْأُخْتُ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ مِنْ ذَلِكَ النِّصْفَ فَيَبْقَى السُّدُسُ لِلْأَخِ وَالْأُخْتِ لِلْأَبِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ.

[مِيرَاثُ الْجَدَّةِ]

(ش) : وَقَوْلُهُ جَاءَتْ الْجَدَّةُ إلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ تَسْأَلُهُ الْحُكْمَ لَهَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ تَسْأَلُهُ بِمَعْنَى تَسْتَفْتِيهِ فِي مَسْأَلَتِهَا وَقَوْلُهُ مَا لَكِ فِي كِتَابِ اللَّهِ شَيْءٌ وَمَا عَلِمْتُ لَكِ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْئًا إخْبَارٌ مِنْهُ بِعَدَمِ النَّصِّ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فِي حُكْمِهَا؛ لِأَنَّهُمَا الْمُقَدَّمَانِ فِي طَلَبِ الْأَحْكَامِ وَقَوْلُهُ فَارْجِعِي حَتَّى أَسْأَلَ النَّاسَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ سَأَلَهُمْ عَنْ النَّصِّ لِتَجْوِيزِهِ فِي أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا لَمْ يَحْضُرْهُ وَهَذَا مِنْ تَحَفُّظِهِ وَتَوَقِّيهِ أَنْ لَا يُعْمِلَ نَظَرَهُ وَاجْتِهَادَهُ وَقِيَاسَهُ وَإِنْ عَدِمَ النَّصَّ حَتَّى يَطْلُبَهُ حَيْثُ يَرْجُو عَمَلَهُ مِنْ النَّاسِ، وَذَلِكَ لَازِمٌ لِكُلِّ مُفْتٍ أَوْ حَاكِمٍ جَوَّزَ وُجُودَ نَصٍّ أَنْ يَسْأَلَ عَنْهُ وَيَبْحَثَ فِي طَلَبِهِ وَهَذِهِ سُنَّةٌ فِي مُشَاوَرَةِ الْعَالِمِ الْعُلَمَاءَ طَلَبًا لِلنَّصِّ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ سَأَلَهُمْ عَلَى سَبِيلِ الْمُشَاوَرَةِ لَهُمْ وَالتَّعَاوُنِ بِآرَائِهِمْ وَنَظَرِهِمْ لِيَنْظُرَ فِيمَا يَظْهَرُ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ عَلَى حَسَبِ مَا يَفْعَلُهُ الْعَالِمُ إذَا أَرَادَ الْفُتْيَا بِحَضْرَةِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْحَاكِمَ إذَا أَرَادَ إنْفَاذَ الْحُكُومَةِ فَمِنْ الْحَزْمِ لَهُ وَالتَّنَاهِي فِي الِاجْتِهَادِ أَنْ يَسْأَلَ مَنْ يَحْضُرُهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فَرُبَّمَا ظَهَرَ لَهُ مِنْ آرَائِهِمْ أَفْضَلُ مِمَّا ظَهَرَ إلَيْهِ مَا يُقَوِّي فِي ظَنِّهِ صِحَّةَ مَا ظَهَرَ إلَيْهِ إذَا وَقَفَ عَلَى جَمِيعِ مَا ظَهَرَ إلَيْهِمْ وَرَأَى مَا عِنْدَهُ أَفْضَلَ، وَرَأَى اعْتِرَاضَهُمْ عَلَى مَا عِنْدَهُ غَيْرَ صَحِيحٍ أَوْ تَسْلِيمَهُمْ لِقَوْلِهِ وَإِقْرَارِهِمْ صِحَّتَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>