للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

وَرُبُعِهِ الَّذِي رَهَنَهُ وَذَلِكَ لِلْمُرْتَهِنِ الَّذِي هُوَ بِيَدِهِ فَإِذَا ضَيَّعَهُ لَزِمَهُ مَا ضَيَّعَ وَتَعَدَّى بِتَرْكِهِ وَجْهُ قَوْلِ أَصْبَغَ أَنَّهُ كَالْوَكِيلِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ فِعْلٌ إلَّا بِإِذْنِ الْمُوَكِّلِ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ أَكْرَى الرَّاهِنُ الدَّارَ بِأَمْرِ الْمُرْتَهِنِ خَرَجَتْ مِنْ الرَّهْنِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ اتَّفَقَ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ، وَلَكِنْ يُكْرِيهِ الْمُرْتَهِنُ بِأَمْرِ الرَّاهِنِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَكَذَلِكَ الْعَارِيَّةُ.

وَقَالَ أَشْهَبُ: إنْ أَعَارَهُ الْمُرْتَهِنُ بِأَمْرِ الرَّاهِنِ خَرَجَ مِنْ الرَّهْنِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَوَجْهُ ذَلِكَ عِنْدِي أَنْ يَلِيَهُ الْمُكْتَرِي، وَيَدْخُلَ مَعَهُ فِيهِ حَتَّى يَصِيرَ فِي حُكْمِ مَا هُوَ فِي يَدِهِ.

وَقَدْ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنَّمَا قُلْتُ: إنَّ بَيْعَ الرَّهْنِ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ لَا يُبْطِلُ الرَّهْنَ إذَا بَاعَهُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ، وَلَوْ دَفَعَهُ إلَيْهِ يَبِيعُهُ لِنَقْضِ رَهْنِهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ وَقَالَ يَجُوزُ إنْ ارْتَهَنَ حِصَّةَ الْمُرْتَهِنِ مِنْ جُمْلَةِ هَذَا الطَّعَامِ فَإِنْ أَرَادَ شَرِيكُهُ قِسْمَتَهُ فَإِنْ كَانَ الرَّاهِنُ حَاضِرًا أُمِرَ أَنْ يَحْضُرَ فَيُقَاسِمَ شَرِيكَهُ وَالرَّهْنُ كَمَا هُوَ بِيَدِهِ، فَهَذَا وَجْهُ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

وَيَحْتَمِلُ الْوَجْهُ الْآخَرُ أَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فِي التَّصَرُّفِ فِيهِ فَعَلَى هَذَا إنَّمَا يَكُونُ بَيْعُهُ وَمُقَاسَمَتُهُ بِمَعْنَى الْإِذْنِ فِيهِ وَمُبَاشَرَةِ الْمُرْتَهِنِ، وَيَحْتَمِلُ عِنْدِي أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمُكْتَرِيَ يَدُهُ يَدُ مَنْ أَكْرَاهُ مِنْهُ فَإِذَا بَاشَرَ الرَّاهِنُ الْكِرَاءَ فَقَبَضَهُ الْمُكْتَرِي انْتَقَصَ بِذَلِكَ الرَّهْنُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ قَبَضَهُ الرَّاهِنُ، وَإِذَا بَاشَرَ ذَلِكَ الْمُرْتَهِنُ فَانْتَقَلَ بِكِرَائِهِ إلَى الْمُكْتَرِي فَلَمْ يَخْرُجْ عَنْ يَدِهِ فَبَقِيَ عَلَى حُكْمِ الرَّهْنِ، وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ إنْ أَعَارَهُ الْمُرْتَهِنُ بِأَمْرِ الرَّاهِنِ خَرَجَ مِنْ الرَّهْنِ، وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ يَدَ الْمُسْتَعِيرِ يَدُ الْمُعِيرِ، وَأَمَّا فِي الْبَيْعِ فَإِنْ بَاعَهُ الرَّاهِنُ، وَهُوَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ انْتَقَلَ إلَى يَدِ الْمُشْتَرِي وَقَبَضَ الْمُرْتَهِنُ الثَّمَنَ فَلَمْ يَخْرُجْ بِذَلِكَ عَنْ حُكْمِ الرَّهْنِ وَكَذَلِكَ قِسْمَةُ الطَّعَامِ لَا تَنْقُلُ الرَّهْنَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إلَى يَدِ الرَّاهِنِ، وَلَا إلَى مَنْ يَدُهُ فِي حُكْمِ يَدِ الرَّاهِنِ، وَإِنَّمَا يَبْقَى بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ فَلِذَلِكَ جَازَ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِذَا كَانَ الْكَرْمُ رَهْنًا بِيَدِ عَدْلٍ فَأَتَى رَبُّهُ بِحَفَّارٍ يَحْفِرُهُ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ قَالَ سَحْنُونٌ: وَلَا يَحْضُرُ حَفْرَهُ، وَلَا يَأْتِي بِحَفَّارٍ، وَإِنَّمَا يَأْتِي بِهِ الْمُرْتَهِنُ، وَهُوَ يَأْمُرُ بِالْحَفْرِ وَمِنْ حَيْثُ يَبْدَأُ وَكَذَلِكَ حَرْثُ الْأَرْضِ، فَهَذَا وَجْهُ مَا تَقَدَّمَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَعَمَلُ الْحَائِطِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَمَرَمَّةُ الدَّارِ وَنَفَقَةُ الْعَبْدِ وَكِسْوَتُهُ عَلَى الرَّاهِنِ دُونَ الْمُرْتَهِنِ رَوَاهُ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْمِلْكَ لِلرَّاهِنِ دُونَ الْمُرْتَهِنِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُنْفِقَ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتْرُكَ الرَّهْنَ يَخْرُبُ، وَيَفْسُدُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِذَا تَهَوَّرَتْ الْبِئْرُ الْمُرْتَهَنَةُ فَعَلَى الرَّاهِنِ إصْلَاحُهَا رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ، وَمَعْنَاهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَإِذَا غَرِمَ الْمُرْتَهِنُ خَرَاجَ الْأَرْضِ الْمُرْتَهَنَةِ فَإِنْ كَانَتْ مِنْ أَرْضِ الْخَرَاجِ رَجَعَ عَلَى صَاحِبِ الْأَرْضِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ أَرْضِ الْخَرَاجِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهَا مَظْلَمَةٌ، وَكَذَا اخْتِزَانُ الرَّهْنِ إنْ كَانَ مِمَّا يُخْتَزَنُ عَلَى الرَّاهِنِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُخْتَزَنُ عَلَى الرَّاهِنِ مِثْلُهُ فِي الْعَادَةِ كَالثَّوْبِ وَالْعَبْدِ فَلَا كِرَاءَ فِيهِ رَوَاهُ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَأَمَّا الرَّهْنُ يَحِلُّ بَيْعُهُ بِحَيْثُ لَا سُلْطَانَ بِهِ، وَلَا يُوجَدُ مَنْ يَبِيعُهُ إلَّا بِجُعْلٍ فَقَدْ رَوَى عِيسَى، وَأَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْجُعْلَ عَلَى مَنْ طَلَبَ الْبَيْعَ قَالَ عِيسَى: وَمَا أَرَى الْجُعْلَ إلَّا عَلَى الرَّاهِنِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ عَلَى الرَّاهِنِ صَرْفَ الرَّهْنِ إلَى صِفَةٍ يَقْتَضِي مِنْهَا الْمُرْتَهِنُ حَقَّهُ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ جَعْلُ صَرْفِ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَإِذَا مَاتَ الْعَبْدُ الْمُرْتَهَنُ فَكَفَنُهُ وَدَفْنُهُ عَلَى رَاهِنِهِ قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ هَذَا مِنْ مُؤْنَتِهِ وَذَلِكَ لَازِمٌ لِمَالِكِهِ دُونَ مُرْتَهِنِهِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِذَا أَنْفَقَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الرَّهْنِ بِأَمْرِ الرَّاهِنِ فَهُوَ سَلَفٌ، وَلَا يَكُونُ فِي الرَّهْنِ إلَّا بِشَرْطٍ سَوَاءٌ أَنْفَقَ بِإِذْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَلَيْسَ كَالضَّالَّةِ يُنْفِقُ عَلَيْهَا فَيَكُونُ عِنْدَ مَالِكٍ أَوْلَى بِهَا مِنْ الْغُرَمَاءِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ نَفَقَتَهَا؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا، وَلَيْسَ عَلَيْهِ ذَلِكَ فِي الرَّهْنِ؛ لِأَنَّهُ يَطْلُبُ الرَّاهِنَ أَنْ يَرْفَعَ ذَلِكَ إلَى الْإِمَامِ فِي غَيْبَتِهِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ أَشْهَبُ هُوَ مِثْلُ الضَّالَّةِ وَالرَّهْنُ بِهَا رَهْنٌ، وَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ مَنْعُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>