للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُؤَذِّنُ) .

ــ

[المنتقى]

(ش) : قَوْلُهُ «إذَا سَمِعْتُمْ النِّدَاءَ يُرِيدُ الْأَذَانَ» لِأَنَّهُ النِّدَاءُ الشَّرْعِيُّ وَهُوَ الَّذِي يَقْتَضِي الْعُمُومَ وَأَنَّهُ مَتَى سَمِعَ النِّدَاءَ فَعَلَى السَّامِعِ أَنْ يَقُولَ مِثْلَهُ.

وَقَدْ يَكُونُ الْأَذَانُ فِي وَقْتٍ يَكُونُ السَّامِعُ فِي صَلَاةِ نَافِلَةٍ أَوْ فَرْضٍ أَوْ قِرَاءَةِ قُرْآنٍ فَدَلَّ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يَقُولُ ذَلِكَ فِي النَّافِلَةِ وَلَا يَقُولُهُ فِي الْفَرِيضَةِ وَرَوَى أَبُو مُصْعَبٍ عَنْ مَالِكٍ يَقُولُ ذَلِكَ فِي الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ.

وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يَقُولُهُ فِي فَرْضٍ وَلَا نَفْلٍ.

وَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْفَرِيضَةَ آكَدُ مِنْ النَّافِلَةِ فَلَا يَجُوزُ تَرْكُهَا وَالِاشْتِغَالُ عَنْهَا بِالنَّافِلَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذَا كَانَ فِي نَافِلَةٍ فَهَذِهِ زِيَادَةٌ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ وَهُوَ يَعُودُ إلَى مَا كَانَ فِيهِ مِنْ نَافِلَةٍ وَلِذَلِكَ جَازَ الِاشْتِغَالُ فِي النَّافِلَةِ بِالتَّعَوُّذِ وَالْبَسْمَلَةِ وَالْإِتْيَانِ بِهَا وَمُنِعَ ذَلِكَ فِي الْفَرِيضَةِ.

وَوَجْهُ رِوَايَةِ أَبِي مُصْعَبٍ أَنَّ هَذَا ذِكْرٌ لِلَّهِ تَعَالَى غَيْرُ مُنَافٍ لِلصَّلَاةِ فَلَا يُمْنَعُ فِي صَلَاةِ فَرْضٍ وَلَا نَفْلٍ كَالتَّشَهُّدِ وَالدُّعَاءِ.

وَوَجْهُ قَوْلِ سَحْنُونٍ أَنَّ الصَّلَاةَ وَقِرَاءَةَ الْقُرْآنِ أَفْضَلُ الْأَذْكَارِ فَلَا يَجُوزُ قَطْعُهُ لِغَيْرِهِ مِنْ الْأَذْكَارِ لِأَنَّهُ لَا يَقْطَعُهُ لِمَا هُوَ مِثْلُهُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ» قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي رِوَايَتِهِ يَقُولُ التَّشَهُّدَ مَرَّةً وَاحِدَةً فَإِذَا رَجَعَ إلَيْهِ الْمُؤَذِّنُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ مَنْ يَقُولُ مِثْلَهُ.

وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ يُعَاوِدُ التَّشَهُّدَ إذَا عَاوَدَهُ الْمُؤَذِّنُ.

وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْمُؤَذِّنَ إنَّمَا يَرْجِعُ إلَيْهِ بِرَفْعِ صَوْتِهِ يُرِيدُ الْإِسْمَاعَ وَالسَّامِعُ لَهُ إنَّمَا يَقُولُهُ فِي حَدٍّ وَاحِدٍ فَلَا مَعْنَى لِإِعَادَتِهِ لَهُ.

وَوَجْهُ قَوْلُ الدَّاوُدِيِّ التَّعَلُّقُ بِمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ «فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ» .

(مَسْأَلَةٌ) :

قَالَ مَالِكٌ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ أَنَّ ذَلِكَ إلَى آخِرِ التَّشَهُّدِ فِيمَا يَقَعُ فِي قَلْبِي وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ رَجُلٌ لَمْ أَرَ بِهِ بَأْسًا يُرِيدُ مَالِكٌ أَنَّ تَخْصِيصَهُ اللَّفْظَ الْعَامَّ إنَّمَا هُوَ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ لَا مِنْ جِهَةِ نَصٍّ عِنْدَهُ وَأَنَّ مَنْ اقْتَصَرَ عَلَى مَا رَآهُ مِنْ ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ هَلْ يَقُولُ مَا بَعْدَ ذَلِكَ بَأْسٌ أَوْ لَا قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ مَعْنَى قَوْلِهِ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ رَجُلٌ لَمْ أَرَ بِهِ بَأْسًا يَعْنِي لَوْ أَتَمَّ الْأَذَانَ مَعَ الْمُؤَذِّنِ لَمْ أَرَ بِهِ بَأْسًا وَحَكَى الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ أَنَّ الْقَوْلَ إلَى آخِرِ التَّشَهُّدِ خَاصَّةً وَعَلَّلَ ذَلِكَ بِأَنَّ التَّشَهُّدَ مِنْ الدُّعَاءِ إلَى الصَّلَاةِ مِمَّا يَخْتَصُّ بِهِ الْمُؤَذِّنُونَ فَلَا مَعْنَى لِقَوْلِ السَّامِعِ مِثْلَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِدَاعٍ لِلصَّلَاةِ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ إذَا فَرَغَ الْمُؤَذِّنُ مِنْ حَيِّ عَلَى الْفَلَاحِ فَقَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فَإِنْ شَاءَ السَّامِعُ قَالَ مِثْلَهُ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ.

وَقَالَ حَبِيبٌ إذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ حَيِّ عَلَى الصَّلَاةِ أَوْ حَيِّ عَلَى الْفَلَاحِ قَالَ السَّامِعُ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ فَإِذَا عَادَ إلَى التَّكْبِيرِ وَالتَّهْلِيلِ قَالَ مِثْلَهُ.

وَجْهُ مَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ أَنَّهُ إذَا انْتَهَى إلَى التَّشَهُّدِ فَلَمْ يَتْبَعْهُ فِيمَا بَعْدَهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ غَيْرَهُ مِنْ الْقَوْلِ لِأَنَّهُ لَمَّا قَطَعَ مُتَابَعَتَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ بَعْدَهُ.

وَوَجْهُ مَا قَالَهُ أَبُو الْقَاسِمِ مِنْ التَّخْيِيرِ أَنَّهُ إذَا رَجَعَ إلَى التَّكْبِيرِ فَقَدْ شُرِعَ لَهُ بِعُمُومِ قَوْلِهِ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ وَشُرِعَ لَهُ أَيْضًا غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الْقَوْلِ بِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} [البقرة: ١٥٢] فَكَانَ مُخَيَّرًا بَيْنَهُمَا وَمَا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ رَوَاهُ عُمَرُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَيْسَ بِدَاخِلٍ تَحْتَ عُمُومِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ» وَلَكِنَّهُ مَشْرُوعٌ بِغَيْرِ ذَلِكَ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا بِقَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ فَإِنَّ هَذَا إذَا كَانَ السَّامِعُ خَارِجَ الصَّلَاةِ بِأَنْ كَانَ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ حَيِّ عَلَى الصَّلَاةِ فَقَدْ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْأَصِيلِيُّ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ مُتَأَوِّلٌ وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ تَبْطُلُ وَهُوَ كَالْمُتَكَلِّمِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَهَلْ يَقُولُ ذَلِكَ قَبْلَ الْمُؤَذِّنِ أَوْ بَعْدَهُ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ إنْ أَبْطَأَ الْمُؤَذِّنُ فَلَهُ أَنْ يُعَجِّلَ قَبْلَهُ وَرَوَى عَنْهُ عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ يَقُولُ بَعْدَهُ أَحَبُّ إلَيَّ وَهَذَا يَخْتَلِفُ فَإِنْ كَانَ فِي صَلَاةٍ أَوْ ذِكْرٍ فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ وَكَانَ الْمُؤَذِّنُ بَطِيئًا يُطَوِّلُ مِنْ صَوْتِهِ لِلِاسْتِمَاعِ فَلَهُ أَنْ يُعَجِّلَ لِيَعُودَ إلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>