للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

مَالِكٍ الْمَنْعُ مِنْ ذَلِكَ مَعَ وُجُودِ الْمَالِ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ يَجُوزُ وَيَتَخَيَّرُ الْحُرَّةَ وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَبِهِ أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ.

وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ وَإِنَّهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى حَلَالٌ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ بِالْمَنْعِ قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء: ٢٥] إلَى قَوْله تَعَالَى {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} [النساء: ٢٥] وَذَلِكَ أَنَّ الْحُرَّةَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ هِيَ الطَّوْلُ الَّذِي يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى نِكَاحِ الْحُرَّةِ يَمْنَعُهُ نِكَاحَ الْأَمَةِ فَبِأَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ كَوْنُ الْحُرَّةِ زَوْجَةً لَهُ أَوْلَى وَأَحْرَى وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ الطَّوْلَ هُوَ الْقُدْرَةُ عَلَى صَدَاقِ الْحُرَّةِ لِأَنَّهُ السَّعَةُ فِي الْمَالِ فِيهِ يُتَوَصَّلُ إلَى مَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ نِكَاحِ الْحَرَائِرِ فَأَمَّا الْحُرَّةُ فَلَيْسَتْ تُسَمَّى طَوْلًا لُغَةً وَلَا شَرْعًا وَلَا يُتَوَصَّلُ بِهَا إلَى مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ النِّكَاحِ.

(فَصْلٌ) :

وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ فَإِنَّهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى حَلَالٌ فَقَدْ قِيلَ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْمَوَّازِ أَيْنَ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَقَالَ أَرَاهُ يُرِيدُ قَوْله تَعَالَى {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} [النور: ٣٢] وَهَذَا عَامٌّ قَالَ مُحَمَّدٌ فَهَذِهِ عِنْدَ مَالِكٍ نَاسِخَةٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء: ٢٥] إلَى قَوْله تَعَالَى {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ} [النساء: ٢٥] مِنْكُمْ وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ كَانَ يَذْكُرُ أَنَّهُ سَمِعَ مَالِكًا يَقُولُ: نِكَاحُ الْأَمَةِ فِي كِتَابِ اللَّهِ حَلَالٌ فَاسْتَوْقَفْنَاهُ عَلَيْهِ فِي أَيِّ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى هُوَ حَلَالٌ وَفِي أَيِّ الْآيَاتِ فَقَالَ لَا أَدْرِي وَمَا قَالَهُ مُحَمَّدٌ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ النَّسْخَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِدَلِيلٍ وَأَيْضًا فَإِنَّ الْآيَةَ النَّاسِخَةَ عِنْدَهُ عَامَّةٌ وَالْمَنْسُوخَةَ خَاصَّةٌ فِي مَوْضِعِ الْخِلَافِ فَيَجِبُ أَنْ يُقَدَّمَ الْخَاصُّ عَلَى الْعَامِ إلَّا أَنْ يُنْقَلَ النَّسْخُ فِي ذَلِكَ وَالْأَوْضَحُ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء: ٢٥] إلَى قَوْله تَعَالَى {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} [النساء: ٢٥] فَأَبَاحَ لَهُ نِكَاحَهَا بِوُجُودِ شَرْطَيْنِ وَبَقِيَ مَا عُدِمَ فِيهِ الشَّرْطَانِ مَسْكُوتًا عَنْهُ عَلَى مَنْعِنَا الْقَوْلَ بِدَلِيلِ الْخِطَابِ وَمَنْعِنَا أَنْ يَكُونَ لَفْظُ ذَلِكَ مِنْ أَلْفَاظِ الْحَصْرِ ثُمَّ وَرَدَ قَوْله تَعَالَى {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} [النور: ٣٢] عَامًا مُطْلَقًا دُونَ شَرْطٍ فَكَانَ مَا قَابَلَ الْآيَةَ الْمُقَيَّدَةَ مِنْ الْآيَةِ الْمُطْلَقَةِ مُوَافِقًا لَهَا وَمُمَاثِلًا لِمَعْنَاهَا وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ الْآيَةِ الْمُطْلَقَةِ فَقَدْ بَيَّنَ فِي الْآيَةِ الْمُطْلَقَةِ وَسَكَتَ عَنْهُ فِي الْآيَةِ الْمُقَيَّدَةِ وَبِهَذَا نَقُولُ فِي الْآيَةِ الْمُطْلَقَةِ وَالْآيَةِ الْمُقَيَّدَةِ مَتَى وَرَدَتَا فِي حُكْمٍ وَاحِدٍ مُتَعَلِّقٍ بِسَبَبٍ وَاحِدٍ فَإِنَّمَا يُحْمَلُ الْمُطْلَقُ مِنْ اللَّفْظِ عَلَى إطْلَاقِهِ وَالْمُقَيَّدُ عَلَى تَقْيِيدِهِ.

وَيُحْتَمَلُ وَجْهًا آخَرَ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَنَّهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى حَلَالٌ رَاجِعًا إلَى سُؤَالِ السَّائِلِ عَنْ نِكَاحِ الْأَمَةِ عَلَى الْحُرَّةِ فَقَالَ أَنَّهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى حَلَالٌ وَأَشَارَ إلَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: ٢٥] إلَى قَوْله تَعَالَى {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} [النساء: ٢٥] يُرِيدُ أَنَّهُ جَائِزٌ مَعَ وُجُودِ هَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ وَأَنَّ كَوْنَ الْحُرَّةِ عِنْدَهُ لَا يَمْنَعُ الْإِبَاحَةَ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِطَوْلٍ وَلَا يَأْمَنُ مَعَهَا الْعَنَتَ فَيَكُونُ هَذَا مَعْنَى مَا تَضَمَّنَهُ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ تَحْلِيلِ ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَرْعٌ) فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ فَهَلْ ذَلِكَ عَلَى التَّحْرِيمِ أَوْ عَلَى الْكَرَاهَةِ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْقَوْلَيْنِ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ مَنْ تَزَوَّجَ أَمَةً عَلَى حُرَّةٍ فُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَمَةِ وَبِهِ قَالَ أَشْهَبُ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ إنْ تَزَوَّجَهَا خُيِّرَتْ الْحُرَّةُ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِيجَابُ الْفَسْخِ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ وَمَنْعُ الْفَسْخِ مَعَ مَنْعِ النِّكَاحِ أَوَّلًا يَقْتَضِي الْكَرَاهِيَةَ دُونَ التَّحْرِيمِ وَأَمَّا إذَا كَانَ وَاجِدًا لِلطَّوْلِ الَّذِي هُوَ الْمَالُ فَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ أَنَّ مَالِكًا قَالَ لَا بَأْسَ لِلْحُرِّ تَحْتَهُ الْحُرَّةُ وَلَيْسَ عِنْدَهُ مَا يَتَزَوَّجُ بِهِ حُرَّةً وَخَافَ الْعَنَتَ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَمَةً قَالَ ابْنُ وَهْبٍ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ مَالِكٌ ذَلِكَ جَائِزٌ وَلِلْحُرَّةِ الْخِيَارُ فَعَلَى هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>