للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لَا تُنْكَحُ الْأَمَةُ عَلَى الْحُرَّةِ إلَّا أَنْ تَشَاءَ الْحُرَّةُ فَإِنْ طَاعَتْ الْحُرَّةُ فَلَهَا الثُّلُثَانِ مِنْ الْقِسْمِ) .

ــ

[المنتقى]

فِي نِكَاحِ الْأَمَةِ عَلَى الْحُرَّةِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ: إحْدَاهَا لَا يَجُوزُ وَإِنْ عَدِمَ الطَّوْلَ الَّذِي هُوَ الْمَالُ وَخَافَ الْعَنَتَ إذَا كَانَتْ تَحْتَهُ حُرَّةٌ، وَالثَّانِيَةُ يَجُوزُ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ طَوْلًا وَلَا خَافَ عَنَتًا، وَالثَّالِثَةُ وَيَجُوزُ مَعَ عَدَمِ الطَّوْلِ وَخَوْفِ الْعَنَتِ وَلَا يَجُوزُ مَعَ وُجُودِ الطَّوْلِ وَأَمَانِ الْعَنَتِ وَالطَّوْلُ فِي الْقَوْلَيْنِ الْآخَرَيْنِ أَظْهَرُ فِي الْمَالِ وَإِنْ كَانَ يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْحُرَّةُ.

(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا إنَّهُ يَنْكِحُ الْأَمَةَ عَلَى الْحُرَّةِ فَإِنَّ لِلْحُرَّةِ الْخِيَارُ لِلنَّقْصِ الدَّاخِلِ عَلَيْهَا بِأَنْ تَكُونَ ضَرَّتُهَا أَمَةً وَمَا الَّذِي يَكُونُ لَهَا مِنْ الْخِيَارِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي أَنْ تُقِيمَ مَعَهُ إنْ أَحَبَّتْ أَوْ تُفَارِقَهُ إنْ شَاءَتْ قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَالْمُغِيرَةُ إنَّمَا يَكُونُ الْخِيَارُ لِلْحُرَّةِ فِي أَنْ تُقِيمَ أَوْ تُفَارِقَ إذَا كَانَتْ هِيَ الدَّاخِلَةَ عَلَى الْأَمَةِ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْأَمَةُ هِيَ الدَّاخِلَةَ عَلَيْهَا فَالْخِيَارُ لِلْحُرَّةِ فِي نِكَاحِ الْأَمَةِ إنْ شَاءَتْ أَقَرَّتْهُ وَإِنْ شَاءَتْ رَدَّتْهُ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْخِيَارَ إذَا ثَبَتَ لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ بِمَعْنَى فِي جِهَةِ الْآخَرِ فَإِنَّمَا يَكُونُ خِيَارُهُ فِي أَنْ يُقِيمَ أَوْ يُفَارِقَ وَلَا يَتَعَدَّى خِيَارُهُ إلَى غَيْرِهِ كَعَيْبِ الْجَبِّ وَالْخِصَاءِ وَالْجُذَامِ وَالْبَرَصِ.

وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّهُ إنَّمَا يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ لِإِزَالَةِ الضَّرَرِ الَّذِي لَحِقَهَا لِكَوْنِ الْأَمَةِ ضَرَّةً لَهَا وَدَاخِلَةً عَلَيْهَا فَلَهَا أَنْ تُزِيلَهُ عَنْ نَفْسِهَا بِرَدِّ نِكَاحِهَا وَمَتَى قُلْنَا أَنَّ خِيَارَهَا مِنْ أَنْ تَفْسَخَ نِكَاحَهَا كَانَ خِيَارًا فِي زِيَادَةِ الضَّرَرِ لَا فِي إزَالَتِهِ.

(فَرْعٌ) وَهَذَا يَكُونُ لِلْحُرَّةِ أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا بِطَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ بِطَلْقَةٍ مُبْهَمَةٍ وَتَكُونُ وَاحِدَةً بَائِنَةً وَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا وَإِنْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا بِالْبَتَاتِ كَانَتْ ثَلَاثًا وَقَدْ خَالَفَتْ السُّنَّةَ وَفِي الَّتِي يَتَزَوَّجُ الْأَمَةَ عَلَيْهَا لَيْسَ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا إلَّا طَلْقَةً وَاحِدَةً بَائِنَةً وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ فَتُخْرِجُ الرِّوَايَةُ الْمَسْأَلَتَيْنِ جَمِيعًا وَإِنَّمَا كَانَتْ الطَّلْقَةُ الْوَاحِدَةُ بَائِنَةً فِي ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي أَوْجَبَ الطَّلَاقَ بَاقٍ ثَابِتٌ وَهُوَ وُجُودُ الْأَمَةِ فِي عِصْمَتِهِ فَإِذَا كَانَ سَبَبًا لِإِبْطَالِ النِّكَاحِ الصَّحِيحِ لَمْ يَصِحَّ الِارْتِجَاعُ مَعَهُ لِأَنَّ الْخِيَارَ الثَّابِتَ لَهَا بِالشَّرْعِ فِي أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا يُبْطِلُ الرَّجْعَةَ وَكُلُّ طَلَاقٍ لَا تَصِحُّ الرَّجْعَةُ مَعَهُ فَإِنَّهُ بَائِنٌ كَالْخُلْعِ وَالطَّلَاقِ الْبَائِنِ، وَيَلْزَمُ عَلَى هَذَا النَّصْرَانِيَّةُ تُسْلِمُ تَحْتَ النَّصْرَانِيِّ ثُمَّ يُسْلِمُ فِي عِدَّتِهَا فَإِنَّهَا زَوْجَتُهُ لِأَنَّ إسْلَامَهَا لَيْسَ بِطَلَاقٍ وَلَا يَحْتَاجُ بِإِسْلَامِهِ إلَى ارْتِجَاعٍ وَلَا يَلْزَمُ عَلَى هَذَا فُرْقَةُ الْمَوْلَى فَإِنَّ الرَّجْعَةَ فِيهِ مُعْتَبَرَةٌ بِالْوَطْءِ وَلِأَنَّ ضَرَرَ كَوْنِ الْأَمَةِ ضَرَّةً لَهَا ثَابِتٌ مُسْتَدَامٌ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ وَالْأَحْوَالِ لَا يَكُونُ فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ فَأَشْبَهَ مَا يُوجَدُ بِجِسْمِهِ بَرَصٌ أَوْ جُذَامٌ وَأَمَّا ضَرَرُ الِامْتِنَاعِ مِنْ الْوَطْءِ فَإِنَّ الْوَطْءَ لَا يُسْتَدَامُ وَإِنَّمَا هُوَ فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ فَأَشْبَهَ الِاعْتِبَارَ بِالْمَنْفَعَةِ.

(ش) : قَوْلُهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا تُنْكَحُ الْأَمَةُ عَلَى الْحُرَّةِ إلَّا أَنْ تَشَاءَ الْحُرَّةُ.

(فَرْعٌ) مِنْ أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ قَدَّمْنَاهُمَا أَنَّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْأَمَةَ عَلَى الْحُرَّةِ مَعَ وُجُودِ الطَّوْلِ وَأَمْنِ الْعَنَتِ وَالثَّانِي لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا مَعَ عَدَمِ الطَّوْلِ وَخَوْفِ الْعَنَتِ وَأَمَّا مَنْ مَنَعَ نِكَاحَ الْأَمَةِ عَلَى الْحُرَّةِ فَلَا خِيَارَ وَلَا مَشِيئَةَ فِي ذَلِكَ لِلْحُرَّةِ قَالَ أَصْبَغُ فِي الْوَاضِحَةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ وَإِنَّمَا وَجْهُ الْحَدِيثِ عِنْدَنَا أَنْ تُخَيَّرَ الْمَرْأَةُ إذَا نَكَحَ عَلَيْهَا الْأَمَةَ إنَّمَا ذَلِكَ فِيمَنْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْأَمَةَ بِالثُّنْيَا وَالشَّرْطُ وَذَلِكَ بِأَنْ لَا تَكْفِيهِ الْحُرَّةُ وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ غَيْرِهَا فَيَخَافُ الْعَنَتَ وَلَا يَجِدُ طَوْلًا إلَى حُرَّةٍ أَوْ هَوَى أَمَةً مُعِينَةً هَوًى غَالِبًا فَيَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ فِيهَا الْعَنَتَ إنْ لَمْ يَتَزَوَّجْهَا فَيَجُوزُ لَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا عَلَى الْحُرَّةِ فَيَكُونُ لِلْحُرَّةِ الْخِيَارُ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَإِنْ طَاعَتْ الْحُرَّةُ فَلَهَا الثُّلُثَانِ مِنْ الْقِسْمِ يُرِيدُ إنْ طَاعَتْ بِالْمَقَامِ مَعَهَا فِي تِلْكَ الْحَالِ فَإِنَّ لِلْحُرَّةِ مِنْ الْقِسْمِ الثُّلُثَيْنِ وَلِلْأَمَةِ الثُّلُثُ.

وَقَدْ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي هَذَا فَقِيلَ هَذَا الْقَوْلُ رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ إذَا كَانَ الزَّوْجُ حُرًّا وَفِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ رَجَعَ قَبْلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>