للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ وَلَا يَنْبَغِي لِحُرٍّ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَمَةً وَهُوَ يَجِدُ طَوْلًا لِحُرَّةٍ وَلَا يَتَزَوَّجُ أَمَةً إذَا لَمْ يَجِدْ طَوْلًا لِحُرَّةٍ إلَّا أَنْ يَخْشَى الْعَنَتَ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ فِي كِتَابِهِ {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء: ٢٥] وَقَالَ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ قَالَ مَالِكٌ وَالْعَنَتُ هُوَ الزِّنَا)

ــ

[المنتقى]

مَوْتِهِ إلَى أَنَّ لِلْحُرَّةِ الثُّلُثَيْنِ مِنْ الْقِسْمِ وَلِلْأَمَةِ الثُّلُثُ وَالْقَوْلُ الثَّانِي يُقَسِّمُ بَيْنَهُمَا بِالسَّوَاءِ وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَعَلَيْهِ ثَبَتَ مَالِكٌ وَبِهِ قَالَ رَبِيعَةُ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْقِسْمَ بِقَدْرِ الثَّوَاءِ بِدَلِيلِ أَنَّ الصَّغِيرَةَ الَّتِي لَا تُسَلَّمُ إلَيْهِ لَا حَظَّ لَهَا مِنْ الْقِسْمِ فَلَمَّا كَانَتْ الْحُرَّةُ يَثْوِي عِنْدَهَا لَيْلًا وَنَهَارًا وَالْأَمَةُ فِي اللَّيْلِ دُونَ النَّهَارِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ حَظُّ الْحُرَّةِ مِنْ الْقِسْمِ أَكْثَرَ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ هَذَا حَقٌّ مِنْ حُقُوقِ الزَّوْجَةِ فَوَجَبَ أَنْ تَسْتَوِيَ فِيهِ الْحُرَّةُ وَالْأَمَةُ كَالنَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَهَذَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ حُرًّا فَإِنْ كَانَ عَبْدًا فَلَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ أَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَهُمَا فِي الْقِسْمِ إلَّا مَا قَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ فَإِنَّهُ قَالَ يُفَضِّلُ الْحُرَّةَ عَلَى الْأَمَةِ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْأَمَةَ قَدْ سَاوَتْ الْعَبْدَ فِي الْحُرْمَةِ فَلَا تُفَضَّلُ عَلَيْهَا فِي الْقِسْمِ كَالْحُرَّةِ تَحْتَ الْحُرِّ وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّ هَذَا عَبْدٌ فَكَانَ حُكْمُهُ أَنْ يُفَضِّلَ الْحُرَّةَ عَلَى الْأَمَةِ فِي الْقِسْمِ كَالْحُرِّ.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ أَنَّ الْحُرَّ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْأَمَةَ إلَّا بِشَرْطَيْنِ أَحَدُهُمَا عَدَمُ الطَّوْلِ وَالثَّانِي خَوْفُ الْعَنَتِ هَذَا الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ رَوَاهُ عَنْهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ وَعَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ وَابْنُ نَافِعٍ وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَجَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالْعُلَمَاءِ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْوَاضِحَةِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ أَجَازَ لِلْحُرِّ نِكَاحَ الْأَمَةِ مَعَ وُجُودِ الطَّوْلِ وَأَمْنِ الْعَنَتِ وَحَكَى الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ أَنَّ قَوْلَ مَالِكٍ هَذَا إنَّمَا هُوَ لِمَنْ لَمْ تَكُنْ تَحْتَهُ حُرَّةٌ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ فَأَمَّا إنْ كَانَتْ تَحْتَهُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْحُرَّةَ عِنْدَهُ هِيَ الطَّوْلُ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُ الْكَلَامِ فِي ذَلِكَ بِمَا يُغْنِي عَنْ إعَادَتِهِ.

(فَصْلٌ) :

وَالدَّلِيلُ عَلَى اعْتِبَارِ الشَّرْطَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء: ٢٥] ثُمَّ قَالَ تَعَالَى {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} [النساء: ٢٥] فَشَرَطَ فِي اسْتِبَاحَةِ نِكَاحِ الْإِمَاءِ أَنْ لَا يَسْتَطِيعَ طَوْلًا بِنِكَاحِ حُرَّةٍ وَيَخَافَ الْعَنَتَ إنْ لَمْ يَتَزَوَّجْ الْأَمَةَ وَإِذَا كَانَ هَذَانِ الْمَعْنَيَانِ شَرْطَيْنِ فِي الْإِبَاحَةِ لَمْ يَجُزْ لَهُ ذَلِكَ مَعَ عَدَمِهِمَا قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَهَذَا عِنْدِي إنَّمَا يَصِحُّ التَّعَلُّقُ بِهِ لِمَنْ قَالَ بِدَلِيلِ الْخِطَابِ فِي الشَّرْطِ لِأَنَّهُ أَبَاحَ هَذَا النِّكَاحَ بِالشَّرْطَيْنِ وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْمَنْعِ مِنْهُ مَعَ عَدَمِ الشَّرْطَيْنِ وَلِمَنْ قَالَ أَنَّ لَفْظَةَ ذَلِكَ مِنْ أَلْفَاظِ الْحَصْرِ إلَّا أَنَّ الْمَشْهُورَ مِنْ قَوْلِ الصَّحَابَةِ الْمَنْعُ مِنْ ذَلِكَ مَعَ عَدَمِ الشَّرْطَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ وَالْمَنْعُ مِنْ ذَلِكَ مَعَ عَدَمِ الزَّوْجَةِ الْحُرَّةِ عَلَى مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ لَيْسَ بِظَاهِرٍ مِنْ أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ وَلَا يَكَادُ أَنْ يَصِحَّ عَلَى هَذَا التَّحْرِيرِ مِنْ قَوْلِهِمْ وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ بِإِجَازَةِ ذَلِكَ عَلَى الْإِطْلَاقِ فَيَتَنَاوَلُهُ عُمُومُ الْآيَتَيْنِ إنْ لَمْ يَمْنَعْ مِنْهُ إجْمَاعٌ.

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ.

(فَرْعٌ) إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَقَدْ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الطَّوْلِ الْمَذْكُورِ فِي الْآيَةِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ وَابْنِ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الطَّوْلَ الْمَالُ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ وَمِنْ رِوَايَةِ الْقَاضِي أَبِي الْحَسَنِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الطَّوْلَ أَنْ يَكُونَ فِي عِصْمَتِهِ حُرَّةٌ رَوَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ إذَا كَانَتْ تَحْتَهُ حُرَّةٌ لَمْ يَتَزَوَّجْ أَمَةً وَإِنْ عَدِمَ الطَّوْلَ الَّذِي هُوَ الْمَالُ وَخَافَ الْعَنَتَ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ أَنَّ الطَّوْلَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الْغِنَى وَكَثْرَةُ الْمَالِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {اسْتَأْذَنَكَ أُولُو الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِينَ} [التوبة: ٨٦]

<<  <  ج: ص:  >  >>