للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

يُرِيدُ أُولِي الْغِنَى وَلَا نَعْلَمُ اسْمَ الطَّوْلِ يَقَعُ عَلَى الْحُرَّةِ بِوَجْهٍ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ كَمَا لَا يَقَعُ عَلَيْهَا اسْمُ الْغِنَى وَالْيَسَارِ وَوَجْهٌ آخَرَ وَهُوَ أَنَّهُ تَعَالَى قَالَ {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء: ٢٥] فَجَعَلَ الطَّوْلَ مِمَّا يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى نِكَاحِ الْحُرَّةِ وَلَوْ كَانَتْ الْحُرَّةُ طَوْلًا لَمْ يَجْعَلْهُ شَرْطًا فِي الْوُصُولِ إلَيْهَا لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَقُولَ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ أَنْ يَنْكِحَ حُرَّةً وَلَمَا عَلَّقَ الِاسْتِطَاعَةَ عَلَى الطَّوْلِ فِي الْوُصُولِ إلَى الْحُرَّةِ عُلِمَ أَنَّ الطَّوْلَ غَيْرُ الْحُرَّةِ وَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَمَنْ قَالَ إنَّ الطَّوْلَ الْمَالُ فَالنِّكَاحُ عِنْدَهُ بِمَعْنَى الْعَقْدِ وَمَنْ قَالَ إنَّ الطَّوْلَ الْحُرَّةُ فَالنِّكَاحُ عِنْدَهُ بِمَعْنَى الْوَطْءِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا إنَّ الْحُرَّةَ لَيْسَتْ بِطَوْلٍ فَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ زَوْجَتَانِ أَوْ ثَلَاثٌ فَلَيْسَ بِطَوْلٍ وَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْأَمَةَ لِوُجُودِ شَرْطَيْ إبَاحَةِ ذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ مَالِكٍ وَإِذَا قُلْنَا إنَّ الطَّوْلَ هُوَ الْمَالُ فَكَمْ الْمُعْتَبَرُ مِنْهُ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ أَنَّهُ قَالَ عَدَمُ الطَّوْلِ أَنْ لَا يَجِدَ مَا يَصْلُحُ لِنِكَاحِ الْحُرَّةِ وَهِيَ الْمُحْصَنَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي قَوْله تَعَالَى {أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ} [النساء: ٢٥] مِنْ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ وَالْمُؤْنَةِ وَنِكَاحُ الْأَمَةِ أَخَفُّ عَلَيْهِ وَرُبَّمَا كَانَتْ نَفَقَتُهَا عَلَى غَيْرِهِ وَرَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ فِيمَنْ قَالَ أَنَا أَجِدُ مَا أَتَزَوَّجُ بِهِ حُرَّةً وَلَا أَجِدُ مَا أُنْفِقُ عَلَيْهَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَمَةً إنَّمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء: ٢٥] فَظَاهِرُ هَذَا اللَّفْظِ يَقْتَضِي مَا يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى النِّكَاحِ وَهُوَ الْمَهْرُ وَقَوْلُ أَصْبَغَ مُحْتَمَلٌ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَجِدْ مَا يُنْفِقُهُ عَلَى الْحُرَّةِ لَمْ يَصِلْ إلَى الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا وَبِهِ يَأْمَنُ الْعَنَتَ.

وَقَدْ قَالَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ لَا يَجُوزُ الْيَوْمَ لِأَحَدٍ نِكَاحُ الْأَمَةِ لِأَنَّهُ يَجِدُ نِكَاحَ الْحُرَّةِ مَا يَنْكِحُ بِهِ الْأَمَةَ.

(فَرْعٌ) وَسَوَاءٌ كَانَ مَا يَقْدِرُ بِهِ عَلَى نِكَاحِ الْحُرَّةِ نَقْدًا أَوْ عَرَضًا أَوْ دَيْنًا عَلَى مَلِيءٍ أَوْ مَا يُمْكِنُ بَيْعُهُ أَوْ إجَارَتُهُ فَهُوَ طَوْلٌ رَوَاهُ عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَالْكِتَابَةُ عَلَى الْمُكَاتَبِ طَوْلٌ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ بَيْعُهَا كَالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ الْمُدَبَّرُ وَالْمُعْتَقُ إلَى أَجَلٍ لَيْسَ بِطَوْلٍ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ بَيْعُهُ وَلَا يَتَصَرَّفُ تَصَرُّفَ الْمَالِ وَالْمُرَادُ بِهِ عِنْدِي إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ مَنَافِعِهِ مَا يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى نِكَاحِ الْحُرَّةِ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ مَا أَمْكَنَ أَخْذُ ثَمَنِهِ وَالْمُعَارِضَةُ بِهِ فَيَبْلُغُ ثَمَنُهُ مَا يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى نِكَاحِ الْحُرَّةِ فَهُوَ طَوْلٌ وَمَا لَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يُمْكِنْ ذَلِكَ فِيهِ فَلَيْسَ بِطَوْلٍ وَالْمُدَبَّرُ لَا يُمْكِنُ بَيْعُ رَقَبَتِهِ وَلَا بَيْعُ مَنَافِعِهِ الْمُدَّةَ الطَّوِيلَةَ لِأَنَّ أَمْرَهُ مُتَرَقَّبٌ لِجَوَازِ أَنْ يَمُوتَ أَوْ يَمْرَضَ فَتُرَدُّ الْإِجَارَةُ فَلِذَلِكَ لَمْ يُعَدَّ طَوْلًا.

١ -

(فَصْلٌ) :

إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَمَنْ تَزَوَّجَ أَمَةً وَهُوَ يَجِدُ طَوْلًا وَلَا يَخَافُ عَنَتًا فَإِنْ قُلْنَا بِجَوَازِ ذَلِكَ فَهُوَ عَلَى نِكَاحِهِ وَإِنْ قُلْنَا بِالرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ فَقَدْ رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ أَصْبَغَ أَنَّهُ يَفْسَخُ نِكَاحُهُ فَإِنْ خَافَ الْعَنَتَ وَهُوَ وَاجِدٌ لِلطَّوْلِ فَقَدْ رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا قِيلَ لَهُ إنَّهُ يَخَافُ الْعَنَتَ قَالَ السَّوْطُ ثُمَّ خَفَّفَهُ بَعْدُ وَرَجَعَ عَنْهُ وَرَوَى عَنْهُ مُحَمَّدٌ وَابْنُ حَبِيبٍ فِي الَّذِي هَوَى أَمَةً بِعَيْنِهَا هَوًى لَا يُمْكِنُهُ الصَّبْرُ عَنْهَا وَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ الْعَنَتَ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ وَأَمَّا عَلَى تَعْلِيقِ الْإِبَاحَةِ بِشَرْطَيْنِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ مَعَ وُجُودِ الطَّوْلِ إلَى الْحُرَّةِ إلَّا أَنْ يَزِيدَ بِالطَّوْلِ مَا يَصِلُ بِهِ إلَى اسْتِبَاحَةِ مَا خَافَ عَلَى نَفْسِهِ الْعَنَتَ بِالِامْتِنَاعِ مِنْهُ مِنْ ثَمَنِ أَمَةٍ عَلَى اخْتِيَارِ مَالِكِهَا أَوْ مَهْرِ حُرَّةٍ عَلَى اخْتِيَارِهَا إنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِذَا قُلْنَا إنَّهُ يَجُوزُ نِكَاحُ الْإِمَاءِ مَعَ عَدَمِ الشَّرْطَيْنِ فَلَا خِلَافَ أَنَّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَرْبَعًا وَإِذَا قُلْنَا لَا يَجُوزُ ذَلِكَ إلَّا مَعَ وُجُودِ الشَّرْطَيْنِ فَكَمْ نُبِيحُ لَهُ مِنْ نِكَاحِ الْإِمَاءِ إنْ لَمْ يَزَلْ خَوْفُ الْعَنَتِ إلَّا بِنِكَاحِ أَرْبَعٍ؟ ، فَإِنَّ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ زَالَ خَوْفُ الْعَنَتِ بِوَاحِدَةٍ فَرَوَى ابْنُ حَبِيبِ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْحُرِّ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَمَةً وَعِنْدَهُ أَمَةٌ إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ طَوْلًا وَيَخَافَ الْعَنَتَ وَظَاهِرُ رِوَايَةِ ابْنِ الْمَوَّازِ يَقْتَضِي إبَاحَةَ نِكَاحِ الْأَرْبَعِ بِعَدَمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>