للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

إلَى الْإِلْحَادِ فَزَعَمَ أَنَّ عَلِيًّا رُفِعَ، وَلَمْ يَمُتْ وَسَيَنْزِلُ إلَى الْأَرْضِ، وَأَنَّهُ دَابَّةُ الْأَرْضِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ كَانَ الْوَحْيُ يَأْتِيهِ وَبَعْدَهُ ذُرِّيَّتُهُ مُفْتَرَضَةٌ طَاعَتُهُمْ وَنَحْوُهُ مِنْ الْإِلْحَادِ فَهَذَا كُفْرٌ يُسْتَتَابُ قَائِلُهُ وَيُقْتَلُ إنْ لَمْ يَتُبْ، ذُكِرَ أَنَّ قَوْمًا بِالْغَرْبِ اتَّخَذُوا نَبِيًّا سَمَّوْهُ صَالِحًا أَظْهَرَ لَهُمْ كِتَابًا بِلِسَانِ الْبَرْبَرِ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ نَبِيُّ الْعَرَبِ فَأَكَلُوا رَمَضَانَ وَصَامُوا رَجَبَ وَاسْتَحَلُّوا تَزْوِيجَ تِسْعِ نِسْوَةٍ وَشِبْهَهُ فَهَؤُلَاءِ مُرْتَدُّونَ يُقْتَلُونَ، وَإِنْ لَمْ يَتُوبُوا وَيُجَاهِدُونَ وَلَا تُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ كَالْمُرْتَدِّينَ وَمِيرَاثُهُمْ لِلْمُسْلِمِينَ.

وَرَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونَ فِي الْحَرُورِيِّ إذَا لَمْ يَخْرُجْ عَلَى الْإِمَامِ الْعَدْلِ فَيَدْعُ إلَى بِدْعَتِهِ أَوْ يَقْتُلْ أَحَدًا لَمْ يَقْتُلْهُ فَأَمَّا إنْ قَتَلَ أَحَدًا عَلَى دِينِهِ ذَلِكَ، أَوْ خَرَجَ عَلَى الْإِمَامِ الْعَدْلِ فَلْيُسْتَتَبْ فَإِنْ تَابَ قُبِلَ مِنْهُ وَإِلَّا قُتِلَ، وَكَذَلِكَ الْجَمَاعَةُ مِنْهُمْ.

وَقَالَ سَحْنُونٌ فِي كِتَابِ ابْنِهِ أَمَّا مَنْ كَانَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا وَفِي جَمَاعَتِنَا فَلَا يُقْتَلُ وَلْيُضْرَبْ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ وَيُحْبَسُ وَيُنْهَى عَنْ مُجَالَسَتِهِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ تَأْدِيبًا لَهُ.

وَقَدْ ضَرَبَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ضُبَيْعًا وَنَهَى عَنْ كَلَامِهِ حَتَّى حَسُنَتْ تَوْبَتُهُ فَأَمَّا مَنْ بَانَ مِنْهُمْ عَنْ الْجَمَاعَةِ وَدَعَوْا إلَى بِدْعَتِهِمْ وَمَنَعُوا فَرِيضَةً مِنْ الْفَرَائِضِ فَلْيَدْعُهُمْ الْإِمَامُ الْعَدْلُ إلَى السُّنَّةِ وَالرُّجُوعِ إلَى الْجَمَاعَةِ فَإِنْ أَبَوْا قَاتَلَهُمْ كَمَا فَعَلَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِمَنْ مَنَعَ الزَّكَاةَ، وَكَمَا فَعَلَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِالْحَرُورِيَّةِ فَفَارَقُوهُ وَشَهِدُوا عَلَيْهِ بِالْكُفْرِ فَلَمْ يَهْجِمْ حَتَّى خَرَجُوا وَنَزَلُوا بِالنَّهْرِ، فَأَقَامُوا شَهْرًا فَلَمْ يَهْجِمْ حَتَّى سَفَكُوا الدِّمَاءَ وَقَطَعُوا الطَّرِيقَ فَقَاتَلَهُمْ.

وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يُسْتَتَابُونَ فَإِنْ لَمْ يَتُوبُوا عَلَى وَجْهِ النَّهْيِ فَمَعْنَى قَوْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - هَذَا وَمَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إنَّمَا هُوَ مَنْ خَرَجَ وَبَانَ بِدَارِهِ، وَخَرَجَ عَنْ سُلْطَانِ الْإِمَامِ فَأَمَّا مَنْ هُوَ فِي سُلْطَانِهِ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ مِمَّنْ يَتَبَرَّأُ مِنْ عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَوْ يُظْهِرُ بِدْعَةَ الْقَدَرِ أَنَّ الْأَمْرَ إلَيْهِ، وَأَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ، وَاَللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُطِيعَهُ فَيَكُونَ مَا أَرَادَ هُوَ دُونَ مَا أَرَادَ اللَّهُ فَاسْتَتِبْهُ فَإِنْ تَابَ فَأَوْجِعْهُ ضَرْبًا فِيمَا مَضَى، وَكَذَلِكَ مَنْ كَفَّرَ عَلِيًّا أَوْ عُثْمَانَ أَوْ أَحَدًا مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فَأَوْجِعْهُ ضَرْبًا.

١ -

وَرُوِيَ عَنْ سَحْنُونٍ مَنْ كَفَّرَ الْخُلَفَاءَ الْأَرْبَعَةَ يُقْتَلُ وَيُؤَدَّبُ فِي غَيْرِهِمْ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الْجَوْهَرِيُّ رَوَى مَعْنُ بْنُ عِيسَى سَمِعْت مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ يَقُولُ لَيْسَ لِمَنْ سَبَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي هَذَا الْفَيْءِ حَقٌّ قَدْ قَسَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْفَيْءَ فَقَالَ {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ} [الحشر: ٨] الْآيَةَ. وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [الحشر: ٩] الْآيَةَ، وَقَالَ تَعَالَى {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ} [الحشر: ١٠] وَإِنَّمَا الْفَيْءُ لِهَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ الْأَصْنَافِ.

وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ سَمِعْت مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ يَقُولُ مَنْ سَبَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ جُلِدَ وَمَنْ سَبَّ عَائِشَةَ قُتِلَ قِيلَ لَهُ وَلِمَ يُقْتَلُ فِي عَائِشَةَ قَالَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ {يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [النور: ١٧] فَمَنْ رَمَاهَا فَقَدْ خَالَفَ الْقُرْآنَ، وَمَنْ خَالَفَ الْقُرْآنَ قُتِلَ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَرَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ فِي الْخَوَارِجِ أَنَّهُمْ لَيْسُوا بِكُفَّارٍ، وَمَنْ لَمْ يَتُبْ مِنْهُمْ فَقُتِلَ يُغَسَّلُ وَيُكَفَّنُ وَيُصَلِّي عَلَيْهِ غَيْرُ الْإِمَامِ وَيَرِثُهُ وَرَثَتُهُ وَتَنْفُذُ وَصِيَّتُهُ، وَكَذَلِكَ قَالَ سَحْنُونٌ فِي كِتَابِ ابْنِهِ فِي جَمِيعِ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ لَا يَخْرُجُونَ مِنْ الْإِيمَانِ بِبِدْعَتِهِمْ.

وَقَالَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي أَهْلِ الْقَدَرِ مَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ فَمِيرَاثُهُ لِوَرَثَتِهِ أَسَرَّ ذَلِكَ أَوْ أَعْلَنَهُ، وَلَا يُصَلَّى عَلَى الْقَدَرِيَّةِ وَلَا الْإِبَاضِيَّةِ فَإِنْ قُتِلُوا بِذَلِكَ أَحْرَى قَالَ سَحْنُونٌ يَعْنِي أَدَبًا لَهُمْ فَإِنْ ضَاعُوا فَلْيُصَلَّ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ قَالَ ابْنُ دَاوُد عَنْ ابْنِ كِنَانَةَ قَالَ أَهْلُ الْأَهْوَاءِ أَهْلُ بِدَعٍ وَضَلَالَةٍ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِاَلَّذِي يُخْرِجُهُمْ عِنْدَنَا مِنْ الْإِسْلَامِ، وَتَأْوِيلُ سَحْنُونٍ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا عِنْدَ مَالِكٍ مُؤْمِنِينَ لَمْ يَرِثْهُمْ وَرَثَتُهُمْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَا تُعَادُ الصَّلَاةُ خَلْفَ أَهْلِ الْبِدَعِ فِي وَقْتٍ وَلَا غَيْرِهِ وَهُوَ قَوْلُ جَمِيعِ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَأَشْهَبَ وَالْمُغِيرَةِ وَابْنِ كِنَايَةَ وَغَيْرِهِمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>