للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ تَزَوَّجَتْ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فَدَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَلَا سَبِيلَ لِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ إلَيْهَا قَالَ مَالِكٌ: وَذَلِكَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا) .

(ص) : (وَإِنْ أَدْرَكَهَا زَوْجُهَا قَبْلَ أَنْ تَتَزَوَّجَ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا قَالَ مَالِكٌ وَأَدْرَكْت النَّاسَ يُنْكِرُونَ الَّذِي قَالَهُ بَعْضُ النَّاسِ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ: يُخَيَّرُ زَوْجُهَا الْأَوَّلُ إذَا جَاءَ فِي صَدَاقِهَا، أَوْ فِي امْرَأَتِهِ) .

ــ

[المنتقى]

لَا يُضْرَبُ لَهُ أَجَلٌ وَيَتَلَوَّمُ الْإِمَامُ لِزَوْجَتِهِ بِقَدْرِ انْصِرَافِ مَنْ انْصَرَفَ وَانْهَزَمَ ثُمَّ تَعْتَدُّ زَوْجَتُهُ وَتَتَزَوَّجُ إلَّا أَنْ يَكُونَ قُطْرًا بَعِيدًا عَنْ بَلَدِهِ كَإِفْرِيقِيَّةَ، أَوْ نَحْوِهَا، فَإِنَّهَا تَنْتَظِرُ سَنَةً وَنَحْوَهَا قَالَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ تَعْتَدُّ وَقَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَيُقْسَمُ مَالُهُ قَالَ سَحْنُونٌ: إنْ ثَبَتَ حُضُورُهُ فِي الْمُعْتَرَكِ بِالْعُدُولِ، وَإِنْ لَمْ يُشْهَدْ بِمَوْتِهِ وَتَعْتَدُّ زَوْجَتُهُ مِنْ يَوْمِ الْمُعْتَرَكِ.

فَإِنْ كَانَ إنَّمَا رَأَوْهُ خَارِجًا مِنْ الْعَسْكَرِ لَيْسَ فِي الْمُعْتَرَكِ فَهُوَ كَالْمَفْقُودِ يُضْرَبُ لَهُ أَجْلُ الْمَفْقُودِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: إنْ فُقِدَ فِي مُعْتَرَكِ الْمُسْلِمِينَ فِي بُعْدٍ فَلْتَتَرَبَّصْ امْرَأَتُهُ سَنَةً ثُمَّ تَعْتَدَّ وَيُؤَخَّرْ مِيرَاثُهُ إلَى التَّعْمِيرِ قَالَ أَصْبَغُ: إلَّا أَنْ تَكُونَ الْمَعْرَكَةُ فِي مَوْضِعِهِ فَلَا تَتَرَبَّصُ أَكْثَرَ مِنْ الْعِدَّةِ وَيُقْسَمُ مِيرَاثُهُ.

وَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ فُقِدَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ تَتَرَبَّصُ امْرَأَتُهُ سَنَةً ثُمَّ تَعْتَدُّ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْعِدَّةُ دَاخِلَةٌ فِي السَّنَةِ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ هِيَ بَعْدَ السَّنَةِ عِدَّةُ الْوَفَاةِ.

وَوَجْهُ ذَلِكَ الْحُكْمِ بِالظَّاهِرِ أَنَّهُ إذَا كَانَ فِي مَوْضِعِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا فُقِدَ فِي الْمُعْتَرَكِ أَنَّهُ مَقْتُولٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ سَلِمَ لَعَادَ إلَى مَوْضِعِهِ، وَإِنْ كَانَ بِمَوْضِعٍ بَعِيدٍ ضُرِبَ لَهُ أَجَلُ سَنَةٍ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَوْ سَلِمَ لَسُمِعَ خَبَرُهُ فِي السَّنَةِ وَفَرْقٌ بَيْنَ حَرْبِ الْمُسْلِمِينَ وَحَرْبِ الْعَدُوِّ عَلَى رِوَايَةِ عِيسَى أَنَّ الْعَدُوَّ ذُو أَسْرٍ فَيَنْقَطِعُ خَبَرُهُ مَعَ حَيَاتِهِ وَلِذَلِكَ مَنْ فُقِدَ فِي بِلَادِ الْحَرْبِ لَمْ يُضْرَبْ لَهُ أَجَلُ الْمَفْقُودِ وَمَنْ فُقِدَ فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ ضُرِبَ لَهُ أَجَلُ الْمَفْقُودِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ مُطْلَقَ الدَّوَاعِي مُتَمَكِّنٌ مِنْ الْمُكَاتَبَةِ، وَالْمُرَاسَلَةِ وَتَتَّصِلُ أَخْبَارُهُ مِنْ بَلَدِ مُقَامِهِ إلَى بَلَدِ أَهْلِهِ بِخِلَافِ مَنْ كَانَ فِي بِلَادِ الْحَرْبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(ش) : اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي زَوْجَةِ الْمَفْقُودِ تَعْتَدُّ ثُمَّ تَتَزَوَّجُ فَيَقْدَمُ الْمَفْقُودُ قَبْلَ أَنْ يَبْنِيَ بِهَا الثَّانِي فَقَالَ فِي الْمُوَطَّأِ: لَا سَبِيلَ لِلْأَوَّلِ إلَيْهَا وَاخْتَارَهُ الْمُغِيرَةُ.

وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: الْأَوَّلُ أَحَقُّ بِهَا مَا لَمْ يَدْخُلْ الثَّانِي رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْهُ وَاخْتَارَهُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: الْأَوَّلُ أَحَقُّ بِهَا مَا لَمْ يَخْلُ الثَّانِي بِهَا خَلْوَةً تُوجِبُ الْعِدَّةَ فَلَا شَيْءَ لِلْأَوَّلِ.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ: إنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَفُوتُ الْأَوَّلُ قَبْلَ أَنْ يَعْقِدَ الثَّانِي عَلَيْهَا، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي فَوَاتِهَا بِالْعَقْدِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ: أَدْرَكْت النَّاسَ يُنْكِرُونَ الَّذِي قَالَهُ بَعْضُ النَّاسِ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ: يُخَيَّرُ زَوْجُهَا الْأَوَّلُ إذَا جَاءَ فِي صَدَاقِهَا، أَوْ فِي امْرَأَتِهِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُمْ يُنْكِرُونَ هَذَا الْقَوْلَ مَعَ صِحَّتِهِ عَنْ عُمَرَ وَلَكِنَّهُمْ لَا يَرَوْنَهُ وَلَا يَعْمَلُونَ بِهِ، وَذَلِكَ أَنَّ مِنْ بَنَى بِامْرَأَتِهِ ثُمَّ طَرَأَ مَا يُوجِبُ الْفُرْقَةَ فَلَا سَبِيلَ لَهُ إلَى الْمَهْرِ غَيْرَ أَنَّ هَذَا لَا يُؤَثِّرُ فِيمَا ذَكَرَهُ شُيُوخُنَا مِنْ الْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ حَصَلَ فِي أَنْ يُضْرَبَ لَهَا أَجَلٌ وَتَعْتَدَّ ثُمَّ يَسْتَبِيحَ النِّكَاحَ، وَلَوْ لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ كُلُّهُ لَمْ يُخَيَّرْ الزَّوْجُ الْآنَ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُمْ يُنْكِرُونَ الرِّوَايَةَ، وَهَذَا قَدْ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ الْمِسْوَرِ أَنَّ عُمَرَ وَعُثْمَانَ قَضَيَا فِي الْمَفْقُودِ أَنَّ امْرَأَتَهُ تَتَرَبَّصُ أَرْبَعَ سِنِينَ وَأَرْبَعَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا بَعْدَ ذَلِكَ ثُمَّ تَتَزَوَّجُ، فَإِنْ جَاءَ زَوْجُهَا الْأَوَّلُ خُيِّرَ بَيْنَ امْرَأَتِهِ وَبَيْنَ الصَّدَاقِ قَالَ الزُّهْرِيُّ: يَغْرَمُهُ الزَّوْجُ وَقَالَ مَعْمَرٌ تَغْرَمُهُ الْمَرْأَةُ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ عَلَى مَا فِيهَا مِنْ الْإِرْسَالِ فَلَا يُمْتَنَعُ أَنْ تُنْكَرَ عَلَى رُوَاتِهَا، فَإِنَّ مَعْمَرًا قَدْ رَوَى بِالْعِرَاقِ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَحَادِيثَ مَنْ حِفْظِهِ وَهَمَ فِي كَثِيرٍ مِنْهَا، وَقَدْ تُنْكَرُ الرِّوَايَةُ عَلَى الثِّقَةِ إذَا انْفَرَدَ بِهَا وَخَالَفَ الْمَشْهُورَ الْمَحْفُوظَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

، وَإِذَا دَخَلَ بِهَا الثَّانِي فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ يُفْسَخُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ فَالْأَوَّلُ أَحَقُّ بِهَا، وَإِنْ كَانَ يُفْسَخُ بِطَلَاقٍ كَنِكَاحِ الْمَرْأَةِ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَلِيِّ وَنِكَاحِ الْعَبْدِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَلَا سَبِيلَ لِلْأَوَّلِ إلَيْهَا وَيَجِبُ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>