للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

فَقَالَ مَالِكٌ: لَهَا جَمِيعُهُ وَقَالَ ابْنُ دِينَارٍ: لَهَا نِصْفُهُ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ وَجْهُ قَوْلِنَا لَهَا جَمِيعُ الصَّدَاقِ أَنَّ أَمْرَهُ يَنْزِلُ عَلَى الْوَفَاةِ، وَذَلِكَ يُوجِبُ لَهَا جَمِيعَ الصَّدَاقِ وَقَوْلُنَا لَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ، وَإِنَّهَا فُرْقَةٌ تُحْتَسَبُ طَلْقَةً كَالطَّلَاقِ، وَقَدْ قَالَ غَيْرُهُمَا مِنْ أَصْحَابِنَا: إنْ كَانَ دَفَعَهُ إلَيْهَا لَمْ يَنْزِعْ مِنْهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَبَضَتْهُ لَمْ تُعْطَ إلَّا نِصْفَهُ.

(فَرْعٌ) : فَإِذَا قُلْنَا: لَهَا جَمِيعُ الصَّدَاقِ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ: مَا كَانَ مِنْهُ مُعَجَّلًا عُجِّلَ وَمَا كَانَ مُؤَجَّلًا بَقِيَ إلَى أَجَلِهِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: يُعَجِّلُ لَهَا نِصْفَهُ وَيُؤَخِّرُ لَهَا نِصْفَهُ حَتَّى يَمُوتَ بِالتَّعْمِيرِ فَتَأْخُذَهُ وَرَوَى ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ يُعَجِّلُ لَهَا جَمِيعَ الصَّدَاقِ؛ وَوَجْهُ تَأْجِيلِ الْبَعْضِ أَنَّ الْفُرْقَةَ مُرَاعَاةٌ لَا يُدْرَى أَوَفَاةٌ هِيَ أَمْ طَلَاقٌ فَيُوقَفُ لَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ حَتَّى يَثْبُتَ حُكْمُ الطَّلْقَةِ بِدُخُولِ الزَّوْجِ الثَّانِي، أَوْ بِعَقْدِهِ عَلَى اخْتِلَافِ أَصْحَابِنَا فِي ذَلِكَ فَسَقَطَ نِصْفُ الصَّدَاقِ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا طَلْقَةٌ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ الْخَبَرُ أَنَّهُ تُوُفِّيَ قَبْلَ ذَلِكَ فَيَكُونُ لَهَا ذَلِكَ النِّصْفُ، وَهُوَ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ سَحْنُونٌ، وَأَمَّا مَنْ يَقُولُ: إنَّهُ يَبْقَى إلَى أَجَلِهِ فَلِأَنَّ حُكْمَهُ بَاقٍ فِي مَالِهِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْحَيَاةِ فَلَا تَحِلُّ دُيُونُهُ.

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَصْبَغَ أَنَّهُ يَقْضِي دَيْنَهُ مِنْ مَالِهِ حَلَّ دَيْنُهُ، أَوْ لَمْ يَحِلَّ وَيُوقَفُ مِيرَاثُهُ إلَى أَقْصَى عُمْرِهِ، وَوَجْهُ قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ أَنَّهُ لَمَّا قَضَى بِتَمْوِيتِهِ فِي حَقِّهَا كَانَ أَقَلُّ مَا يَجِبُ لَهَا نِصْفَ الصَّدَاقِ إنْ كَانَ طَلَاقًا فَعَجَّلَ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا تَسْتَحِقُّ الْبَاقِيَ بِوَفَاتِهِ فَتَبْقَى حَتَّى يَحْكُمَ بِهَا وَأَرَاهُ يُرِيدُ مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ فَيَحْكُمُ بِالطَّلَاقِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ سَحْنُونٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَرْعٌ) : فَإِذَا قَضَى لِزَوْجَتِهِ بِجَمِيعِ الصَّدَاقِ ثُمَّ قَدِمَ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ يُرِيدُ وَقَدْ تَزَوَّجَتْ فَقَدْ رَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ تَرُدُّ نِصْفَهُ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لَا تَرُدُّ شَيْئًا كَالْمَيِّتِ، وَالْمُعْتَرِضِ بَعْدَ التَّلَوُّمِ عَلَيْهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَيُنْفِقُ عَلَى امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ، وَعَلَى أَوْلَادِهِ الصِّغَارِ الَّذِينَ لَا مَالَ لَهُمْ مِنْ مَالِهِ فِي مُدَّةِ الْأَرْبَعِ سِنِينَ وَيُنْفِقُ فِي مُدَّةِ الْعِدَّةِ مِنْ مَالِهِ عَلَى وَلَدِهِ الصِّغَارِ دُونَ الزَّوْجَةِ الْمُعْتَدَّةِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْتِزَامَهَا حُكْمَ الْعِدَّةِ رِضًا بِالْفُرْقَةِ عَلَى وَجْهِ التَّمْوِيتِ لَهُ وَلِلْمُتَوَفَّى زَوْجُهَا نَفَقَةُ الْعِدَّةِ.

(فَرْعٌ) : فَإِنْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا فِي أَرْبَعِ سِنِينَ ثُمَّ جَاءَ الْخَبَرُ أَنَّهُ قَدْ كَانَ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ رَدَّتْ مَا أَخَذَتْ مِنْ النَّفَقَةِ مِنْ يَوْمِ تُوُفِّيَ الزَّوْجُ وَكَذَلِكَ وَلَدُهُ فِيمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِمْ.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَأَمَّا الضَّرْبُ الثَّانِي مِنْ الْمَفْقُودِينَ وَهُمْ مَنْ فُقِدَ فِي قِتَالِ الْمُشْرِكِينَ فَقَدْ رَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ زَوْجَتَهُ لَا تَتَزَوَّجُ أَبَدًا تُوقَفُ هِيَ وَمَالُهُ حَتَّى يَأْتِيَ عَلَيْهِ مِنْ الْعُمْرِ مَا لَا يَحْيَا إلَى مِثْلِهِ وَقَالَ مَالِكٌ إنَّمَا يُضْرَبُ الْأَجَلُ لِلْمَفْقُودِ فِي أَرْضِ الْإِسْلَامِ لَا بِبَلَدِ الْكُفْرِ، وَلَوْ عَلِمَ بِمَوْضِعِ الْأَسِيرِ بِبَلَدِ الْكُفْرِ ثُمَّ انْقَطَعَ خَبَرُهُ لَمْ يَقْضِ فِيهِ بِفِرَاقٍ وَلَا أَجَلٍ وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ فِيمَنْ فُقِدَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ وَأَرْضِ الْإِسْلَامِ فَلْتَتَرَبَّصْ امْرَأَتُهُ سَنَةً مِنْ يَوْمِ يَنْظُرُ فِي أَمْرِهِ السُّلْطَانُ وَيَضْرِبُ لَهُ الْأَجَلَ ثُمَّ تَعْتَدَّ وَقَالَ أَصْبَغُ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ فِي فَقِيدِ الْمُعْتَرَكِ إذَا كَانَ بِبَلَدٍ بَعِيدٍ كَإِفْرِيقِيَّةَ أَوْ بَلَدِ الْعَدُوِّ فَهُوَ كَالْمَفْقُودِ.

(فَرْعٌ) : فَإِذَا قُلْنَا يُعَمِّرُ فَقَدْ رَوَى عَنْ مَالِكٍ أَشْهَبُ يُعَمِّرُ سَبْعِينَ سَنَةً وَرَوَى ابْنُ كِنَانَةَ فِي الْمَجْمُوعَةِ أَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي إنْ مَاتَ الْأَوْلَادُ وَأَوْصَى أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِنَّ حَيَاتَهُنَّ بِتَعْمِيرٍ بِمِائَتَيْ سَنَةٍ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: التَّعْمِيرُ فِي الْمَفْقُودِ وَغَيْرِهِ مِنْ السَّبْعِينَ إلَى الْمِائَةِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: وَالْمِائَةُ كَثِيرٌ وَتَوْجِيهُ ذَلِكَ كُلِّهِ يَأْتِي فِي الْوَصَايَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

(فَرْعٌ) : فَإِذَا قُلْنَا بِتَعْمِيرِ السَّبْعِينَ، فَإِنَّ ذَلِكَ لِمَنْ فَارَقَ قَبْلَ السَّبْعِينَ، فَإِنْ غَابَ ابْنُ سَبْعِينَ فَقَدْ رَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ يُعَمِّرُ ثَمَانِينَ، فَإِنْ غَابَ ابْنُ ثَمَانِينَ عَمَّرَ تِسْعِينَ، فَإِنْ غَابَ ابْنُ تِسْعِينَ عَمَّرَ مِائَةً وَيَعْمَلُ فِي كُلِّ سِنٍّ بِقَدْرِ مَا يَرَى بِالِاجْتِهَادِ.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَأَمَّا الضَّرْبُ الثَّالِثُ مِنْ الْمَفْقُودِينَ فِي فِتَنِ الْمُسْلِمِينَ فَقَدْ رَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>