للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

امْرَأَتِهِ بِحَيْثُ لَا يُعْلَمُ مِنْ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ وَلَمْ يُفْقَدْ فِي مَعْرَكَةٍ فَيَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ هَلَاكُهُ فِيهَا فَهَذَا إذَا رَفَعَتْ امْرَأَتُهُ أَمْرَهَا إلَى السُّلْطَانِ قَالَ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ: الْمَفْقُودُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ مَفْقُودٌ لَا يُدْرَى مَوْضِعُهُ فَهَذَا يَكْشِفُ الْإِمَامُ عَنْ أَمْرِهِ ثُمَّ يَضْرِبُ لَهُ الْأَجَلَ أَرْبَعَ سِنِينَ، وَمَفْقُودٌ فِي صَفِّ الْمُسْلِمِينَ فِي قِتَالِ الْعَدُوِّ فَهَذَا لَا تُنْكَحُ زَوْجَتُهُ أَبَدًا وَتُوقَفُ هِيَ وَمَالُهُ حَتَّى يَنْقَضِيَ تَعْمِيرُهُ وَمَفْقُودٌ فِي قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ بَيْنَهُمْ لَا يُضْرَبُ لَهُ أَجَلٌ وَيَتَلَوَّمُ لِزَوْجَتِهِ بِقَدْرِ اجْتِهَادِهِ فَالْمَفْقُودُ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَوَّلًا هُوَ الَّذِي يَسْأَلُ أَهْلُهُ عَنْ وَجْهِ مَغِيبِهِ وَجِهَةِ سَفَرِهِ، وَعَنْ وَقْتِ انْقِطَاعِ خَبَرِهِ ثُمَّ يَسْأَلُ وَيَبْحَثُ عَنْ خَبَرِهِ.

وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ وَيَكْتُبُ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فِي الْكَشْفِ عَنْ أَمْرِهِ، فَإِنْ لَمْ يُوقَفْ لَهُ عَلَى خَبَرٍ اسْتَأْنَفَ لَهَا ضَرْبَ أَجَلٍ أَرْبَعَ سِنِينَ، فَإِنْ جَاءَ فِي الْمُدَّةِ، أَوْ جَاءَ خَبَرُ حَيَاتِهِ فَهِيَ عَلَى الزَّوْجِيَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ وَلَمْ يُسْمَعْ لَهُ خَبَرٌ حَتَّى انْقَضَتْ الْمُدَّةُ اعْتَدَّتْ عِدَّةَ الْوَفَاةِ، فَإِنْ جَاءَ فِي الْعِدَّةِ فَهِيَ عَلَى الزَّوْجِيَّةِ، وَإِنْ انْقَطَعَ وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ قَبْلَ مَجِيئِهِ، أَوْ مَجِيءِ عِلْمٍ بِحَيَاتِهِ فَقَدْ حَلَّتْ لِلْأَزْوَاجِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا: إنَّ الْإِمَامَ يَضْرِبُ لَهَا أَجَلًا بَعْدَ الْبَحْثِ عَنْ أَمْرِ الَّذِي بِهِ يُعْلَمُ انْقِطَاعُ خَبَرِهِ لِمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ أَنَّ ذَلِكَ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ؛ لِأَنَّهُ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ قَالَ وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ عَلِيٍّ وَجَمَاعَةٍ مِنْ التَّابِعِينَ وَلَمْ يُعْلَمْ لَهُمْ فِي عَصْرِ الصَّحَابَةِ مُخَالِفٌ فَثَبَتَ أَنَّهُ إجْمَاعٌ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ الْمَرْأَةَ لَهَا حَقٌّ فِي الزَّوْجِ، وَلَوْ كَانَ حَاضِرًا لِفَرْقٍ بَيْنَهُمَا بِالْعُنَّةِ، وَمَغِيبُ عَيْنِهِ أَشَدُّ مِنْ الْعُنَّةِ فَأَنْ تَثْبُتَ لَهَا الْفُرْقَة بِهِ أَوْلَى، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي الْمَسْأَلَةِ.

وَاَلَّذِي رَوَى عَنْ عَلِيٍّ ذَلِكَ رَوَاهُ عَنْهُ خِلَاسٌ وَفِي رِوَايَتِهِ عَنْهُ ضَعْفٌ وَرَوَى عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: هِيَ امْرَأَةٌ اُبْتُلِيَتْ فَلْتَصْبِرْ حَتَّى يَأْتِيَهَا مَوْتٌ أَوْ فِرَاقٌ وَهِيَ أَسَانِيدُ غَيْرُ مُتَّصِلَةٍ وَمَا اتَّصَلَ مِنْهَا فَلَيْسَ بِقَوِيٍّ وَهِيَ مَعَ ذَلِكَ تَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ.

وَرُوِيَ مِثْلُ قَوْلِ عُمَرَ وَعُثْمَانَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَابْنُ رَاهْوَيْهِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ: هِيَ زَوْجَةُ الْأَوَّلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِنَّمَا يُقَدَّرُ الْأَجَلُ بِأَرْبَعَةِ أَعْوَامٍ؛ لِأَنَّ النَّاسَ بَيْنَ قَائِلَيْنِ: قَائِلٍ يَقُولُ: لَا يُضْرَبُ لَهَا أَجَلٌ، وَقَائِلٍ يَقُولُ: يُضْرَبُ لَهَا أَجَلٌ غَيْرَ أَرْبَعَةِ أَعْوَامٍ فَمَنْ قَالَ: إنَّهُ يُضْرَبُ لَهَا أَجَلٌ غَيْرَ أَرْبَعَةِ أَعْوَامٍ فَقَدْ خَالَفَ الْإِجْمَاعَ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ الْأَغْلَبَ مِنْ حَالِ هَذِهِ الْمُدَّةِ أَنَّهُ يَسْمَعُ فِيهَا خَبَرَ مَنْ كَانَ حَيًّا فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ مَعَ الْبَحْثِ، وَالسُّؤَالِ عَنْهُ وَمُكَاتَبَةِ الْجِهَةِ الَّتِي غَابَ إلَيْهَا بِأَمْرِهِ،.

وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: لَا يَضْرِبُ لَهُ الْأَجَلَ إلَّا الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ، فَإِنْ ضَرَبَ الْأَجَلَ مِنْ يَوْمِ رَفَعَتْ الْأَمْرَ إلَيْهِ وَجَهِلَ ذَلِكَ لَمْ يَأْتَنِفْ ضَرْبَ الْأَجَلِ وَلَكِنَّهُ يَحْسِبُهُ مِنْ يَوْمِ ثَبَتَ عِنْدَهُ بَعْدَ الْفَحْصِ عَنْهُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَحُكْمُ الْإِمَامِ بِأَرْبَعِ سِنِينَ حُكْمٌ لِلزَّوْجَةِ عَلَيْهِ بِذَلِكَ، فَإِذَا انْقَضَتْ الْأَرْبَعُ سِنِينَ كَانَ لَهَا أَنْ تَعْتَدَّ دُونَ إذْنِ الْإِمَامِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَعِدَّتُهَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُحْكَمُ بِمَوْتِهِ فِي حَقِّهَا، فَإِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا حَلَّتْ لِلْأَزْوَاجِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ: وَلَا يَحْتَاجُ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا إلَى إذْنِ الْإِمَامِ فِي تَزْوِيجِهَا قَالَ: لِأَنَّ إذْنَهُ قَدْ حَصَلَ بِضَرْبِ الْأَجَلِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِنْ كَانَ لَهُ نِسَاءٌ فَرَفَعَتْ إحْدَاهُنَّ أَمْرَهُ إلَى الْإِمَامِ وَأَبَى سَائِرُهُنَّ فَضَرَبَ لِلْقَائِمَةِ الْأَجَلَ بَعْدَ الْبَحْثِ قَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ: بَلَغَنِي أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ سَأَلَ عَنْهَا فَتَفَكَّرَ ثُمَّ قَالَ: أَرَى ضَرْبَ الْأَجَلِ لِلْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ ضَرْبًا لِجَمِيعِهِنَّ، فَإِذَا انْقَضَى الْأَجَلُ تَزَوَّجْنَ إنْ أَحْبَبْنَ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَهَلْ عَلَى امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ إحْدَادٌ فِي الْعِدَّةِ قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ نَافِعٍ عَلَيْهَا الْإِحْدَادُ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: لَا إحْدَادَ عَلَيْهَا وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّهَا عِدَّةٌ مِنْ وَفَاةٍ أَنَّهُ إنَّمَا يَحْكُمُ بِكَوْنِهِ مَيِّتًا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ حَيًّا لَسَمِعَ خَبَرَهُ، وَوَجْهُ قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ أَنَّهَا فُرْقَةٌ يَحْتَسِبُ بِهَا طَلْقَةً فَلَمْ يَجِبْ فِي الْعِدَّةِ إحْدَادٌ كَطَلَاقِ الْحَاضِرِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَحُكْمُ الزَّوْجَةِ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا زَوْجُهَا إذَا فُقِدَ حُكْمُ الْمَدْخُولِ بِهَا فِي الْأَجَلِ، وَالْعِدَّةِ وَاخْتُلِفَ فِي صَدَاقِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>