للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَكَرَ صَفِيَّةَ ابْنَةَ حُيَيِّ فَقِيلَ لَهُ: إنَّهَا قَدْ حَاضَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَعَلَّهَا حَابِسَتُنَا فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّهَا قَدْ طَافَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا إذًا» قَالَ مَالِكٌ: قَالَ هِشَامٌ: قَالَ عُرْوَةُ قَالَتْ عَائِشَةُ: وَنَحْنُ نَذْكُرُ ذَلِكَ فَلَمْ يُقَدِّمْ النَّاسُ نِسَاءَهُمْ إنْ كَانَ ذَلِكَ لَا يَنْفَعُهُنَّ وَلَوْ كَانَ الَّذِي يَقُولُونَ لَأَصْبَحَ بِمِنًى أَكْثَرُ مِنْ سِتَّةِ آلَافِ امْرَأَةٍ حَائِضٍ كُلِّهِنَّ قَدْ أَفَضْنَ) .

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَخْبَرَهُ «أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ ابْنَةَ مِلْحَانَ اسْتَفْتَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ حَاضَتْ أَوْ وَلَدَتْ بَعْدَمَا أَفَاضَتْ يَوْمَ النَّحْرِ فَأَذِنَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَخَرَجَتْ» ) .

ــ

[المنتقى]

قَبْلَ انْقِضَائِهَا فَأَمَّا مَنْ لَا يَبْقَى عَلَيْهَا الْحَيْضُ جُمْلَةً فَلَا تُقَدِّمُ الطَّوَافَ مَخَافَةَ الْحَيْضِ وَإِنَّمَا تُقَدِّمُهُ إنْ قَدَّمَتْهُ لِفَضِيلَةِ الْمُبَادَرَةِ بِتَسْلِيمِ الْإِحْرَامِ مِمَّا عَسَى أَنْ يَلْحَقَهُ مِنْ نَقْصٍ وَإِنْ لَمْ يَلْحَقْهُ فَسَادٌ وَأَمَّا مَنْ تَحِيضُ وَعَادَتُهَا أَنَّ زَمَانَ طُهْرِهَا مُدَّةً تَنْقَضِي أَيَّامُ الْإِحْرَامِ قَبْلَهَا فَالْأَحْوَطُ تَقْدِيمُ الطَّوَافِ لِجَوَازِ أَنْ يَأْتِيَ مِنْ حَيْضَتِهَا مَا يُخَالِفُ عَادَتَهَا وَإِنْ كَانَتْ لَا تَأْمَنُ تُقَدِّمُ حَيْضَتَهَا وَهِيَ تَرْتَقِبُ وُرُودَهُ أَوْ كَانَ أَمَدُ طُهْرِهَا لَا يَلْزَمُ الْعَادَةَ فَهَذِهِ الَّتِي لَا خِلَافَ فِي أَنَّهَا مِمَّنْ كَانَتْ تُقَدِّمُهَا عَائِشَةُ لِلطَّوَافِ يَوْمَ النَّحْرِ مَخَافَةَ الْحَيْضِ عَلَيْهَا فَكَانَتْ تُقَدِّمُهَا لِلطَّوَافِ لِيَكْمُلَ إحْرَامُهَا وَلَا يَبْقَى عَلَيْهَا مِنْ عَمَلِ الْحَجِّ مَا يَمْنَعُ الْحَيْضَ مِنْهُ وَإِنَّمَا يَبْقَى عَلَيْهَا الْمَبِيتُ بِمِنًى وَرَمْيُ الْجِمَارِ وَذَلِكَ لَا يُنَافِي الْحَيْضَ وَهَلْ لِلْكَرِيِّ أَنْ يَأْخُذَهَا بِتَقْدِيمِ ذَلِكَ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهَا فَإِنْ حِضْنَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ تَكُنْ تَنْتَظِرُهُنَّ تَنْفِرُ بِهِنَّ وَهُنَّ حُيَّضٌ يُرِيدُ كَانَ جَمِيعُ مَا يَبْقَى مِنْ الْحَجِّ بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ يَفْعَلْنَهُ فِي حَالِ حَيْضِهِنَّ فَإِذَا أَكْمَلْنَ ذَلِكَ نَفَرَتْ بِهِنَّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(ش) : قَوْلُهَا فِي الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَكَرَ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيِّ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ سَبَبًا أَنْ يُخْبَرَ بِأَنَّهَا حَاضَتْ وَلَعَلَّهُ سَأَلَ عَنْ ذَلِكَ مِنْ حَالِهَا إذْ خَفَى عَنْهُ أَمْرُهَا.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فَلَمْ يُقَدِّمْ النَّاسُ نِسَاءَهُمْ إنْ كَانَ لَا يَنْفَعُهُنَّ إنْكَارٌ عَلَى مَنْ يَقُولُ إنَّ تَقَدُّمَ الْإِفَاضَةِ لَا يَنْفَعُهُنَّ فَإِنَّهُنَّ لَا بُدَّ أَنْ يَبْقَيْنَ عَلَى طَوَافِ الْوَدَاعِ فَقَالَتْ: وَلَوْ لَمْ يُسْتَحَبَّ الرُّجُوعُ إلَى بِلَادِهِنَّ بِتَقْدِيمِ الطَّوَافِ لَاتَّفَقَ النَّاسُ عَلَى تَقْدِيمِ النِّسَاءِ مِنْ مِنًى يَوْمَ النَّحْرِ لِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَلَكَانُوا يَقْتَصِرُونَ عَلَى تَأْخِيرِ الطَّوَافِ لِأَنَّ فِي تَقْدِيمِ طَوَافِهِنَّ يَوْمَ النَّحْرِ تَكَلُّفًا وَمَشَقَّةً مَعَ مَا يَلْزَمُ مِنْ سَتْرِهِنَّ وَيَثْقُلُ مِنْ حَمْلِهِنَّ لَكِنْ لَمَّا عَلِمَ النَّاسُ أَنَّ مَنْ حَاضَتْ مِنْهُنَّ كَانَ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ إلَى بَلَدِهَا وَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ عَلَى طَوَافِ الصَّدْرِ لِأَجْلِ الْحَيْضِ تَكَلَّفُوا تِلْكَ الْمَشَقَّةَ وَكَانَتْ أَخَفَّ عَلَيْهِمْ مِنْ الْبَقَاءِ مَعَهُنَّ إذَا حِضْنَ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - وَلَوْ كَانَ الَّذِي يَقُولُونَ لَأَصْبَحَ بِمِنًى أَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ آلَافِ امْرَأَةٍ حَائِضٍ يُرِيدُ أَنَّ هَذَا يَكْثُرُ عَلَى النِّسَاءِ فَلَوْ لَمْ يَنْفَعْهُنَّ تَقْدِيمُ الْإِفَاضَةِ لَكَثُرَ مَنْ يُقِيمُ مِنْ النِّسَاءِ بِمَكَّةَ لِأَجْلِ الْحَيْضِ عَلَى طَوَافِ الصَّدْرِ وَلَوْ لَمْ يَنْفَعْهُنَّ مَا قَدَّمْنَ مِنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَلَمَا عُدِمَ ذَلِكَ مَعَ اهْتِبَالِ النِّسَاءِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ بِأَمْرِ الدِّينِ وَكَثْرَةِ الْعُلَمَاءِ صَحَّ وَثَبَتَ أَنَّ ذَلِكَ اتِّفَاقٌ مِنْ جَمِيعِهِمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا مَقَامٌ عَلَى طَوَافِ الصَّدْرِ وَإِنَّمَا يَلْزَمُ الْمَقَامُ عَلَى طَوَافِ الْإِفَاضَةِ لِأَنَّهُ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الْحَجِّ وَفِي ذَلِكَ أَنَّ عَائِشَةَ جَوَّزَتْ الْكَلَامَ عَلَى الْمَسْأَلَةِ وَإِظْهَارَ وَجْهِ الصَّوَابِ فِيهَا بِالرَّأْيِ وَإِنْ كَانَتْ قَدْ حَفِظَتْ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي خَبَرِ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيِّ أَنَّ الْإِفَاضَةَ قَبْلَ الْحَيْضِ تُبِيحُ الِانْصِرَافَ لَكِنَّهَا مَعَ ذَلِكَ أَضَافَتْ إلَى ذَلِكَ بَيَانَ الْمَعْنَى بَعْدَ الْأَثَرِ.

(ش) : قَوْلُهُ إنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ اسْتَفْتَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَتْ قَدْ حَاضَتْ أَوْ نَفِسَتْ يَوْمَ النَّحْرِ بَعْدَمَا أَفَاضَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>