للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَهُوَ يَذْكُرُ الصَّدَقَةَ وَالتَّعَفُّفَ عَنْ الْمَسْأَلَةِ «الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى وَالْيَدُ الْعُلْيَا هِيَ الْمُنْفِقَةُ وَالسُّفْلَى هِيَ السَّائِلَةُ» ) (ص) : (عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْسَلَ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِعَطَاءٍ فَرَدَّهُ عُمَرُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَ رَدَدْته فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَيْسَ أَخْبَرْتنَا أَنَّ خَيْرًا لِأَحَدِنَا أَنْ لَا يَأْخُذَ مِنْ أَحَدٍ شَيْئًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا ذَلِكَ عَنْ الْمَسْأَلَةِ فَأَمَّا مَا كَانَ عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ فَإِنَّمَا هُوَ رِزْقٌ يَرْزُقُكَهُ اللَّهُ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَمَا وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا أَسْأَلُ أَحَدًا شَيْئًا وَلَا يَأْتِينِي مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ شَيْءٌ إلَّا أَخَذْته»

ــ

[المنتقى]

خَيْرٍ فَلَنْ أَدَّخِرَهُ عَنْكُمْ» قَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ الِادِّخَارُ الِاكْتِنَازُ وَالرَّفْعُ فِي الْبُيُوتِ وَالذُّخْرُ الْأَجْرُ وَالثَّوَابُ فَمَعْنَى قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَلَنْ أَدَّخِرَهُ عَنْكُمْ» فَلَنْ أَمْنَعَكُمُوهُ وَأَدَّخِرَهُ لِنَفْسِي قَالَ ابْنُ وَهْبٍ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ» مِنْ الْعَفَافِ يُرِيدُ أَنَّهُ مَنْ يُمْسِكْ عَنْ السُّؤَالِ وَالْإِلْحَاحِ يُعِفَّهُ اللَّهُ أَيْ يَصُنْهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ» يُرِيدُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - مَنْ يَسْتَعِنْ بِمَا عِنْدَهُ مِنْ الْيَسِيرِ عَنْ الْمَسْأَلَةِ يَمُدَّهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِالْغِنَى مِنْ عِنْدِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ يُغْنِي اللَّهُ سُبْحَانَهُ نَفْسَهُ وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ» يُرِيدُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - مَنْ يَتَصَدَّ لِلصَّبْرِ وَيُؤْثِرْهُ يُعِنْهُ اللَّهُ عَلَيْهِ وَيُوَفِّقْهُ لَهُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً هُوَ خَيْرٌ وَأَوْسَعُ مِنْ الصَّبْرِ» يُرِيدُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّهُ أَمْرٌ يَدُومُ بِهِ الْغِنَى بِمَا يُعْطَى، وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا وَلِأَنَّهُ يَفِي وَرُبَّمَا لَا يَفِي وَامْتَدَّ الْأَمَلُ إلَى أَكْثَرَ مِنْهُ مِمَّنْ عَدِمَ الصَّبْرَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(ص) : (عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَهُوَ يَذْكُرُ الصَّدَقَةَ وَالتَّعَفُّفَ عَنْ الْمَسْأَلَةِ «الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى وَالْيَدُ الْعُلْيَا هِيَ الْمُنْفِقَةُ وَالسُّفْلَى هِيَ السَّائِلَةُ» ) . (ش) : قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَهُوَ يَذْكُرُ الصَّدَقَةَ وَالتَّعَفُّفَ عَنْ الْمَسْأَلَةِ يُرِيدُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّهُ كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَذْكُرُ فَضْلَ الصَّدَقَةِ وَيَعِيبُ الْمَسْأَلَةَ وَيَحُضُّ عَلَى التَّعَفُّفِ عَنْهَا فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى» يُرِيدُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّهَا أَكْثَرُ ثَوَابًا وَتُسَمَّى يَدُ الْمُعْطِي الْعُلْيَا بِمَعْنَى أَنَّهُ أَرْفَعُ دَرَجَةً وَمَحَلًّا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَهَذَا رَسْمٌ شَرْعِيٌّ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ بِالشَّرْعِ عُرِفَ وَلَمَّا كَانَتْ تَسْمِيَةً لَا تَعْرِفُهَا الْعَرَبُ فَسَّرَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنَّ «يَدَ الْمُعْطِي هِيَ الْيَدُ الْعُلْيَا وَأَنَّ الْيَدَ السَّائِلَةَ هِيَ السُّفْلَى» وَرَوَى أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَالْيَدُ الْعُلْيَا هِيَ الْمُنْفِقَةُ» وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّحِيحُ وَمَدَحَ الْيَدَ الْمُنْفِقَةَ وَذَلِكَ بِأَنْ يُنْفِقَ عَلَى أَهْلِهِ وَيَكُونَ بِأَنْ يُنْفِقَ عَلَى الْأَجَانِبِ مَا فَضَلَ عَنْ أَهْلِهِ وَيَكُونُ بِأَنْ يُنْفِقَ عَلَى الْأَجَانِبِ وَكُلُّ ذَلِكَ مِنْ النَّفَقَةِ إلَّا أَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى الْأَجَانِبِ مَا فَضَلَ عَنْ أَهْلِهِ فَإِنْ ضَاقَتْ حَالُهُ فَلْيَبْدَأْ بِأَهْلِهِ وَرَوَى هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ السُّفْلَى وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ وَخَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى» .

(ص) : (عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْسَلَ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِعَطَاءٍ فَرَدَّهُ عُمَرُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَ رَدَدْته فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَيْسَ أَخْبَرْتنَا أَنَّ خَيْرًا لِأَحَدِنَا أَنْ لَا يَأْخُذَ مِنْ أَحَدٍ شَيْئًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا ذَلِكَ عَنْ الْمَسْأَلَةِ فَأَمَّا مَا كَانَ عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ فَإِنَّمَا هُوَ رِزْقٌ يَرْزُقُكَهُ اللَّهُ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَمَا وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا أَسْأَلُ أَحَدًا شَيْئًا وَلَا يَأْتِينِي مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ شَيْءٌ إلَّا أَخَذْته» .

(ش) : قَوْلُهُ: إنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رَدَّ عَطَاءَهُ إنَّمَا رَدَّهُ لَمَّا سَمِعَ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ خَيْرٌ لِأَحَدِكُمْ أَنْ لَا يَأْخُذَ مِنْ أَحَدٍ شَيْئًا فَتَأَوَّلَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى الْعُمُومِ فِي الْأَخْذِ عَنْ مَسْأَلَةٍ وَعَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ وَإِنَّمَا أَرَادَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ لَا يَأْخُذَ أَحَدٌ عَنْ الْمَسْأَلَةِ وَلَعَلَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ خَاطَبَ بِذَلِكَ سَائِلًا وَقَوْلُهُ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «فَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ مَسْأَلَةٍ فَإِنَّمَا هُوَ رِزْقٌ يَرْزُقُكَهُ اللَّهُ» يُرِيدُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - ابْتَدَأَك بِهِ مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ مِنْك وَمَعْنَاهُ فَلَا تَرُدَّهُ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَمَا وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ عَلَى مَعْنَى الِالْتِزَامِ لِمَا يَقُولُهُ لَا أَسْأَلُ أَحَدًا شَيْئًا يُرِيدُ مَنْعَ الْمَسْأَلَةِ وَقَوْلُهُ وَلَا يَأْتِينِي شَيْءٌ مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ إلَّا أَخَذْته عَلَى مَعْنَى امْتِثَالِ أَمْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا قَالَهُ وَنَهَى عَنْهُ وَحَضَّ عَلَيْهِ وَهَذَا حُكْمُ الْعَطَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>