للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ عِنْدَنَا فِي الدَّيْنِ أَنَّ صَاحِبَهُ لَا يُزَكِّيهِ حَتَّى يَقْبِضَهُ، وَإِنْ أَقَامَ عِنْدَ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ سِنِينَ ذَوَاتَ عَدَدٍ، ثُمَّ قَبَضَهُ صَاحِبُهُ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ إلَّا زَكَاةٌ وَاحِدَةٌ فَإِنْ قَبَضَ مِنْهُ شَيْئًا لَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ سِوَى الَّذِي قَبَضَ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ فَإِنَّهُ يُزَكِّي مَعَ مَا قَبَضَ مِنْ دَيْنِهِ ذَلِكَ قَالَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَاضٌّ غَيْرُ الَّذِي اقْتَضَى مِنْ دَيْنِهِ وَكَانَ الَّذِي اقْتَضَى مِنْ دَيْنِهِ لَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهِ وَلَكِنْ يَحْفَظُ عَدَدَ مَا اقْتَضَى فَإِنْ اقْتَضَى بَعْدَ ذَلِكَ مَا تَتِمُّ بِهِ الزَّكَاةُ مَعَ مَا قَبَضَ مِنْ دَيْنِهِ قَبْلَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ فِيهِ الزَّكَاةُ) .

ــ

[المنتقى]

يُؤَثِّرُ فِي قُوَّةِ الذِّمَّةِ وَضَعْفِهَا فَلِذَلِكَ اُخْتُصَّ الدَّيْنُ بِهَذَا النَّوْعِ مِنْ الْمَالِ وَأُسْقِطَ حُكْمُ الزَّكَاةِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا تَعَلَّقَ بِهِ حُكْمُ الزَّكَاةِ وَحُكْمُ الدَّيْنِ كَانَ الدَّيْنُ مُقَدَّمًا وَذَلِكَ بِخِلَافِ زَكَاةِ الْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ فَإِنَّ الْمَاشِيَةَ وَالثِّمَارَ وَالْحُبُوبَ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِهَا الزَّكَاةُ مُتَعَيِّنَةٌ تَتَعَلَّقُ الزَّكَاةُ بِهَا وَلَا يَتَعَلَّقُ الدَّيْنُ بِهَا فَقُدِّمَتْ الزَّكَاةُ فِيهَا عَلَى الدَّيْنِ.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّ مَنْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ مِنْ مَالٍ لَا يُرِيدُهُ فَإِنَّهُ لَا يُزَكِّيهِ وَجْهُ ذَلِكَ مَا قَالَهُ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إنَّ الدَّيْنَ رُبَّمَا تَوِيَ وَلَا يَدْرِي صَاحِبُهُ هَلْ يَقْتَضِيه أَمْ لَا؟ فَلَا يُكَلَّفُ أَدَاءَ الزَّكَاةِ عَنْهُ مِنْ مَالِهِ فَرُبَّمَا هَلَكَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ فَيُؤَدِّي الزَّكَاةَ عَمَّا لَمْ يَصِرْ إلَيْهِ قَالَ أَصَبْغُ، وَلِأَنَّهُ يَمْلِكُ إسْقَاطَ الزَّكَاةِ فِيهِ بِأَنْ يَأْخُذَ بِهِ عَرْضًا أَوْ يَهَبَهُ لِمَنْ هُوَ عِنْدَهُ وَمِمَّا يُبَيِّنُ مَا قَالَهُ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ غَائِبٌ عَنْهُ فِي بَلَدٍ نَازِحٍ وَحَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ فَإِنَّهُ لَا يُكَلَّفُ أَدَاءَ الزَّكَاةِ عَنْهُ مِمَّا بِيَدِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي هَلْ يَصِلُ إلَيْهِ أَمْ لَا؟ وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ وَكِيلٍ أَوْ مُبَضِّعٍ مَعَهُ وَيَدُهُ كَيَدِهِ لَكَانَ مِنْ ضَمَانِهِ فَبِأَنْ لَا يُكَلَّفَ أَنْ يُخْرِجَ مَا بِيَدِهِ مِنْ مَالِهِ عَنْ مَالٍ هُوَ بِيَدِ غَيْرِهِ أَوْ فِي ضَمَانِهِ أَوْلَى وَأَحْرَى.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ لَا يُزَكِّيهِ وَإِنْ أَقَامَ عِنْدَ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ سِنِينَ ذَوَاتَ عَدَدٍ ثُمَّ قَبَضَهُ صَاحِبُهُ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ إلَّا زَكَاةٌ وَاحِدَةٌ وَهَذَا كَمَا قَالَ لِمَا ذَكَرْنَاهُ وَالِاعْتِبَارُ أَنْ يَنِضَّ بِيَدِهِ فِي طَرَفَيْ الْحَوْلِ وَهَذِهِ الْمُدَّةُ، وَإِنْ كَانَتْ عَشَرَةَ أَعْوَامٍ إذَا لَمْ يَنِضَّ الْمَالُ فِي يَدِهِ إلَّا فِي أَوَّلِهَا وَآخِرِهَا بِمَنْزِلَةِ حَوْلٍ وَاحِدٍ وَإِلَّا فَلَوْ أَوْجَبْنَا عَلَيْهِ فِيهِ الزَّكَاةَ فِي كُلِّ عَامٍ وَهُوَ بِيَدِ غَيْرِهِ نَمَاؤُهُ لَهُ لَأَدَّى ذَلِكَ إلَى أَنْ تَسْتَهْلِكَهُ الزَّكَاةُ وَلِهَذَا الْوَجْهِ أَبْطَلْنَا الزَّكَاةَ فِي أَمْوَالِ الْقِنْيَةِ؛ لِأَنَّا لَوْ أَوْجَبْنَا فِيهَا الزَّكَاةَ لَاسْتَهْلَكَتْهَا وَالزَّكَاةُ إنَّمَا هِيَ عَلَى سَبِيلِ الْمُوَاسَاةِ فِي الْأَمْوَالِ الَّتِي تُمَكِّنُ مِنْ تَنْمِيَتِهَا فَلَا تُفِيتُهَا الزَّكَاةُ فِي الْأَغْلَبِ.

١ -

(فَرْعٌ) وَإِنْ كَانَ دَيْنُهُ دَنَانِيرَ فَإِنَّمَا يُزَكِّي مَا قَبَضَ رَوَاهُ ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْ ابْنِ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ.

وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الزَّكَاةَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِالْعَيْنِ إنَّمَا تَجْرِي فِي الْمَالِ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ يَوْمَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ، وَإِنَّمَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي الدَّيْنِ يَوْمَ قَبْضِهِ فَإِذَا كَانَ ذَهَبًا فَحُكْمُهُ حُكْمُ الذَّهَبِ، وَإِنْ كَانَ وَرِقًا فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْوَرِقِ وَلَوْ أَخَذَ بِهِ عِوَضًا لَمْ يُزَكِّهِ إلَّا عَلَى حُكْمِ الْعِوَضِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَإِنْ قَبَضَ مِنْهُ شَيْئًا لَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ سِوَى الَّذِي قَبَضَ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ فَإِنَّهُ يُزَكِّي مَا قَبَضَ مِنْ دَيْنِهِ ذَلِكَ يُرِيدُ أَنَّهُ إنْ قَبَضَ أَقَلَّ مِنْ النِّصَابِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ فَإِنَّهُ لَا يُزَكِّيهِ لِجَوَازِ أَنْ لَا يَقْبِضَ مِنْ دَيْنِهِ غَيْرَهُ فَنَكُونُ قَدْ أَوْجَبْنَا عَلَيْهِ الزَّكَاةَ فِي أَقَلَّ مِنْ النِّصَابِ فَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ مَالٌ غَيْرُهُ قَدْ حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ فَزَكَّاهُ أَوْ لَمْ يُزَكِّهِ بِأَنْ قَدْ بَلَغَ النِّصَابَ أَوْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ النِّصَابِ، وَإِذَا أُضِيفَ إلَى مَا قَبَضَ مِنْ دَيْنِهِ فَبَلَغَا النِّصَابَ زَكَّى مَا قَبَضَ مِنْ دَيْنِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ وُجِدَ فِيهِ سَبَبُ الْحَوْلِ وَهُوَ مُسْتَنِدٌ إلَى مَالٍ قَدْ حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ وَبَلَغَ النِّصَابَ أَوْ بَلَغَ مَا قَبَضَ مِنْ الدَّيْنِ النِّصَابَ فَيَكُونُ مَا قَبَضَ مِنْ دَيْنِهِ بِمَنْزِلَةِ فَائِدَةٍ حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ، ثُمَّ قَبَضَ الدَّيْنَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَصْلٌ) :

وَلَوْ كَانَ مَا بِيَدِهِ مِنْ الْمَالِ لَا يَبْلُغُ مَعَ مَا قَبَضَ مِنْ دَيْنِهِ النِّصَابَ لَمْ يُزَكِّ شَيْئًا مِنْهُمَا حَتَّى يَقْبِضَ مِنْ دَيْنِهِ مَا إذَا أَضَافَهُ إلَى مَا تَقَدَّمَ قَبْضُهُ لَهُ وَإِلَى مَا يَكُونُ بِيَدِهِ مِمَّا حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ بَلَغَ النِّصَابَ فَإِنَّهُ يُزَكِّي

<<  <  ج: ص:  >  >>