للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ أَبِي تَمِيمَةَ السِّخْتِيَانِيُّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ فِي مَالٍ قَبَضَهُ بَعْضُ الْوُلَاةِ ظُلْمًا يَأْمُرُهُ بِرَدِّهِ إلَى أَهْلِهِ وَتُؤْخَذُ زَكَاتُهُ لِمَا مَضَى مِنْ السِّنِينَ، ثُمَّ عَقَّبَ بَعْدَ ذَلِكَ بِكِتَابٍ أَنْ لَا يُؤْخَذَ مِنْهُ إلَّا زَكَاةٌ وَاحِدَةٌ فَإِنَّهُ كَانَ ضِمَارًا) .

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ أَنَّهُ سَأَلَ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ عَنْ رَجُلٍ لَهُ مَالٌ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مِثْلُهُ أَعَلَيْهِ زَكَاةٌ فَقَالَ لَا) .

ــ

[المنتقى]

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَمَنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَلْيُؤَدِّ دَيْنَهُ حَتَّى تَحْصُلَ أَمْوَالُكُمْ يُرِيدُ أَوْ الْعَيْنُ، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ لَا تُؤْخَذُ زَكَاتُهُ إلَّا أَنَّهُ قَدْ يَجِبُ إخْرَاجُ الزَّكَاةِ مِنْهُ إذَا كَانَ عِنْدَهُ عَرْضٌ يَفِي بِدَيْنِهِ فَيَكُونُ حِينَئِذٍ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ الدَّيْنُ يُؤَدِّي مَالًا لَوْلَا بَقَاءُ الدَّيْنِ عَلَيْهِ لَمْ يَتْرُكْهُ فَكَانَ يَأْمُرُهُمْ بِذَلِكَ رِفْقًا بِهِمْ وَإِشْفَاقًا عَلَيْهِمْ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ وَهِيَ الْمَاشِيَةُ فَكَانَ يَأْمُرُهُمْ أَنْ يُؤَدُّوا مِنْهَا مَا عَلَيْهِمْ مِنْ الدَّيْنِ مِنْ جِنْسِهَا أَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا بِبَيْعِهَا وَأَدَاءِ دَيْنِهِمْ لِئَلَّا تُؤْخَذَ مِنْهُمْ صَدَقَاتُهَا وَهِيَ مَا يُبَاعُ بَعْدَ الصَّدَقَةِ لِأَدَاءِ الدَّيْنِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ أَبِي تَمِيمَةَ السِّخْتِيَانِيُّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ فِي مَالٍ قَبَضَهُ بَعْضُ الْوُلَاةِ ظُلْمًا يَأْمُرُهُ بِرَدِّهِ إلَى أَهْلِهِ وَتُؤْخَذُ زَكَاتُهُ لِمَا مَضَى مِنْ السِّنِينَ، ثُمَّ عَقَّبَ بَعْدَ ذَلِكَ بِكِتَابٍ أَنْ لَا يُؤْخَذَ مِنْهُ إلَّا زَكَاةٌ وَاحِدَةٌ فَإِنَّهُ كَانَ ضِمَارًا) ش قَوْلُهُ أَوَّلًا أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ الزَّكَاةُ لِمَا مَضَى مِنْ السِّنِينَ لَمَّا كَانَ فِي مِلْكِهِ وَلَمْ يَزُلْ عَنْهُ كَانَ ذَلِكَ شُبْهَةً عِنْدَهُ فِي أَخْذِ الزَّكَاةِ مِنْهُ لِسَائِرِ الْأَعْوَامِ، ثُمَّ نَظَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَرَأَى أَنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِي الْعَيْنِ بِأَنْ يَتَمَكَّنَ مِنْ تَنْمِيَتِهِ وَلَا تَكُونُ فِي يَدِ غَيْرِهِ وَهَذَا مَالٌ قَدْ زَالَ عَنْ يَدِهِ إلَى يَدِ غَيْرِهِ وَمُنِعَ هَذَا عَنْ تَنْمِيَتِهِ فَلَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ غَيْرُ زَكَاةٍ وَاحِدَةٍ وَهَذَا حُكْمُ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ الَّذِي كَانَ مِمَّا يَرْجُو رَدَّهُ إلَيْهِ تَطَوُّعًا أَوْ بِحُكْمٍ فَإِنَّهُ لَا يُزَكِّيهِ إلَّا لِعَامٍ وَاحِدٍ.

وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْمَالَ قَدْ نَضَّ فِي يَدِهِ فِي طَرَفَيْ الْحَوْلِ وَلَوْ كَانَتْ أَحْوَالًا فَإِنَّهُ حَصَلَ مِنْهَا حَوْلٌ وَاحِدٌ نَضَّ فِي طَرَفَيْهِ الْمَالُ فِي يَدِ صَاحِبِهِ وَلَا اعْتِبَارَ بِمَا بَيْنَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْغَاصِبَ لَوْ غَصَبَهُ مِنْهُ يَوْمًا، ثُمَّ رَدَّهُ إلَيْهِ لَمْ يُعْتَبَرْ ذَلِكَ فِي إسْقَاطِ الزَّكَاةِ عَنْهُ فِي ذَلِكَ الْحَوْلِ لَوْ غَصَبَهُ مِنْهُ ثُمَّ حَالَ الْحَوْلُ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ فِيهِ زَكَاةٌ حَتَّى يَرُدَّهُ إلَيْهِ فَتَجِبَ عَلَيْهِ فِيهِ زَكَاةٌ فَثَبَتَ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِحُصُولِ الْمَالِ فِي يَدِ صَاحِبِهِ طَرَفَيْ الْحَوْلِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا اللُّقَطَةُ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ وَعَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ وَابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ صَاحِبَهَا لَا يُزَكِّيهَا إذَا رَجَعَتْ إلَيْهِ إلَّا لِعَامٍ وَاحِدٍ.

وَقَالَ الْمُغِيرَةُ يُزَكِّيهَا لِكُلِّ عَامٍ وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ الْمَالَ فِي يَدِ غَيْرِ مَالِكِهِ وَلَا يُقْدَرُ عَلَى تَنْمِيَةِ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ.

وَوَجْهُ قَوْلِ الْمُغِيرَةِ أَنَّ ضَمَانَهُ مِنْهُ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ الْمَالِ الَّذِي بِيَدِ وَكِيلِهِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا مَنْ دَفَنَ مَالًا فَنَسِيَ مَوْضِعَهُ فَوَجَدَهُ بَعْدَ أَعْوَامٍ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ يُزَكِّيهِ لِكُلِّ سَنَةٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللُّقَطَةِ أَنَّ اللُّقْطَةَ بِيَدِ غَيْرِهِ وَالْمَالُ الْمَدْفُونُ لَيْسَ بِيَدِ غَيْرِهِ.

وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إنْ دَفَنَهُ فِي صَحْرَاءَ، ثُمَّ نَسِيَهُ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهِ، وَإِنْ دَفَنَهُ فِي بَيْتِهِ أَوْ فِي مَوْضِعٍ يُحَاطُ بِهِ فَعَلَيْهِ فِيهِ الزَّكَاةُ لِكُلِّ عَامٍ.

وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى الْوُصُولِ إلَيْهِ بِحَفْرِ جَمِيعِ الْمَوْضِعِ وَهَذَا لَمَّا يَتَهَيَّأُ فِي الصَّحْرَاءِ.

وَقَدْ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْقَصَّارِ إنَّ مَنْ كَانَ مَمْنُوعًا مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ بِكُلِّ حَالٍ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهِ إلَّا لِحَوْلٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ أَقَامَ أَحْوَالًا كَثِيرَةً كَالْمَغْصُوبِ وَالْمُلْتَقَطِ وَالدَّيْنِ وَالْقَرْضِ وَالْمَالِ الَّذِي جَحَدَهُ الْمُودِعُ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ هَذَا مَالٌ مُنِعَ مِنْ تَنْمِيَتِهِ فَلَمْ تَجِبْ فِيهِ زَكَاةٌ كَاَلَّذِي خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ قَالَ وَلَا يَلْزَمُ عَلَى هَذَا مَالُ الْمَحْبُوسِ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى تَنْمِيَتِهِ بِالْوَكَالَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(ش) : أَنَّهُ لَا زَكَاةَ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ بِمِقْدَارِ الدَّيْنِ يُرِيدُ أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ مِنْ عَرْضٍ وَلَا غَيْرِهِ وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: مِثْلُ هَذَا.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ الزَّكَاةَ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ الزَّكَاةَ مَالٌ يَنْتَقِلُ إلَى مِلْكٍ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ فَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَالِكِ دَيْنٌ كَانَ الدَّيْنُ أَحَقَّ بِالْمَالِ كَالْمِيرَاثِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ هَذَا الَّذِي قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ وَيَلْزَمُ عَلَى هَذَا زَكَاةُ الْعَيْنِ وَالْحَرْثِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَالْأَظْهَرُ فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنْ يُقَالَ إنَّ الدَّيْنَ مُتَعَلِّقٌ بِالذِّمَّةِ وَالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ وَهُمَا مَعْنَى الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ، وَمُعْظَمُ مَقْصُودِهِمَا لَا يَتَعَيَّنُ وَإِنَّمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>