للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ لَا يُؤْخَذُ فِي صَدَقَةِ النَّخْلِ الْجُعْرُورُ وَلَا مُصْرَانُ الْفَأْرَةِ وَلَا عَذْقُ بْنُ حُبَيْقٍ قَالَ وَهُوَ يُعَدُّ عَلَى صَاحِبِ الْمَالِ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ فِي الصَّدَقَةِ قَالَ مَالِكٌ: وَإِنَّمَا مِثْلُ ذَلِكَ الْغَنَمُ تُعَدُّ عَلَى صَاحِبِهَا بِسِخَالِهَا وَالسَّخْلُ لَا يُؤْخَذُ فِي الصَّدَقَةِ وَقَدْ يَكُونُ فِي الْأَمْوَالِ ثِمَارٌ لَا تُؤْخَذُ الصَّدَقَةُ مِنْهَا مِنْ ذَلِكَ الْبُرْدِيُّ وَمَا أَشْبَهَهُ لَا تُؤْخَذُ مِنْ أَدْنَاهُ كَمَا لَا تُؤْخَذُ مِنْ خِيَارِهِ قَالَ، وَإِنَّمَا تُؤْخَذُ الصَّدَقَةُ مِنْ أَوْسَاطِ الْمَالِ) .

ــ

[المنتقى]

«فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ» مَا سَقَتْ السَّمَاءُ هُوَ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ سَقْيٌ إلَّا بِالْمَطَرِ وَمَا سَقَتْ الْعُيُونُ فَهُوَ مَا سُقِيَ بِالْعُيُونِ الْجَارِيَةِ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ الَّتِي لَا يَتَكَلَّفُ فِي رَفْعِ مَائِهَا آلَةً وَلَا عَمَلًا وَهُوَ السَّيْحُ وَأَمَّا الْبَعْلُ فَقَالَ أَبُو دَاوُد الْبَعْلُ مَا شَرِبَ بِعُرُوقِهِ، وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ وَأَنْشَدَ

مِنْ الْوَارِدَاتِ الْمَاءَ بِالْقَاعِ تُسْتَقَى ... بِأَعْجَازِهَا قَبْلَ اسْتِقَاءِ الْحَنَاجِرِ

قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَهَذَا عِنْدِي، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ أُصُولَهَا تَصِلُ إلَى الْمِيَاهِ تَحْتَ الْأَرْضِ فَيَقُومُ لَهَا مَقَامَ السَّقْيِ وَلَا تَحْتَاجُ أَنْ تُسْقَى بِمَا يَنْزِلُ إلَى عُرُوقِهَا مِنْ وَجْهِ الْأَرْضِ مِنْ مَطَرٍ أَوْ غَيْرِهِ.

وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الْبَعْلُ مَا شَرِبَ بِعُرُوقِهِ مِنْ غَيْرِ سَقْيِ سَمَاءٍ وَلَا غَيْرِهَا وَالسَّيْحُ مَا سَقَتْهُ السَّمَاءُ وَهَذَا شَيْءٌ لَا أَرَاهُ يَكُونُ إلَّا بِمَطَرٍ إلَّا أَنَّهَا عَلَى كُلٍّ يَأْخُذُهَا سَقْيُ النِّيلِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَهَذَا فِيهِ الْعُشْرُ لِقِلِّهِ مُؤْنَةِ سَقْيِهِ وَأَمَّا النَّضْحُ فَهُوَ الرَّشُّ وَالصَّبُّ فَمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ هُوَ مَا يُسْقَى بِمَا يُسْتَخْرَجُ مِنْ الْآبَارِ بِالْغَرْبِ أَوْ بِالسَّانِيَةِ وَيُسْتَخْرَجُ مِنْ الْأَنْهَارِ بِآلَةٍ فَفِي هَذَا نِصْفُ الْعُشْرِ لِكَثْرَةِ مُؤْنَتِهِ وَهَذَا أَصْلٌ فِي أَنَّ لِشِدَّةِ النَّفَقَةِ وَخِفَّتِهَا تَأْثِيرًا فِي الزَّكَاةِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنْ سَقَى حَبَّهُ أَوْ ثَمَرَتَهُ فِي جَمِيعِ عَامِهِ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ كَانَ ذَلِكَ حُكْمَهُ، وَإِنْ اخْتَلَفَ أَمْرُهُ فَكَانَ مَرَّةً يُسْقَى بِالنَّضْحِ وَمَرَّةً بِمَاءِ السَّمَاءِ فَإِنَّنَا نَنْظُرُ فَإِنْ تَسَاوَى الْأَمْرُ فِيهِمَا كَانَ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعُشْرِ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ أَكْثَرَ كَانَ حُكْمُ الْأَقَلِّ تَبَعًا لِلْأَكْثَرِ؛ لِأَنَّ التَّتَبُّعَ لَهُ يَشُقُّ وَالتَّقْدِيرُ يَتَعَذَّرُ وَالزَّكَاةُ مَبْنِيَّةٌ عِنْدَ الْمَشَقَّةِ فِي مُرَاعَاتِهَا عَلَى الْمُسَاوَاةِ بَيْنَ أَرْبَابِ الْأَمْوَالِ وَمُسْتَحَقِّي الزَّكَاةِ.

وَحَكَى الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَيْنِ إحْدَاهُمَا: مَا ذَكَرْنَاهُ. وَالثَّانِيَةُ: أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِمَا حَيَا بِهِ الزَّرْعُ وَتَمَّ، وَإِنْ كَانَ الْأَقَلَّ قَالَ وَوَجْهُهُ بِالسَّقْيِ كَمَالُ الزَّرْعِ وَانْتِهَاؤُهُ إلَى حَيْثُ يَنْتَفِعُ بِهِ وَهَذَا لَا يُوجَدُ إلَّا فِيمَا يَحْيَا الزَّرْعُ بِهِ أَوْ يَفُوتُ بِفَوَاتِهِ قَالَ وَالْأُصُولُ تَشْهَدُ بِمَا قُلْنَاهُ يُدَايِنُ غُرَمَاءَهُ فِي سَقْيِ زَرْعِهِ وَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِ ثُمَّ يُفْلِسُ فَإِنَّهُ يَبْدَأُ بِآخِرِهِمْ نَفَقَةً؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَحْيَا الزَّرْعَ بِنَفَقَتِهِ وَسَقْيِهِ.

(ش) : قَوْلُهُ لَا يُؤْخَذُ فِي صَدَقَةِ النَّخْلِ الْجُعْرُورُ وَلَا مُصْرَانُ الْفَأْرَةِ وَلَا عَذْقُ ابْنِ حُبَيْقٍ هَذِهِ أَنْوَاعٌ مِنْ رَدِيءِ التَّمْرِ فَنَهَى أَنْ تُخْرَجَ فِي زَكَاةِ التَّمْرِ وَذَلِكَ أَنَّ التَّمْرَ الْمُزَكَّى لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ لَوْنًا وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ لَوْنًا وَاحِدًا وَكَانَ مِنْ وَسَطِ التَّمْرِ أَدَّى مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ رَدِيءِ التَّمْرِ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْمُوَطَّأِ وَرَوَاهُ ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَشْتَرِيَ الْوَسَطَ مِنْ التَّمْرِ فَيُؤَدِّيَ عَنْ زَكَاةِ هَذَا الرَّدِيءِ وَبِهِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمَاجِشُونِ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ يُؤَدِّي مِنْهُ وَلَيْسَ هَذَا كَالْمَاشِيَةِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ نَافِعٍ.

وَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ أَنَّ هَذَا مَالٌ يَقْتَضِي زَكَاتَهُ الْإِمَامُ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُخْرِجَ فِي زَكَاتِهِ الرَّدِيءَ مِنْهُ كَالْمَاشِيَةِ.

وَوَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ هَذَا مَالٌ يُزَكَّى بِالْجُزْءِ مِنْهُ فَوَجَبَ أَنْ يُخْرِجَ زَكَاتَهُ مِنْهُ رَدِيئًا كَانَ أَوْ جَيِّدًا كَالْعَيْنِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَاشِيَةِ أَنَّ الزَّكَاةَ تُجْلَبُ إلَى مَنْ تُدْفَعُ إلَيْهِ وَتُنْقَلُ مِنْ مَوْضِعٍ إلَى مَوْضِعٍ لِلضَّرُورَةِ إلَى ذَلِكَ وَالْمَاشِيَةُ لَا مُؤْنَةَ فِي حِمْلِ الْوَسَطِ مِنْهَا فَلَوْ أُجِيزَ فِيهَا الْمَرِيضُ وَالْأَعْرَجُ لَمَا أَمْكَنَ حَمْلُهُ إنْ اُحْتِيجَ إلَى ذَلِكَ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ كَانَ التَّمْرُ جَيِّدًا كُلُّهُ فَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ قَوْلُهُ فِي الْمُوَطَّأِ وَاخْتَارَهُ سَحْنُونٌ أَنَّهُ يَأْتِي بِالْوَسَطِ وَيُجْزِئُهُ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ الْجَيِّدُ وَهَذَا عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ الْجَيِّدِ وَالْقَوْلَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>