للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الطَّوَافِ إنْ كَانَ أَخَفَّ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يَتَطَوَّعَ بِهِ فَيَقْرِنَ بَيْنَ الْأُسْبُوعَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ، ثُمَّ يَرْكَعَ مَا عَلَيْهِ مِنْ رُكُوعِ تِلْكَ السُّبُوعِ؟ قَالَ: لَا يَنْبَغِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا السُّنَّةُ أَنْ يُتْبِعَ كُلَّ سَبْعٍ رَكْعَتَيْنِ) .

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَدْخُلُ فِي الطَّوَافِ فَيَسْهُو حَتَّى يَطُوفَ ثَمَانِيَةَ أَوْ تِسْعَةَ أَطْوَافٍ قَالَ: يَقْطَعُ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ قَدْ زَادَ، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَلَا يَعْتَدُّ بِاَلَّذِي كَانَ زَادَ وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى التِّسْعَةِ حَتَّى يَصِلَ سَبْعَيْنِ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ فِي الطَّوَافِ أَنْ يُتْبِعَ كُلَّ سَبْعٍ رَكْعَتَيْنِ) .

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ وَمَنْ شَكَّ فِي طَوَافِهِ بَعْدَمَا رَكَعَ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ فَلْيُعِدْ لِيُتِمَّ طَوَافَهُ عَلَى الْيَقِينِ، ثُمَّ لِيُعِدْ الرَّكْعَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا صَلَاةَ لِطَوَافٍ إلَّا بَعْدَ إكْمَالِ السَّبْعِ) .

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ وَمَنْ أَصَابَهُ شَيْءٌ يَنْقُضُ وُضُوءَهُ وَهُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ أَوْ يَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَوْ بَيْنَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مَنْ أَصَابَهُ ذَلِكَ وَقَدْ طَافَ بَعْضَ الطَّوَافِ أَوْ كُلَّهُ وَلَمْ يَرْكَعْ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ فَإِنَّهُ يَتَوَضَّأُ وَيَسْتَأْنِفُ الطَّوَافَ قَالَ مَالِكٌ وَأَمَّا السَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَإِنَّهُ لَا يَقْطَعُ ذَلِكَ عَلَيْهِ مَا أَصَابَهُ مِنْ انْتِقَاضِ

ــ

[المنتقى]

تَكُونَ رَكْعَتَا الطَّوَافِ الْوَاجِبِ خَلْفَ الْمَقَامِ اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا سِيَّمَا وَقَدْ قَرَأَ عِنْدَ صَلَاتِهِ خَلْفَ الْمَقَامِ بِرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: ١٢٥] فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُرَادٌ بِالْآيَةِ وَهَذَا أَمْرٌ وَلَيْسَ فِي الصَّلَوَاتِ مَا يَخْتَصُّ بِمَقَامِ إبْرَاهِيمَ غَيْرُ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ: إنَّ السُّنَّةَ لِلطَّائِفِ أَنْ يُصَلِّيَ عَقِيبَ كُلِّ سَبْعٍ مِنْ الطَّوَافِ رَكْعَتَيْهِ وَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ سَبْعَيْنِ لَا يَرْكَعُ بَيْنَهُمَا رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ الْأَوَّلِ وَإِنْ فَعَلَ الْأُسْبُوعَيْنِ وَلَمْ يَرْكَعْ بَيْنَهُمَا فَغَيْرُ جَائِزٍ وَجَوَّزَ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ هَذَيْنِ نُسُكَانِ لَا يَتَدَاخَلَانِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَشْرَعَ فِي أَفْعَالِ ثَانٍ مِنْهُمَا قَبْلَ تَمَامِ الْأَوَّلِ كَالْعُمْرَتَيْنِ، وَدَلِيلٌ آخَرُ أَنَّ هَذَيْنِ طَوَافَانِ فَلَمْ يَشْرَعْ فِي ثَانٍ مِنْهُمَا قَبْلَ تَمَامِ رُكُوعِ الْأَوَّلِ كَمَا لَوْ كَانَا فِي حَجَّتَيْنِ أَوْ عُمْرَتَيْنِ.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ، وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ سَعَى فِي طَوَافِهِ فَبَلَغَ ثَمَانِيَةَ أَطْوَافٍ أَوْ تِسْعَةً أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ ذَكَرَ وَلَمْ يَكُنْ قَصَدَ أَنْ يَقْرِنَ بَيْنَ كُلِّ سَبْعَيْنِ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ وَيَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ لِلسَّبْعِ الْكَوَامِلِ وَيُلْغِي مَا زَادَ عَلَيْهِ وَلَا يَعْتَدُّ بِهِ إنْ أَرَادَ أَنْ يَطُوفَ أُسْبُوعًا آخَرَ وَلِيَبْتَدِئَهُ مِنْ أَوَّلِهِ فَيَطُوفَ سَبْعًا، ثُمَّ يَرْكَعَ، وَهَذَا حُكْمُ الْعَامِدِ فِي ذَلِكَ فَإِنْ أَكْمَلَ السُّبُوعَيْنِ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا صَلَّى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رَكْعَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الْأُسْبُوعَ الثَّانِيَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَأَمَرْنَاهُ بِالرُّكُوعِ مُرَاعَاةً لِلِاخْتِلَافِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ.

وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ فِي الْمَدِينَةِ وَرَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فَقَطْ وَاخْتَارَ عِيسَى الْقَوْلَ الْأَوَّلَ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ حُكْمُ كُلِّ أُسْبُوعٍ أَنْ يَعْقُبَهُ رَكْعَتَاهُ وَحَالَ بَيْنَ الْأُسْبُوعِ الْأَوَّلِ وَرَكْعَتَيْهِ الْأُسْبُوعُ الثَّانِي بَطَلَ حُكْمُهُ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ لِلْأُسْبُوعِ الثَّانِي.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّ مَنْ شَكَّ بَعْدَ أَنْ رَكَعَ لِطَوَافِهِ فِي إتْمَامِهِ طَوَافَهُ فَلَا يَعْلَمُ إنْ كَانَ أَكْمَلَ السَّبْعَ أَوْ إنَّمَا طَافَ سِتًّا أَوْ خَمْسًا فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ ذَلِكَ الطَّوَافُ؛ لِأَنَّ الطَّوَافَ لَا يَكُونُ أَقَلَّ مِنْ سَبْعَةِ أَطْوَافٍ مُتَيَقِّنَةٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ، وَيَبْنِيَ عَلَى مَا تَيَقَّنَ مِنْ طَوَافِهِ لِقُرْبِ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَ ذَلِكَ بِإِثْرِ سَلَامِهِ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ فَإِنْ تَيَقَّنَ خَمْسَةً طَافَ شَوْطَيْنِ، وَإِنْ تَيَقَّنَ سِتَّةً طَافَ وَاحِدًا، ثُمَّ يُعِيدُ الرَّكْعَتَيْنِ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُمَا أَنْ يُصَلَّيَا بَعْدَ تَمَامِ الْأُسْبُوعِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَا يُجْزِئُ أَكْثَرُ الطَّوَافِ عَنْ جَمِيعِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ تَمَامِ عَدَدِهِ وَيَرْجِعُ لَهُ مِنْ بَلَدِهِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إنْ كَانَ بِمَكَّةَ لَزِمَهُ إتْمَامُهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ رَجَعَ جَبَرَهُ بِالدَّمِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ حَدِيثُ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا رَمَلَ ثَلَاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا» وَأَفْعَالُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْوُجُوبِ.

وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» وَالْأَخْذُ عَنْهُ أَنْ يَفْعَلَ كَمَا يَفْعَلُ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذِهِ عِبَادَةٌ لَا يُجْبَرُ أَكْثَرُهَا بِالدَّمِ فَلَمْ يُجْبَرْ أَقَلُّهَا كَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>