للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُحَلِّي بَنَاتِهِ وَجَوَارِيه الذَّهَبَ، ثُمَّ لَا يُخْرِجُ مِنْ حُلِيِّهِنَّ الزَّكَاةَ) .

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ تِبْرٌ أَوْ حُلِيٌّ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وَلَا يَنْتَفِعُ بِهِ لِلُّبْسِ فَإِنَّ عَلَيْهِ فِيهِ الزَّكَاةَ فِي كُلِّ عَامٍ يُوزَنُ فَيُؤْخَذُ رُبْعُ عُشْرِهِ إلَّا أَنْ يَنْقُصَ مِنْ وَزْنِ عِشْرِينَ دِينَارًا عَيْنًا أَوْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَإِنْ نَقَصَ مِنْ ذَلِكَ فَلَيْسَ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَإِنَّمَا تَكُونُ فِيهِ الزَّكَاةُ إذَا كَانَ إنَّمَا يُمْسِكُهُ لِغَيْرِ اللُّبْسِ وَأَمَّا التِّبْرُ وَالْحُلِيُّ الْمَكْسُورُ الَّذِي يُرِيدُ أَهْلُهُ إصْلَاحَهُ وَلُبْسَهُ فَإِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَتَاعِ الَّذِي يَكُونُ عِنْدَ أَهْلِهِ فَلَيْسَ عَلَى أَهْلِهِ فِيهِ زَكَاةٌ)

ــ

[المنتقى]

اللَّهُ تَعَالَى وَالْيَتِيمُ هُوَ الَّذِي مَاتَ أَبُوهُ وَاحْتَاجَ إلَى الْوِلَايَةِ عَلَيْهِ وَالْحَجْرُ هُوَ الْمَنْعُ يُقَالُ فُلَانٌ فِي حَجْرِ فُلَانٍ إذَا كَانَ قَدْ مَنَعَهُ مِنْ التَّصَرُّفِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ لَهُنَّ الْحُلِيُّ يَقْتَضِي مِلْكَهُنَّ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَصَرَّفْنَ فِيهِ لِكَوْنِهِنَّ مَحْجُورَاتٍ فَقَدْ يَمْلِكُ مَنْ لَا يَتَصَرَّفُ وَهُوَ الصَّغِيرُ وَالسَّفِيهُ وَيَتَصَرَّفُ مَنْ لَا يَمْلِكُ وَهُوَ الْمُوَصَّى وَالْأَبُ وَالْإِمَامُ وَقَوْلُهُ فَلَا تُخْرِجُ مِنْ حُلِيِّهِنَّ الزَّكَاةَ ظَاهِرُ هَذَا اللَّفْظِ أَنَّهَا كَانَتْ لَا تُخْرِجُ زَكَاةَ الْحُلِيِّ وَلَا تَتْرُكُ مِثْلُ عَائِشَةَ إخْرَاجَهَا إلَّا أَنَّهَا كَانَتْ تَرَى أَنَّهَا غَيْرَ وَاجِبَةٍ فِيهِ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ تُخْرِجُ الزَّكَاةَ مِنْ الْحُلِيِّ وَدَلِيلُنَا أَنَّ الْحُلِيَّ مُبْتَذَلٌ فِي اسْتِعْمَالٍ مُبَاحٍ فَلَمْ تَجِبْ فِيهِ زَكَاةٌ كَالثِّيَابِ.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُحَلِّي بَنَاتِهِ وَجَوَارِيه الذَّهَبَ، ثُمَّ لَا يُخْرِجُ مِنْ حُلِيِّهِنَّ الزَّكَاةَ) .

(ش) : قَوْلُهُ كَانَ يُحَلِّي بَنَاتِهِ وَجَوَارِيهِ الذَّهَبَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يُجِيزُ أَنْ يُحَلَّى النِّسَاءُ الذَّهَبَ وَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ كَانَ يُحَلِّي بَنَاتِهِ وَجَوَارِيه الذَّهَبَ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَانَ يُمَلِّكُهُنَّ ذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَانَ يُزَيِّنُهُنَّ بِهِ وَيَبْقَى ذَلِكَ عَلَى مِلْكِهِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ، ثُمَّ لَا يُخْرِجُ زَكَاتَهُ فِي حَسَبِ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْحُلِيَّ الْمُتَّخَذَ لِلُّبْسِ الْمُبَاحِ لَا زَكَاةَ فِيهِ، وَهَذَا مَذْهَبٌ ظَاهِرٌ بَيْنَ الصَّحَابَةِ وَأَعْلَمُ النَّاسِ بِهِ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فَإِنَّهَا زَوْجُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَنْ لَا يَخْفَى عَلَيْهَا أَمْرُهُ فِي ذَلِكَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَإِنَّ أُخْتَهُ حَفْصَةُ كَانَتْ زَوْجَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحُكْمُ حُلِيِّهَا لَا يَخْفَى عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا يَخْفَى عَنْهَا حُكْمُهُ فِيهِ.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ تِبْرٌ أَوْ حُلِيٌّ لَا يُرِيدُهُ لِلُّبْسِ فَإِنَّ الزَّكَاةَ عَلَيْهِ فِيهِ؛ لِأَنَّ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ مِنْ الْأَمْوَالِ الْمُعَدَّةِ لِلتَّنْمِيَةِ وَلِذَلِكَ يَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ وَلَا يَخْرُجُ عَنْ ذَلِكَ إلَّا بِالْعَمَلِ وَهُوَ الصِّيَاغَةُ وَنِيَّةُ اللُّبْسِ فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ فِيهِ اللُّبْسُ تَعَلَّقَتْ بِهِ الزَّكَاةُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْرِضُ لِلتَّنْمِيَةِ وَطَلَبِ الْفَضْلِ مَعَ الصِّيَاغَةِ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ أَنْوَاعِ الذَّهَبِ يَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ حَتَّى يَجْتَمِعَ فِيهَا الْأَمْرَانِ الصِّيَاغَةُ الْمُبَاحَةُ وَنِيَّةُ اللُّبْسِ الْمُبَاحِ.

(فَرْعٌ) : وَسَوَّى مَالِكٌ بَيْنَ حُلِيِّ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ بِمِيرَاثٍ أَوْ شِرَاءِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مَنْ نَوَى بِهِ التِّجَارَةَ فَهُوَ لِلتِّجَارَةِ وَمَنْ نَوَى بِهِ الْقُنْيَةَ فَهُوَ عَلَى الْقُنْيَةِ رَوَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ إنَّ الصِّيَاغَةَ وَالنِّيَّةَ قَدْ وُجِدَتَا فِيهِ فَأَمَّا الْعُرُوض فَيُعْتَبَرُ فِي شِرَائِهَا النِّيَّةُ عَلَى مَا يَأْتِي بَعْدَ هَذَا وَأَمَّا مَا مُلِكَ مِنْهَا بِمِيرَاثٍ أَوْ هِبَةٍ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ يَنْوِي بِذَلِكَ قُنْيَةً أَوْ تِجَارَةً، وَأَمَّا الْمَاشِيَةُ الَّتِي تَبْلُغُ النِّصَابَ فَفِيهَا الزَّكَاةُ مَلَكَهَا بِمِيرَاثٍ أَوْ هِبَةٍ نَوَى بِهَا الْقُنْيَةَ أَوْ التِّجَارَةَ وَسَيَأْتِي ذِكْرُهَا بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

الصِّيَاغَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: الصِّيَاغَةُ الْمُبَاحَةُ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِلنِّسَاءِ وَهُوَ مَا يُسْتَعْمَلُ مِنْهَا لِلتَّجَمُّلِ وَالزِّينَةِ وَفِي الْجَسَدِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ وَمَا يَتَّخِذُهُ النِّسَاءُ لِشُعُورِهِنَّ وَأَزْرَارِ جُيُوبِهِنَّ وَأَقْفَالِ ثِيَابِهِنَّ وَمَا يَجْرِي مَجْرَى اللِّبَاسِ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ يُرِيدُ بِأَقْفَالِ ثِيَابِهِنَّ مَا يُتَّخَذُ فِي الثِّيَابِ الْمُفَرَّجَةِ كَالْأَزْرَارِ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ وَمَا يُتَّخَذُ لِلْمَرَايَا وَأَقْفَالِ الصَّنَادِيقِ وَتَحْلِيَةِ الْمُذَابِ فَفِيهِ الزَّكَاةُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا مَا يُبَاحُ مِنْ الْفِضَّةِ لِلرَّجُلِ فَفِي ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ السَّيْفُ وَالْخَاتَمُ وَالْمُصْحَفُ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رَوَى أَنَسٌ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ وَنَقْشُهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ» وَأَمَّا السَّيْفُ فَإِنَّ فِيهِ إعْزَازَ الدِّينِ وَإِرْهَابًا

<<  <  ج: ص:  >  >>