للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

عَلَى الْمُشْرِكِينَ وَأَمَّا الْمُصْحَفُ فَإِنَّ فِيهِ إعْزَازَ الْقُرْآنِ وَجَمَالًا لِلْمُصْحَفِ وَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ آلَةِ الْحَرْبِ كَالرُّمْحِ وَالسَّرْجِ وَاللِّجَامِ وَالْمِنْطَقَةِ فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيهِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَجُوزُ اتِّخَاذُهُ مِنْ الْفِضَّةِ وَرَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ.

وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا بَأْسَ بِاِتِّخَاذِ الْمِنْطَقَةِ الْمُفَضَّضَةِ وَالْأَسْلِحَةِ كُلِّهَا وَمَنَعَ ذَلِكَ فِي السَّرْجِ وَاللِّجَامِ وَالْمَهَامِيزِ وَالسَّكَاكِينِ، وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ لَا بَأْسَ بِتَفْضِيضِ جَمِيعِ مَا يَكُونُ مِنْ آلَةِ الْحَرْبِ السَّرْجِ وَاللِّجَامِ وَغَيْرِهِ وَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ مَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَحَلَّى بِهِ مِنْ الْفِضَّةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: مَا يُحَلِّي بِهِ الْأَذْكَارَ وَهُوَ الْمُصْحَفُ.

وَالثَّانِي: مَا يَخْتَصُّ بِالْحَرْبِ وَهُوَ السَّيْفُ.

وَالثَّالِثُ: مَا يَخْتَصُّ بِاللِّبَاسِ وَهُوَ الْخَاتَمُ وَلَمَّا كَانَ الَّذِي يُسْتَعْمَلُ مِنْهُ مِنْ بَابِ الذِّكْرِ وَاحِدٌ وَهُوَ الْمُصْحَفُ وَمَا يَسْتَعْمِلُ مِنْهُ فِي بَابِ اللِّبَاسِ وَاحِدٌ وَهُوَ الْخَاتَمُ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَا يُسْتَعْمَلُ مِنْهُ فِي بَابِ الْحَرْبِ وَاحِدًا وَهُوَ السَّيْفُ، وَقَدْ أَجْمَعَتْ عَلَى أَنَّ السَّيْفَ يُبَاحُ فِيهِ ذَلِكَ فَوَجَبَ أَنْ يُمْتَنَعَ سِوَاهُ.

وَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّ آلَةَ الْحَرْبِ مِمَّا فِيهِ إرْهَابٌ عَلَى الْمُشْرِكِينَ وَأَمَّا السَّرْجُ وَاللِّجَامُ وَالْمَهَامِيزُ فَمَا لَا يَخْتَصُّ بِالْحَرْبِ بَلْ يُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِهَا أَكْثَرَ مِمَّا يُسْتَعْمَلُ فِي الْحَرْبِ وَوَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ مِمَّا لَا يَخْلُو الْحَرْبُ مِنْهُ فَفِيهِ إرْهَابٌ عَلَى الْمُشْرِكِينَ فَجَازَ تَفْضِيضُهُ كَالسَّيْفِ.

(فَرْعٌ) فَهَذَا مَا يُبَاحُ لِلرَّجُلِ مِنْ التَّحَلِّي بِالْفِضَّةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَأَمَّا لِلضَّرُورَةِ فَقَدْ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ مَنْ اتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ ذَهَبٍ أَوْ رَبَطَ بِهِ أَسْنَانَهُ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ مُبَاحٌ لِمَا رُوِيَ أَنَّ «أَحَدَ الصَّحَابَةِ اتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ فِضَّةٍ فَأَنْتَنَ عَلَيْهِ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَتَّخِذَ أَنْفًا مِنْ ذَهَبٍ» .

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا أَوَانِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْمَكَايِيلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُحَلَّى بِهِ الْجَسَدُ فَلَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ.

وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ لَا يَجُوزُ اتِّخَاذُهُ، وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ الْجُلَّابِ اقْتِنَاؤُهُ حَرَامٌ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَجُوزُ اتِّخَاذُهُ وَلَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ وَمَسَائِلُ أَصْحَابِنَا تَقْتَضِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ يُجَوِّزُونَ بَيْعَ أَوَانِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فِي غَيْرِ مَسْأَلَةٍ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَلَوْ لَمْ يَجُزْ اتِّخَاذُهَا لَوَجَبَ فَسْخُ الْبَيْعِ فِيهَا وَاسْتَدَلَّ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اتِّخَاذُهَا بِأَنَّ مَا لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ لَا يَجُوزُ اتِّخَاذُهُ كَالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَمَا لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فَفِيهِ الزَّكَاةُ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ يَكْسِرُ الْأَوَانِيَ مِنْ ذَلِكَ وَمَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَإِنَّ عَلَيْهِ الزَّكَاةَ فِي كُلِّ عَامٍ يُرِيدُ أَنَّ الزَّكَاةَ تَتَكَرَّرُ فِيهِ كَتَكْرِيرِهَا فِي الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ فَالزَّكَاةُ فِيهِ رُبْعُ الْعُشْرِ كَالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ وَنِصَابُهُ كَنِصَابِ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ " وَإِنَّمَا تَكُونُ فِيهِ الزَّكَاةُ إذَا كَانَ إنَّمَا يُمْسِكُهُ لِغَيْرِ اللُّبْسِ " يُرِيدُ إذَا اتَّخَذَهُ لِغَيْرِ لُبْسٍ مِنْ الْمُتَّخِذِ لَهُ وَلَا لِلُبْسِ غَيْرِهِ بِسَبَبِهِ، وَإِنَّمَا اتَّخَذَهُ لِتِجَارَةٍ أَوْ اتَّخَذَتْهُ الْمَرْأَةُ عُدَّةً لِلدَّهْرِ إنْ احْتَاجَتْ بَاعَتْهُ فَفِيهِ عَلَيْهَا الزَّكَاةُ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ.

وَقَالَ مُطَرِّفٌ عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ عِنْدَهُ حُلِيٌّ لِلِبَاسٍ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ عَلَيْهِ فِيهِ الزَّكَاةُ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يُتَّخَذْ لِلُبْسِ الْمُتَّخِذِ وَلَا لِلُبْسٍ آخَرَ بِسَبَبِهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا اتِّخَاذُهُ لِلُّبْسِ فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَلْبَسَهُ الْمُتَّخِذُ لَهُ أَوْ يَلْبَسَهُ غَيْرُهُ بِسَبَبِهِ فَأَمَّا مَا اتَّخَذَهُ لِلُبْسِهِ فَهُوَ مِثْلُ مَا يَتَّخِذُهُ الرَّجُلُ مِنْ الْحُلِيِّ الَّذِي قَدَّمْنَا ذِكْرَ إبَاحَتِهِ وَتَتَّخِذُهُ الْمَرْأَةُ مِنْ الْحُلِيِّ الْمُبَاحِ لَهَا فَهَذَا لَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ فِي نَفْيِ الزَّكَاةِ فِيهِ، وَكَذَلِكَ مَا يُتَّخَذُ مِنْ الْحُلِيِّ الْمُبَاحِ لِلْعَارِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ مُتَّخَذٌ لِلُبْسٍ مُبَاحٍ مَعَ مَا يَقْتَرِنُ بِذَلِكَ مِنْ الْقُرْبَةِ بِالْعَارِيَّةِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا إذَا اُتُّخِذَ الْحُلِيُّ لِلْكِرَاءِ فَإِنْ اتَّخَذَتْ الْمَرْأَةُ مَا هُوَ مُبَاحٌ لَهَا مِنْ حُلِيِّهَا أَوْ اتَّخَذَ الرَّجُلُ مَا هُوَ مُبَاحٌ لَهُ مِنْ حُلِيِّهِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا زَكَاةَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَلْبَسُهُ، وَإِنَّمَا اتَّخَذَهُ لِيُكْرِيَهُ وَرَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ مَا أَظُنُّ فِيهِ زَكَاةً.

وَأَمَّا إنْ اتَّخَذَ الرَّجُلُ حُلِيَّ النِّسَاءِ لِلْكِرَاءِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: فِيهِ الزَّكَاةُ، وَحَكَى الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ أَنَّ الشَّيْخَ أَبَا الْقَاسِمِ حَكَى عَنْ مَالِكٍ قَوْلًا مُطْلَقًا فِيمَنْ اتَّخَذَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>