للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ لَيْسَ فِي اللُّؤْلُؤِ وَلَا فِي الْمِسْكِ وَلَا فِي الْعَنْبَرِ زَكَاةٌ) .

ــ

[المنتقى]

يُكْرِيه: فِيهِ الزَّكَاةُ وَبِهِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ.

وَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى أَنَّهُ مُتَّخَذٌ لِلُّبْسِ بِسَبَبِ الْمُتَّخِذِ فَأَشْبَهَ الْعَارِيَّةَ.

وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّهُ وَرِقٌ أَوْ ذَهَبٌ مُعَدٌّ لِلنَّمَاءِ فَوَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ كَالْمُتَّخَذِ لِلتِّجَارَةِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا اتِّخَاذُ الرَّجُلِ حُلِيَّ النِّسَاءِ لِيَلْبَسَهُ أَهْلُهُ فَإِنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَنْ اتَّخَذَهُ لَهَا فَإِنَّ ذَلِكَ يُسْقِطُ الزَّكَاةَ، وَإِنْ اتَّخَذَهُ لِامْرَأَةٍ يُسْتَقْبَلُ نِكَاحُهَا أَوْ امْرَأَةٍ يَسْتَأْنِفُ شِرَاءَهَا فَقَدْ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَالْمَدَنِيِّينَ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ: فِيهِ الزَّكَاةُ.

وَرُوِيَ عَنْ أَشْهَبَ وَأَصْبَغَ لَا زَكَاةَ فِيهِ.

وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مَا احْتَجَّ بِهِ ابْنُ حَبِيبٍ بِأَنَّ الْمُتَّخِذَ لَهُ لَيْسَ مِنْ لِبَاسِهِ وَلَا صَارَ إلَى مَا أَمَلَ مِنْهُ يُرِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ لِبَاسِهِ وَلَا عِنْدَهُ حِينَ اتِّخَاذِهِ أَهْلٌ لِلتَّحَلِّي بِهِ فَلَمْ يُوجَدْ شَرْطُ الْإِبَاحَةِ.

وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّهُ مُتَّخَذٌ لِاسْتِعْمَالٍ مُبَاحٍ فَأَثَّرَ ذَلِكَ فِي إسْقَاطِ الزَّكَاةِ كَمَا لَوْ اتَّخَذَ حُلِيَّ سَيْفٍ أَوْ مُصْحَفٍ أَوْ خَاتَمٍ يَرْصُدُهُ لِوَلَدٍ أَوْ لِعَارِيَّةِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا زَكَاةَ فِيهِ قَالَ، وَكَذَلِكَ مَا اتَّخَذَتْهُ الْمَرْأَةُ مِنْ حُلِيِّ النِّسَاءِ لَا لِتَلْبَسَهُ وَلَكِنْ لِابْنَةٍ عَسَى أَنْ تَكُونَ لَهَا.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ التِّبْرُ وَالْحُلِيُّ الْمَكْسُورُ الَّذِي يُرِيدُ أَهْلُهُ إصْلَاحَهُ وَلُبْسَهُ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُرِيدُ إصْلَاحَهُ لِلُّبْسِ الْمُبَاحِ رَوَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ وَذَلِكَ أَنَّهُ يُسْتَدَامُ فِيهِ شَرْطُ إسْقَاطِ الزَّكَاةِ فِي الْعَيْنِ، وَهَذَا إذَا أَرَادَتْ الْمَرْأَةُ إصْلَاحَهُ لِلُبْسِهَا أَوْ لِلُبْسِ أَحَدٍ مِنْ النِّسَاءِ بِسَبَبِهَا وَأَمَّا إصْلَاحُ الرَّجُلِ مَا لِلنِّسَاءِ لِيَرْصُدَ بِهِ امْرَأَةً يَتَزَوَّجُهَا فَقَدْ رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ يُزَكِّيه.

وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُزَكِّيه وَأَنْكَرَهُ مُحَمَّدٌ وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّهُ إنَّمَا يُرِيدُ إصْلَاحَهُ بِمُعَاوَضَةٍ فَيَلْزَمُهُ فِيهِ الزَّكَاةُ كَمَا لَوْ نَوَى إصْلَاحَهُ لِلْبَيْعِ وَوَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّ مَا أَصْدَقَهُ الزَّوْجُ الْمَرْأَةَ مِنْ الْحُلِيِّ مُقْتَضَاهُ لِجَمَالِهَا بِهِ لَهُ وَلَيْسَ لَهَا الِاسْتِبْدَادُ بِتَصْرِيفِهِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مَنَافِعِهَا فَأَثَّرَ ذَلِكَ فِي إسْقَاطِ الزَّكَاةِ كَمَا لَوْ أَبْقَاهُ فِي مِلْكِهِ وَحَلَّى بِهِ نِسَاءَهُ.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّ اللُّؤْلُؤَ وَالْمِسْكَ وَالْعَنْبَرَ وَسَائِرَ الْعُرُوضِ لَا زَكَاةَ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي أَعْيُنِهَا فَتُزَكَّى لِأَنْفُسِهَا لِمَا قَدَّمْنَاهُ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ إلَّا فِي عَيْنٍ أَوْ حَرْثٍ أَوْ مَاشِيَةٍ؛ لِأَنَّهَا لَا تُنَمَّى، وَإِنَّمَا أَصْلُهَا الْقُنْيَةُ وَالِابْتِيَاعُ وَلَيْسَا مِمَّا يُتَّجَرُ بِهِ فَتَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ فَإِذَا أَرَادَ بِهَا التِّجَارَةَ لَمْ تَنْتَقِلْ إلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهَا بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ؛ لِأَنَّ مَوْضُوعَهَا النِّيَّةُ كَالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ لَمَّا كَانَتْ مَوْضُوعَةً لِلتَّنْمِيَةِ لَمْ تَنْتَقِلْ إلَى الْقُنْيَةِ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ فَإِذَا انْضَافَ إلَى ذَلِكَ الْعَمَلُ وَهُوَ الصِّيَاغَةُ خَرَجَتْ عَنْ التَّنْمِيَةِ إلَى بَابِ الْقُنْيَةِ، وَكَذَلِكَ الْعُرُوض فَلَا يَنْتَقِلُ إلَى التِّجَارَةِ وَوُجُوبِ الزَّكَاةِ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ حَتَّى يَنْضَافَ إلَى ذَلِكَ الْعَمَلُ الْمُخَالِفُ لِمَوْضُوعِ الْقُنْيَةِ وَهُوَ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ فَيَصِيرُ لِلتِّجَارَةِ وَيَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَا خَرَجَ بِذَلِكَ عَنْ مَوْضُوعِهِ بِالنِّيَّةِ وَالْعَمَلِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ إلَى مَوْضُوعِهِ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ مَا ابْتَعْت مِنْ السِّلَعِ لِلْقُنْيَةِ لَمْ يَنْصَرِفْ بِالنِّيَّةِ إلَى التِّجَارَةِ وَمَا ابْتَعْت مِنْهَا أَوْ مِنْ الْحَيَوَانِ لِلتِّجَارَةِ، ثُمَّ صَرَفْته إلَى الْقُنْيَةِ، ثُمَّ بِعْته فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ لَا يُزَكِّي ثَمَنَهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ لِلْقُنْيَةِ، وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ يَرْجِعُ إلَى أَصْلِهِ فِي التِّجَارَةِ وَيُزَكِّي ثَمَنَهُ وَلَا تُغَيِّرُهُ نِيَّةُ الْقُنْيَةِ فَوَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَا احْتَجَّ بِهِ أَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى أَصْلِهِ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَوَجْهُ رِوَايَةِ أَشْهَبَ أَنَّ الْعُرُوضَ لَهَا قِيَمٌ وَبِهَا تَتَعَلَّقُ الزَّكَاةُ فَلَا يَنْتَقِلُ عَمَّا اُشْتُرِيَتْ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الْقُنْيَةِ؛ لِأَنَّهَا إنْ اشْتَرَيْت لِلتِّجَارَةِ فَلِقِيمَتِهَا أَصْلٌ فِي التِّجَارَةِ، وَإِنْ اُشْتُرِيَتْ لِلْقُنْيَةِ فَلِقِيمَتِهَا أَصْلٌ فِي الْقُنْيَةِ فَلَا يَنْتَقِلُ عَمَّا اُشْتُرِيَتْ بِهِ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>