للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ بَاعَ سِلْعَةً مِنْ رَجُلٍ عَلَى أَنَّهُ لَا نُقْصَانَ عَلَى الْمُبْتَاعِ إنْ ذَلِكَ بَيْعٌ غَيْرُ جَائِزٍ، وَهُوَ مِنْ الْمُخَاطَرَةِ، وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنَّهُ كَأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ بِرِبْحٍ إنْ كَانَ فِي تِلْكَ السِّلَعِ، وَإِنْ بَاعَ بِرَأْسِ الْمَالِ أَوْ بِنُقْصَانٍ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَذَهَبَ عَنَاؤُهُ بَاطِلًا فَهَذَا لَا يَصْلُحُ، وَلِلْمُبْتَاعِ فِي هَذَا أُجْرَةٌ بِمِقْدَارِ مَا عَالَجَ مِنْ ذَلِكَ، وَمَا كَانَ فِي تِلْكَ السِّلْعَةِ مِنْ نُقْصَانٍ أَوْ رِبْحٍ فَهُوَ لِلْبَائِعِ، وَعَلَيْهِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ إذَا فَاتَتْ السِّلْعَةُ، وَبِيعَتْ فَإِنْ لَمْ تَفُتْ فُسِخَ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا قَالَ مَالِكٌ فَأَمَّا أَنْ يَبِيعَ رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ سِلْعَةً يَبُتُّ بَيْعُهَا ثُمَّ يَنْدَمَ الْمُشْتَرِي فَيَقُولَ لِلْبَائِعِ ضَعْ عَنِّي فَيَأْبَى الْبَائِعُ، وَيَقُولَ بِعْ، وَلَا نُقْصَانَ عَلَيْك فَهَذَا لَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمُخَاطَرَةِ، وَإِنَّمَا هُوَ شَيْءُ وَضَعَهُ لَهُ، وَلَيْسَ عَلَى ذَلِكَ عَقَدَا بَيْعَهُمَا، وَذَلِكَ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَمْرُ عِنْدَنَا) .

ــ

[المنتقى]

فِيمَا يَحْرُمُ فِيهِ التَّفَاضُلُ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُتَحَرَّى التَّسَاوِي فِيهِمَا، وَلَا يَصِحُّ التَّحَرِّي فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ هَذَا الزَّيْتُونِ أَقَلُّ مِنْ الزَّيْتِ الْآخِرِ أَوْ أَكْثَرُ؛ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يَبْلُغُ بِتَحَرِّي الزَّيْتُونِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ، وَمِنْ ذَلِكَ اشْتِرَاءُ حَبِّ الْبَانِ بِالسَّلِيخَةِ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ حَبِّ الْبَانِ هُوَ السَّلِيخَةُ قَالَ عِيسَى السَّلِيخَةُ هِيَ عُصَارَةُ حَبِّ الْبَانِ، وَهُوَ الزَّيْتُ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ فَمَنَعَ حَبَّ الْبَانِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَطْعُومًا، وَلَا فِيمَا يَجْرِي فِيهِ الرِّبَا لِمَا فِيهِ مِنْ الْغَرَرِ عِنْدَ تَقَارُبِهِمَا، وَإِنْ كَانَ لَا يَحْرُمُ التَّفَاضُلُ فِي السَّلِيخَةِ وَحَبِّ الْبَانِ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ الشَّيْءِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَحْرُمُ فِيهِ التَّفَاضُلُ، وَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْكَتَّانِ بِالْغَزْلِ جُزَافًا أَوْ أَحَدِهِمَا جُزَافًا، وَإِنْ كَانَ يَدًا بِيَدٍ، وَلَا شَيْءَ مِمَّا لَا يَحْرُمُ فِيهِ التَّفَاضُلُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ جُزَافًا مَعَ تَجْوِيزِ التَّسَاوِي وَالتَّفَاضُلِ قَالَهُ مَالِكٌ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَهَذَا فِيمَا يَتَقَارَبُ فَأَمَّا لَوْ دَفَعَ رَطْلَ صُوفٍ بِعَشَرَةِ أَرْطَالٍ مَغْزُولَةٍ يَدًا بِيَدٍ لَجَازَ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَلَا بَأْسَ بِحَبِّ الْبَانِ بِالْبَانِ الْمُطَيَّبِ؛ لِأَنَّ الْمُطَيَّبَ قَدْ طُيِّبَ وَنَشَّ وَتَحَوَّلَ عَنْ السَّلِيخَةِ قَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ وَالنَّشُّ هُوَ التَّطْيِيبُ جَعَلَ النَّشَّ فِي الْبَانِ صَنْعَةً يَخْرُجُ بِهَا عَنْ جِنْسِ السَّلِيخَةِ الَّتِي لَيْسَتْ بِمُطَيَّبَةٍ؛ لِأَنَّ هَذَا نِهَايَةَ الصِّنَاعَةِ فِيهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(ش) : قَوْلُهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ مِنْ رَجُلٍ سِلْعَةً عَلَى أَنَّهُ لَا نُقْصَانَ عَلَى الْمُبْتَاعِ لِمَا ذَكَرَهُ مِنْ وَجْهِ الْغَرَرِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى بَيْعِهِ بِرِبْحٍ إنْ كَانَ فِيهِ، وَلَا يَدْرِي قَدْرَهُ وَلَا جِنْسَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي رِبْحٍ فَلَا شَيْءَ لَهُ.

وَقَدْ كَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يَبِيعَ مِنْ الرَّجُلِ السِّلْعَةَ عَلَى أَنَّهُ إنْ وَجَدَ قَضَاهُ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَجِدَ فَهُوَ فِي حِلٍّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هُوَ حَرَامٌ وَيُرَدُّ فَإِنْ فَاتَتْ السِّلْعَةُ بِقِيمَتِهَا يَوْمَ قَبَضَهَا، وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ زَادَ فِي ثَمَنِهَا لِلْجَهْلِ بِالْأَجَلِ، وَلِمَا فِيهِ مِنْ تَعْلِيقِ الْقَضَاءِ بِالْوُجُودِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَلِلْمَتَاعِ فِي هَذَا أُجْرَةٌ بِقَدْرِ مَا عَالَجَ ذَلِكَ، وَلِلْبَائِعِ الزِّيَادَةُ وَالنُّقْصَانُ إنْ فَاتَتْ السِّلْعَةُ يُرِيدُ أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى مَا يَئُولُ إلَيْهِ أَمْرُهُمَا مِنْ الْإِجَارَةِ فَإِنْ فَاتَتْ السِّلْعَةُ بِبَيْعِ الْمُبْتَاعِ لَهَا فَلِلَّذِي بَاعَهَا مِنْهُ الثَّمَنُ كَانَ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا أَوْ أَكْثَرَ، وَكَانَ لِلْمُبْتَاعِ أُجْرَةُ مَا حَاوَلَ مِنْ بَيْعِهَا، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ حِفْظِهَا إنْ كَانَ لَهُ أُجْرَةٌ، وَإِنْ وُجِدَتْ السِّلْعَةُ بِيَدِ الْمُبْتَاعِ لَمْ تَفُتْ فُسِخَ الْبَيْعُ فِيمَا يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ يُوجَدُ بِيَدِ الْمُبْتَاعِ لَمْ يَدْخُلْهَا مَا يُغَيِّرُ صِفَتَهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَإِنْ نَدِمَ مُشْتَرِي سِلْعَةٍ، وَسَأَلَ الْوَضِيعَةَ فَيَقُولُ الْبَائِعُ بِعْ، وَلَا نُقْصَانَ عَلَيْك فَهَذَا لَا بَأْسَ بِهِ يُرِيدُ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ قَدْ سَلِمَ أَوَّلًا مِمَّا يُفْسِدُهُ ابْتِدَاءً.

وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي كِتَابِ ابْنِ مُزَيْنٍ، وَذَلِكَ لَازِمٌ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ حَمَلَهُ بِمَا غَرَّهُ بِهِ عَلَى بَيْعِ سِلْعَتِهِ فَوَجَبَ أَنْ يَلْزَمَهُ مَا الْتَزَمَ لَهُ بِذَلِكَ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ الْبَائِعُ وَالسِّلْعَةُ بَائِرَةٌ فَأَرَادَ الْمُبْتَاعُ حَمْلَهَا عَلَى وَجْهِ السُّوقِ لَمَّا أَمِنَ النُّقْصَانَ قَالَ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا إلَّا عَلَى وَجْهِ الْبَيْعِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ إنَّمَا أَبَاحَ لَهُ الْبَيْعَ الْمُعْتَادَ عَلَى وَجْهِ الِاجْتِهَادِ، وَطَلَبِ زِيَادَةِ الثَّمَنِ فَلَيْسَ لَهُ الْخُرُوجُ عَنْهُ إلَى مَا يَكْثُرُ بِهِ النُّقْصَانُ.

(فَرْعٌ) فَإِنْ بَاعَ حِينَ الْبَيْعِ فَزَعَمَ أَنَّهُ نَقَصَ

<<  <  ج: ص:  >  >>