للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

الْعَبْدَ، وَلَوْ كَانَ مَا أُصِيبَ بِهِ الْعَبْدُ جُرْحًا يَعِيبُ رَسْمَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَدُّهُ إلَّا بِمَا أُخِذَ فِي جُرْحِهِ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَذَلِكَ الْمُنَقِّلَةُ وَالْجَائِفَةُ وَالْمَأْمُومَةُ عَقْلُهَا لِمَنْ أَخَذَهُ إلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ، فَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ وَمَا أَخَذَ مِنْ عَقْلِهِ قَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ إنْ شَانَهُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَدَّهُ وَمَا نَقَصَهُ الشَّيْنُ لِسَبَبِ الْعَقْلِ الَّذِي أَخَذَ، وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهُ وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ، وَإِنْ لَمْ يَشِنْهُ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ وَكَانَ لَهُ مَا أَخَذَ مِنْ عَقْلِ الْجُرْحِ، وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ قِيمَةِ الْعَيْبِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِنْ كَانَ النَّقْصُ فِي الْبَدَنِ كَثِيرًا كَالْعَوَرِ وَالْعَمَى وَالشَّلَلِ وَقَطْعِ الْأُصْبُعِ مِنْ الْوَخْشِ وَالْأُنْمُلَةِ مِنْ الرَّائِعَةِ وَقَطْعِ الْيَدِ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُثْبِتُ الْخِيَارَ لِلْمُبْتَاعِ بَيْنَ أَنْ يُمْسِكَ الْمَبِيعَ وَيَرْجِعَ بِقِيمَةِ الْقَدِيمِ أَوْ يَرُدَّ الْمَبِيعَ وَمَا نَقَصَ الْعَيْبُ الْحَادِثُ وَيَرْجِعُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَهَذَا حُكْمُ الِافْتِضَاضِ وَالْوِلَادَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا كُلَّهُ نَقْصٌ مِنْ غَيْرِ الْمَبِيعِ مُؤَثِّرٌ فِي ثَمَنِهِ تَأْثِيرًا كَثِيرًا.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي هُزَالِ الرَّقِيقِ وَالدَّوَابِّ وَسِمَنِهَا فَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ أَنَّ مَالِكًا لَا يُثْبِتُ الْخِيَارَ بِسِمَنِ الرَّقِيقِ وَالدَّوَابِّ وَلَا بِهُزَالِ الرَّقِيقِ وَلَا بِسِمَنِهِ وَشَبَهِهِ بِهُزَالِ الدَّوَابِّ، وَابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُثْبِتُهُ بِهُزَالِ الرَّقِيقِ وَيُثْبِتُهُ بِهُزَالِ الدَّوَابِّ وَسِمَنِهَا وَاخْتَارَ ابْنُ حَبِيبٍ أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ يُثْبِتُ الْخِيَارَ وَرَوَاهُ عَمَّنْ يَرْضَى مِنْ شُيُوخِهِ وَهِيَ رِوَايَةُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ كِنَانَةَ فِي الدَّوَابِّ، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ النَّقْصَ الْكَثِيرَ وَالزِّيَادَةَ فِي الْبَدَنِ تُثْبِتُ الْخِيَارَ دُونَ النَّقْصِ الْيَسِيرِ، وَأَمَّا صَلَاحُ الْبَدَنِ مَا لَمْ يَكُنْ سِمَنًا بَيِّنًا فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يُثْبِتُ الْخِيَارَ؛ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ فِي الْجِسْمِ خَاصَّةً، وَإِنَّمَا يَقَعُ الِاخْتِلَافُ بَيْنَهُمْ عَلَى حَسَبِ اعْتِقَادِهِمْ فِي نَقْصِ كَثِيرِ الْقِيمَةِ.

(فَرْعٌ) إذَا قُلْنَا إنَّ الْخِيَارَ يَثْبُتُ بِذَلِكَ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُخَيَّرًا بَيْنَ أَنْ يُمْسِكَهُ وَيَرْجِعَ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ أَوْ يَرُدَّ عَلَيْهِ قِيمَةَ مَا حَدَثَ عِنْدَهُ مِنْ النَّقْصِ وَمَا يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ فِي هَذَا مِنْ الزِّيَادَةِ فَإِنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يُمْسِكَهُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ أَوْ يَرُدَّهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الزِّيَادَةِ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ كِنَانَةَ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِنْ كَانَ النَّقْصُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْمَبِيعِ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ لِلْعَبْدِ مَالٌ مِنْ رَقِيقٍ أَوْ غَيْرِهِمْ يَشْتَرِطُهُ الْمُبْتَاعُ فَتَذْهَبُ أَوْ يَكُونَ عَلَى الْغَنَمِ أَصْوَافٌ فَتَذْهَبُ قَبْلَ الْجَزِّ وَمَعَ النَّخْلِ ثَمَرٌ فَيَتْلَفُ قَبْلَ الْجَدِّ فَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْمُبْتَاعِ فِي مَالِ الْعَبِيدِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْعَبْدَ بِمَا بَقِيَ مِنْ مَالِهِ وَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ فِيمَا مَلَكَ أَوْ يَرْضَى بِهِ وَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ مِنْ قِيمَةِ الْعَبِيدِ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ كِنَانَةَ، وَعِيسَى بْنُ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ.

(فَصْلٌ) :

وَأَمَّا الضَّرْبُ الثَّانِي مِنْ الْمَعَانِي الْمُوجِبَةِ لِلْخِيَارِ بِالزِّيَادَةِ فِي الْمَبِيعِ فَلَا يَخْلُو أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ فِي الْمَبِيعِ زِيَادَةَ الْقِيمَةِ دُونَ الْجِسْمِ أَوْ زِيَادَةً فِي عَيْنِ الْمَبِيعِ، فَأَمَّا الزِّيَادَةُ فِي الْقِيمَةِ دُونَ الْعَيْنِ كَالزِّيَادَةِ فِي النَّفَاذِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالْفَصَاحَةِ فَهَذَا لَا يُثْبِتُ الْخِيَارَ لِلْمُبْتَاعِ، وَأَمَّا الزِّيَادَةُ فِي عَيْنِ الْمَبِيعِ فَإِنَّهَا عَلَى قِسْمَيْنِ:

أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ نَمَاءٌ فِيهِ، وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ مَعْنًى مُضَافًا، فَإِنْ كَانَ نَمَاءٌ فِيهِ كَالدَّابَّةِ الْمَهْزُولَةِ تَسْمَنُ فَقَدْ قَالَ أَصْبَغُ عَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا نَفْيُ الْخِيَارِ وَالثَّانِيَةُ إثْبَاتُهُ، وَحُكِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إثْبَاتَهُ إذَا كَانَ سِمَنًا بَيِّنًا وَجْهُ إثْبَاتِهِ أَنَّهُ تَغَيُّرٌ فِي الْبَدَنِ فَوَجَبَ أَنْ يَثْبُتَ الْخِيَارُ بِهِ كَالْهُزَالِ الْبَيِّنِ، وَوَجْهُ نَفْيِهِ أَنَّهُ نَمَاءٌ مِنْ نَفْسِ الْمَبِيعِ لَيْسَ لِلْمُبْتَاعِ الْمُشَارَكَةُ فِيهِ فَلَمْ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ كَالنَّفَاذِ وَالْمَعْرِفَةِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ بِمَعْنًى يُضَافُ إلَى الْبَيْعِ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ نَمَاءً خَارِجًا مِنْهُ أَوْ صِفَةً ثَابِتَةً فِيهِ، فَإِنْ كَانَ نَمَاءً خَارِجًا مِنْهُ فَعَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ مِنْ جِنْسِ الْمَبِيعِ كَالْوَلَدِ وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ كَثَمَرَةِ الشَّجَرِ وَصُوفِ الْغَنَمِ وَأَلْبَانِهَا وَغَلَّةِ الْعَبِيدِ وَالرِّبَاعِ، فَأَمَّا الْوَلَدُ فَلَمْ أَرَ لِأَصْحَابِنَا فِيهِ نَصًّا عَلَيْهَا غَيْرَ مَا رَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ كِنَانَةَ فِيمَنْ ابْتَاعَ شَاةً حَامِلًا فَوَضَعَتْ عِنْدَهُ فَأَكَلَ كُلَّ سَخْلَتِهَا، ثُمَّ وَجَدَ عَيْبًا قَدِيمًا فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ أَوْ يَرُدَّ الشَّاةَ وَمَا نَقَصَ مِنْ ثَمَنِهَا يَوْمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>