للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ عِنْدَنَا فِيمَا أُصِيبَ مِنْ الْبَهَائِمِ أَنَّ عَلَى مَنْ أَصَابَ مِنْهَا شَيْئًا قَدْرَ مَا نَقَصَ مِنْ ثَمَنِهَا قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَكُونُ عَلَيْهِ الْقَتْلُ فَيُصِيبُ حَدًّا مِنْ الْحُدُودِ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ بِهِ، وَأَنَّ الْقَتْلَ يَأْتِي عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ إلَّا الْفِرْيَةَ فَإِنَّهَا تَثْبُتُ عَلَى مَنْ قِيلَتْ لَهُ يُقَالُ لَهُ مَا لَكَ لَمْ تَجْلِدْ مَنْ افْتَرَى عَلَيْك فَأَرَى أَنْ يُجْلَدَ الْمُفْتَرِي لِحَدٍّ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْتَلَ، ثُمَّ يُقْتَلَ، وَلَا أَرَى أَنْ يُقَادَ مِنْهُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْجِرَاحِ إلَّا الْقَتْلَ؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ يَأْتِي عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ) .

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ عِنْدَنَا أَنَّ الْقَتِيلَ إذَا وُجِدَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ قَوْمٍ فِي قَرْيَةٍ أَوْ غَيْرِهَا لَمْ يُؤْخَذْ بِهِ أَقْرَبُ النَّاسِ إلَيْهِ دَارًا وَلَا مَكَانًا، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ يُقْتَلُ الْقَتِيلُ، ثُمَّ يُلْقَى عَلَى بَابِ قَوْمٍ لِيُلْطَخُوا بِهِ فَلَيْسَ يُؤَاخَذُ أَحَدٌ بِمِثْلِ ذَلِكَ) .

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ النَّاسِ اقْتَتَلُوا فَانْكَشَفُوا، وَبَيْنَهُمْ قَتِيلٌ أَوْ جَرِيحٌ لَا يُدْرَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِهِ إنَّ أَحْسَنَ مَا سُمِعَ فِي ذَلِكَ أَنَّ فِيهِ الْعَقْلَ، وَأَنَّ عَقْلَهُ عَلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ نَازَعُوهُ، وَإِنْ كَانَ الْقَتِيلُ أَوْ الْجَرِيحُ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيقَيْنِ فَعَقْلُهُ عَلَى الْفَرِيقَيْنِ جَمِيعًا) .

ــ

[المنتقى]

أَنَّ قَوْمَهُ يَعْقِلُونَ عَنْهُ إذَا كَانَ الْجَانِي، وَعَاقِلَتُهُ عَلَيْهِ، وَفِي زَمَنِ أَبِي بَكْرٍ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ دِيوَانٌ يُرِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ التَّعَاقُلِ الدِّيوَانُ؛ لِأَنَّ التَّعَاقُلَ يَكُونُ بِالْأَنْسَابِ، وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ الدِّيوَانُ إذَا وُجِدَ وَثَبَتَ حُكْمُهُ بِالْعَطَاءِ مُذْ حَدَثَ رَسْمُ الدِّيوَانِ مِنْ زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ؛ لِأَنَّهُ أَخَصُّ مِنْ النَّسَبِ لِجَمْعِهِ أَهْلَ الدِّيوَانِ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ عَلَى عَطَاءٍ وَاحِدٍ، وَلِمُحَامَاةٍ وَاحِدَةٍ فَإِذَا عُدِمَ الدِّيوَانُ رَجَعَ الِاعْتِبَارُ إلَى الْأَنْسَابِ وَالْوَلَاءِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَنْتَقِلُ وَلَا تُغَيَّرُ، وَلِذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ الْوَلَاءُ نَسَبٌ ثَابِتٌ.

(ش) : وَهَذَا عَلَى مَا قَالَ إنَّ الْحُدُودَ تَدْخُلُ فِي الْقَتْلِ فَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ حَدٌّ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ زِنًى أَوْ شُرْبِ خَمْرٍ، وَوَجَبَ عَلَيْهِ الْقَتْلُ فِي قِصَاصٍ فَإِنَّ الْقَتْلَ يَأْتِي عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ، وَلَا يُؤْخَذُ بِالْحَدِّ؛ لِأَنَّهُ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَمَّا حَدُّ الْفِرْيَةِ فَيُؤْخَذُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ فَلَا تَسْقُطُ بِاسْتِيفَاءِ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلِمَا يَلْحَقُ الْمَقْذُوفُ مِنْ الْعَارِ وَالتَّغْيِيرِ بِتَحْقِيقِ مَا قِيلَ لَهُ حِينَ لَمْ يُحَدَّ قَاذِفُهُ، وَأَمَّا الْقِصَاصُ فِي الْأَطْرَافِ فَسَقَطَ أَيْضًا مَعَ الْقَتْلِ؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ يَأْتِي عَلَى إتْلَافِ ذَلِكَ الْعُضْوِ الَّذِي اسْتَحَقَّ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ إتْلَافَهُ، وَإِنَّمَا يَسْقُطُ عَنْهُ التَّعْذِيبُ بِقَطْعِ الْعُضْوِ قَبْلَ قَتْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ هَذَا التَّمْثِيلَ، وَلَوْ قَصَدَ التَّمْثِيلَ وَالتَّعْذِيبَ لَأُخِذَ بِمِثْلِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(ش) : وَهَذَا عَلَى مَا قَالَ إنَّ وُجُودَ الْقَتِيلِ فِي مَحَلَّةِ قَوْمٍ أَوْ عِنْدَ دَارِهِمْ لَا يُوجِبُ لَطْخًا، وَلَا يُعَلِّقُ بِهِمْ تُهْمَةً قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ فَلَا يُوجِبُ ذَلِكَ قَوَدًا وَلَا دِيَةً قَالَ مَالِكٌ وَدَمُهُ هَدَرٌ، وَوَجْهُ ذَلِكَ مَا احْتَجَّ بِهِ مَالِكٌ مِنْ أَنَّ الْقَاتِلَ قَدْ يُبْعِدُهُ مِنْ مَحَلَّتِهِ وَيُلْقِيهِ فِي مَحَلَّةِ غَيْرِهِ، وَعِنْدَ دَارِ مَنْ يُرِيدُ إذَايَتَهُ، وَرُبَّمَا أَلْقَاهُ الْقَاتِلُ عِنْدَ دَارِ أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ، وَفِي مَحَلَّتِهِمْ فَتَجْتَمِعُ الْجِنَايَةُ عَلَيْهِمْ وَأَخْذُ الْقَوَدِ أَوْ الدِّيَةِ مِنْهُمْ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ وُجِدَ فِي مَحَلَّةِ أَعْدَائِهِ فَيَدَّعِي وُلَاتُهُ أَنَّهُمْ قَتَلُوهُ قَالَ الْمُغِيرَةُ فِي الْمَجْمُوعَةِ لَا شَيْءَ عَلَى مَنْ وُجِدَ فِي مَحَلَّتِهِ إلَّا أَنْ يُسْتَبْرَأُ قَدْرَ مَا تَكُونُ الظِّنَّةُ يُرِيدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ الْبَحْثَ عَمَّا يُوجِبُ عَلَيْهِمْ ظِنَّةً أَوْ يُقَوِّي تُهْمَةً، وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي رَجُلٍ نَزَلَ عِنْدَ امْرَأَةٍ فَوُجِدَ عِنْدهَا مَيِّتًا فَاتَّهَمَهَا وَلِيُّهُ فَقَالَ لَا يَقْدِرُ أَنْ يُثْبِتَ وَجْهَ التُّهْمَةِ إلَّا أَنْ يَكْشِفَ أَمْرَهَا فَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُتَّهَمَةٍ لَمْ تُحْبَسْ، وَيُخْلَى سَبِيلُهَا، وَمَنْ مَاتَ مِنْ زِحَامٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ وُجِدَ مَيِّتًا حِينَ يَفِيضُ النَّاسُ مِنْ عُمْرَةٍ أَوْ مَاتَ فِي مِنًى مِنْ زِحَامِ النَّاسِ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ لَا شَيْءَ فِيهِ مِنْ دِيَةٍ وَلَا غَيْرِهَا، وَلَا قَسَامَةَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا تَتَعَلَّقُ التُّهْمَةُ بِمُعَيَّنٍ وَلَا مُعَيَّنِينَ، وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ عَنْ قَتِيلٍ وُجِدَ فِي أَرْضِ الْمُسْلِمِينَ لَا يَدْرُونَ مَنْ قَتَلَهُ فَبَطَلَ دَمُهُ لِمَا ذَكَرْنَاهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(ش) : وَهَذَا عَلَى مَا قَالَ إنَّ مَنْ قُتِلَ بَيْنَ الْفِئَتَيْنِ فِي الثَّائِرَةِ تَكُونُ بَيْنَهُمْ فَإِنَّ كُلَّ فِرْقَةٍ تَضْمَنُ مَنْ أُصِيبَ مِنْ الْفِرْقَةِ الْأُخْرَى، وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُعْلَمْ مَنْ قَتَلَهُ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ قَتِيلَ كُلِّ فِرْقَةٍ إنَّمَا قَتَلَتْهُ الْفِرْقَةُ الْأُخْرَى، وَلَا قِصَاصَ فِيهِ لِتَعَذُّرِ مَعْرِفَةِ قَاتِلِهِ وَعَدَمِ اتِّفَاقِ الطَّائِفَةِ الْأُخْرَى عَلَى قَتْلِهِ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا الدِّيَةُ، وَلَا يُحْتَاجُ

<<  <  ج: ص:  >  >>